أوروبا: رعب بين الأوساط الإسلامية عقب الإعلان عن تورط جهادي «جزائري»

وصفوه بـ«الكارثة» وحذروا من استغلال اليمين المتشدد للربط بين الإسلام والإرهاب

TT

ما إن أعلنت مصادر رسمية فرنسية أمس أن المشتبه في ارتكابه جرائم القتل في تولوز ومونتوبان، جهادي مسلم ينتمي إلى تنظيم القاعدة، حتى سارعت الفعاليات والجمعيات الإسلامية في مختلف دول الاتحاد الأوروبي، في الإعلان عن مخاوفها من أن تستغل الأحزاب اليمينية المتشددة هذا الأمر، في توجيه انتقادات للإسلام والمسلمين، والربط بين الإرهاب والإسلام، مما سينعكس بشكل سلبي على الجاليات المسلمة في أوروبا.

ففي بروكسل قال نور الدين الطويل، رئيس الجمعية العامة للهيئة التنفيذية للمسلمين في بلجيكا لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما حدث يعتبر كارثة، والذين لا عقل لهم يلجأون للقتل والإرهاب، لا يعلمون أن المسلم ينبغي عليه أن يدعو إلى السلم والسلام، ويتفوق على غيره بالأخلاق والعلم، حتى يكون الأفضل بالأخلاق وليس بالقتل والترهيب، وتطورات حادث تولوز والإعلان عن وجود مشتبه به مسلم، سيكون له نتائج سلبية للغاية على المسلمين في أوروبا، وسيتعرضون لضغوطات شديدة، وخاصة من اليمين المتشدد، الذي يحاول دائما الربط بين الإسلام والإرهاب - بحسب الطويل - وهذا ما نرفضه، وستحاول الأحزاب اليمينية المتشدد، أن تستغل هذا الأمر في الانتخابات للتحريض على المسلمين».

وفي هولندا قال إبراهيم سيد أحمد مصري، إن ما حدث في تولوز يعيد الأذهان إلى ما تعرض له المسلمون في هولندا، عقب الإعلان عن تورط المغربي محمد بويري في قتل المخرج الهولندي ثيوفان جوخ 2004 بسبب فيلمه «الخضوع»، والذي تضمن مشاهد عارية لسيدات مكتوب على أجسادهن آيات قرآنية، واستغلت الأحزاب اليمينية الحادث، وتعرض المسلمون لضغوط واتهامات في كل مكان.

وفي ألمانيا حذر المجلس المركزي للمسلمين من وقوع حوادث مشابهة لحادثة مدينة تولوز. وقال رئيس المجلس أيمن مازيك خلال مقابلة مع صحيفة «نويه أوسنابروكر تسايتونغ» الألمانية الصادرة أمس، إن هناك وجها للمقارنة بين سلسلة الجرائم التي ارتكبتها خلية يمينية متطرفة مكونة من ثلاثة نازيين جدد في ألمانيا، وسلسلة جرائم القتل التي وقعت في فرنسا. يشار إلى أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كان قد كشف النقاب عن تورط خلية «إن إس يو» والمعروفة باسم «خلية تسفيكاو» النازية الجديدة في سلسلة من جرائم القتل التي راح ضحيتها تسعة أجانب وشرطية ألمانية في الفترة بين 2000 حتى 2006. وعزا مازيك وجهة نظره إلى أن اليمينيين المتطرفين في الدول المختلفة على اتصال جيد عبر شبكات الإنترنت.

وفي باريس حذر مسؤولو مسلمي فرنسا من مغبة الخلط بين تلك التصرفات والإسلام الذي يعتبر ثاني ديانة في فرنسا. وعقب الإعلان عن هوية مرتكب الحادث، أعلن محمد موسوي رئيس مجلس مسلمي فرنسا أن «تلك التصرفات متناقضة تماما مع أسس ديننا» مؤكدا أن «مسلمي فرنسا مصدومون من تبنيه الانتماء إلى هذا الدين». وحذر عميد مسجد باريس دليل أبو بكر، أحد أكبر المراجع الإسلامية في فرنسا، أمس من «الخلط» بين الإسلام وهجمات تولوز (جنوب غرب) التي يشتبه في أن رجلا قال إنه جهادي متورط فيها. وقال أبو بكر: «لا تخلطوا بين الإسلام وهو دين سلمي ودين مواطنة ومسؤولية غير عنيف ومندمج تماما في بلادنا، وتلك الفئات الصغيرة جدا المصممة على ارتكاب شر شنيع». وأضاف عميد مسجد باريس: «سنبذل كل ما في وسعنا كي لا تلطخ تأويلات مغرضة وانحرافات وخلط كما يقال، مجموعتنا الإسلامية في فرنسا التي أثبتت في أكثر من مرة ولاءها إلى مؤسساتنا ومواطنتنا وإلى السلام والتسامح». وقد استقبل الرئيس نيكولا ساركوزي صباح أمس موسوي برفقة مسؤول مجلس المؤسسات اليهودية في فرنسا ريشار براسكييه. وصرح براسكييه أن «قدومنا معا» يدل على «شيء أساسي: وهو أن الخلط بين ذلك الشخص والتيار الإسلامي الجهادي القاعدي الذي يمثله وإسلام فرنسا الذي هو دين مثل كل الأديان، غير وارد قطعا»، مؤكدا أن «من بين أعداء ذلك الرجل هناك تحديدا مسلمو فرنسا». وقد استقبل الرئيس أول من أمس المسؤولين اللذين قاما بالدعوة إلى مسيرة صامتة الأحد في باريس تحت شعار واحد هو «لا لمعاداة السامية ولا للعنصرية». وقالت السلطات في باريس إن المشتبه فيه الذي حاصرته الشرطة في منزل في تولوز، فرنسي من أصل جزائري في الرابعة والعشرين يدعى محمد مراح.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان في تولوز أنه «جهادي ينتمي إلى «القاعدة» يريد «الثأر للأطفال الفلسطينيين والانتقام من الجيش الفرنسي». وخلافا للردود الدينية والسياسية الأولى، قالت مرشحة الجبهة الوطنية (أقصى اليمين) مارين لوبان إن «خطر التطرف الإسلامي لم يؤخذ على محمل الجد» في فرنسا وإنه لا بد من «محاربته».