الفلسطينيون: الحكومة الإسرائيلية تتاجر بأراضينا مع المستوطنين

المحكمة العليا في القدس المحتلة تنظر اليوم في القضية التي رفعتها حركة «السلام الآن»

مبعوث الرباعية توني بلير يتحدث إلى منسقة الشؤون الخارجية الأوروبية أشتون خلال اجتماع الدول المانحة في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

بطلب من حركة «السلام الآن» الإسرائيلية ومجموعة من أصحاب الأراضي الفلسطينيين، تبحث محكمة العدل الإسرائيلية العليا اليوم، طلبا بإلغاء اتفاقية الحكومة الإسرائيلية مع المستوطنين في منطقة رام الله، الذي يقضي بإلغاء البؤرة الاستيطانية «مغرون» ونقلها إلى مكان مجاور، ولكن من دون إعادة الأرض لأصحابها الفلسطينيين.

ويقول الفلسطينيون في الدعوى إن حكومة إسرائيل تفاوضت مع المستوطنين، الذين كانوا قد بنوا هذه البؤرة الاستيطانية بشكل مخالف حتى للقانون الإسرائيلي ونهبوا أراضيهم الخاصة، وراحت تتاجر بأرضهم من دون علمهم. وأنها، أي الحكومة، منحت المستوطنين المخالفين جائزة مجانية على مخالفاتهم وضربت بمصالح الفلسطينيين عرض الحائط وقدمت للمستوطنين «تنازلات غير مفهومة» على حسابهم.

وكان وزير الدولة في الحكومة الإسرائيلية، بيني بيغن، قد توصل إلى اتفاق في 12 مارس (آذار) الحالي مع المستوطنين في «مغرون» يقضي بنقلهم إلى مكان قريب لبناء مستوطنة جديدة. ويستجيب لمطلبهم بأن لا تهدم البيوت التي أقاموها ولإبقائها طيلة 3.5 سنة وعدم تسليمها للفلسطينيين، على أمل أن تتغير الظروف السياسية كي يستطيعوا شراء الأرض من الفلسطينيين ويعودوا للاستيطان فيها.

واعتبرت حركة «السلام الآن» هذا الاتفاق، خطوة في نهج حكومي متصاعد لتوسيع وتكثيف الاستيطان وفرض أمر واقع على الأرض يمنع في المستقبل إقامة دولة فلسطينية. وأرفقت الحركة دعواها بتقرير عن الاستيطان يشير إلى أن الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، وبعد تجميد للبناء دام سنتين لمشاريع استيطان جديدة، أقدمت في سنة 2011 على مباشرة العمل في بناء 1850 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية وآلاف الوحدات في القدس الشرقية المحتلة، وعرضت للتخطيط والمناقصات 1577 وحدة سكنية في الضفة الغربية ونحو 10 آلاف وحدة في أحياء القدس الشرقية.

وكان الكنيست، قد استبق البحث في المحكمة بسن قانون، بأغلبية 34 صوتا ومعارضة 14 صوتا، بالقراءة الأولى، يمنح امتيازات كثيرة لتشجيع الاستيطان، وذلك من خلال منح تسهيلات ضريبية لممولي المشاريع الاستيطانية. وينص مشروع القانون، الذي تقدم به رئيس الائتلاف عضو الكنيست من الليكود زئيف إلكين، وعضو كتلته، تسيون بنيان، على منح المتبرعين لجمعيات تقوم بالاستيطان، تخفيضا في ضريبة الدخل يصل إلى 35 في المائة من قيمة التبرع، وذلك من خلال تعريف «الاستيطان» في القانون على أنه من «أهداف خدمة الجمهور» على غرار الامتيازات الممنوحة للجمعيات التي تشجع التعليم والثقافة والصحة.

وخلال مناقشة مشروع القانون، في الهيئة العامة للكنيست، قال النائب جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني، إن «الكنيست سجل قمة جديدة في الوقاحة والانحطاط الأخلاقي، فهو من جهة يفرض تقييدات وعقوبات على جمعيات حقوق الإنسان ومن جهة ثانية يمنح امتيازات وتسهيلات لجمعيات الاستيطان الاستعماري.. قانون يمنح الامتيازات لمن يخرق القانون الدولي، وعقوبات على من يدعو للمحافظة عليه. إنه المنطق المقلوب لهذه الحكومة».

وكشف زحالقة عن أن هذا القانون يمنح التسهيلات لجمعيات استعمارية مثل تلك التي تعمل على تهويد القدس المحتلة «إلعاد» و«عطيرت كوهانيم». ويشجع الجمعيات التي تعمل على الاستيطان على الأراضي العربية في الجليل والنقب ويشجع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وفي الجولان السوري المحتل.

وكان التقرير الذي أعده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا)، قد أشار إلى أنه يوجد حاليا 56 نبعا في الضفة الغربية بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية منها 30 نبعا تم الاستيلاء عليها بالكامل ومنع الفلسطينيين من دخولها بينما تظل الينابيع الباقية وعددها 26 عرضة «لخطر استيلاء المستوطنين عليها نتيجة ما يقومون به من جولات منتظمة وأعمال الدورية». وأوضح مكتب الأمم المتحدة أن «الينابيع بقيت أكبر مصدر مائي للري ومصدرا مهما للاستهلاك المنزلي» للفلسطينيين. وأضاف أن عدم القدرة على الوصول إلى ينابيع المياه واستخدامها، قوض سبل عيش الفلسطينيين وأمنهم واضطر الكثير من المزارعين إما إلى ترك زراعة الأرض أو مواجهة تقلص الإنتاجية. وأشار التقرير إلى أن الاستيلاء على الينابيع هو امتداد للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، منوها بأنه غير قانوني بحسب القانون الدولي.

وجدير بالذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية، أصدرت أول من أمس، أمرا يلزم رئيس الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، بإخلاء أراض فلسطينية تعود لأحد المواطنين قرب مستوطنة «قدوميم» قرب نابلس. وحسب بيانات المحكمة، فإن أحد المستوطنين كان قد استولى على أرض تعود لأحد المواطنين قرب قدوميم وغرس فيها أشجار الزيتون، من دون إذن صاحب الأرض. وبذلك تلغي المحكمة قانونا يعود إلى العهد العثماني، يطبقه المستوطنون وهو أن الأرض من حق من يفلحها ويزرعها.