مدير بشبكة «أخبار حلب» المنشقة يؤكد وجود حرب إلكترونية نسقها يتصاعد بالتوازي مع ما يحدث ميدانيا

أحمد الحلبي: تعاملنا المباشر كان مع الأمن السياسي وليس مع القصر

TT

لم يعد الانشقاق في سوريا مقتصرا على العسكريين والموظفين الرسميين، بل تجاوز ذلك إلى صفحات «فيس بوك»، فقد أعلنت صفحة «شبكة أخبار حلب» انشقاقها عن صف السلطة وانضمامها لصفوف الثوار. وجاء الانشقاق وفقا للبيان الذي نشره مدير الصفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بعد مجزرة حيي العدوية وكرم الزيتون الأسبوع الماضي، التي راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلا.

وبعد انشقاق الصفحة التي تضم نحو 50 ألف مشترك، غيرت شعارها من العلم السوري الرسمي إلى علم الاستقلال.

وفي حين اتهم مؤيدون للرئيس السوري بشار الأسد قراصنة الإنترنت باختراق الصفحة وإعلان بيان الانشقاق، أكد أحمد الحلبي، أحد مديري شبكة «أخبار حلب» لـ«الشرق الأوسط» أن الانشقاق تم بالفعل، وقال «إن انشقاق الشبكة، بما تمثّله من أهمية في الشبكة الإلكترونية للنظام، تمثّل انكسارا كبيرا للنظام، وتظهر أن الانشقاقات ليست محصورة في عناصر الجيش والسياسيين، وأن الأطراف المختلفة بدأت بالتخلي عن النظام، دوليا ومحليا، بل إن القادم من الانشقاقات سوف يكون كبيرا». وأكد أحمد الحلبي وجود حرب إلكترونية بين المعارضين السوريين والأسد وبأن نسقها يتصاعد بالتوازي مع نسق ما يحدث ميدانيا، وقال «هناك حرب متواصلة، وقد كانت التعليمات تأتي بشكل دائم لتتبع صفحة الثورة السورية، والرد على ما تطرحه على صفحاتنا بشكل غير مباشر، والتشكيك بها بشكل متواصل، سواء على صفحاتنا أو على الصفحة نفسها».

وقال الحلبي إن «موقع (شبكة أخبار حلب) كان من أهم الصفحات السورية المؤيدة للنظام، وهو موقع يهتم أساسا بالشأن المحلي لمدينة حلب. وانطلق بعد بداية الثورة، من أجل جمع أنصار الرئيس، كجزء مما أصبح يعرف بعمليات الجيش الإلكتروني».

وأضاف «وقد كان دور الشبكة، كما هو الشأن بالنسبة لكل الشبكات الأخرى المؤيدة للنظام، هو التشكيك بالثوار، واتهامهم بالخيانة والعمالة.. إلخ، وشحذ الروح المعنوية للمؤيدين».

وتحدث الحلبي عن أن للجيش الإلكتروني أربع مهام أساسية، وهي التشكيك بالثورة، وبأخبارها، واتهام المعارضين بالخيانة، وبتلفيق الأخبار والصور والفيديوهات، كي لا يُترك مجال للمؤيدين بالتفكير في هذه الأفكار والفيديوهات، وتوفير نظريات بديلة عن نظريات الثوار.

وكذلك تقديم الدعم المعنوي للمؤيدين، من خلال تقديم الدعاية اللازمة لشحن معنوياتهم، وإظهار التأييد الكبير للنظام في كل أنحاء سوريا، كي لا يتأثر المؤيدون بالصور والفيديوهات التي تبثها مواقع الثورة على مدار الساعة.

وأيضا الدخول بين الثوار وعلى صفحاتهم، وأوضح «هنا تنقسم مهام الفرق إلى قسمين؛ قسم يقوم بشتم الثوار، لإظهار أن مؤيدي النظام موجودون بكثرة، ولا يتسامحون مع من يتطاول عليه، وقسم للدخول بصفة الثوار، ويقوم بالدفع تجاه أفكار معينة، من أجل شق الثوار، وحسب التعليمات التي تكون موجودة وقتها، ومن آخر المهام التي كان الجيش الإلكتروني يقوم بها قبل انشقاقنا هي محاولة زرع الفتنة الطائفية، وتأجيج الخطاب الطائفي لدى المؤيدين للثورة، من خلال التعليقات والنقاشات على صفحة الثورة السورية».

كما يعمل الجيش الإلكتروني، حسب الحلبي على ضرب صفحات ومواقع الثورة، من خلال عمليات القرصنة، أو عمل حملات ضد صفحة معينة على «فيس بوك»، أو ضد فيديو معين على «يوتيوب».

وقال الحلبي «تعاملنا المباشر كان مع الأمن السياسي وليس مع القصر». وأضاف أن الشبيحة الإلكترونيين يستفيدون من مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إنشاء المجموعات المغلقة على «فيس بوك»، والتي يقومون فيها بالتواصل، وتداول التوجيهات والأوامر، وقد كنا أعضاء في كثير من هذه المجموعات قبل أن يتم فصلنا.

وأكد الحلبي في أجوبته عن أسئلة «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني، أن المواقع الاجتماعية لعبت دورا كبيرا في مساعدة الثورة، وقال «وقد أدرك النظام أهمية هذا الأمر، وقام باستخدامه وتفعيله إلى أقصى درجة، فقد وفرت المواقع الاجتماعية للمؤيدين فرصة للالتقاء بالمؤيدين الآخرين، كما حصل الأمر تماما لدى مواقع الثورة».

وحول أسباب تأخرهم في الانشقاق عن الأسد، قال الحلبي «منذ أن بدأنا التفكير بالانشقاق، أخذ الأمر معنا فترة من الزمن إلى أن استطعنا تأمين عائلاتنا خارج القطر، وبشكل لا يلفت الانتباه». وأضاف «فنحن أيضا مسجونون في سجون النظام، رغم العلاقة المباشرة مع الأمن، فلم نكن نستطيع إطفاء الهاتف، حتى لو لوقت الراحة، لأننا إذا لم نجب على مكالمة من الفرع، ولو في الساعة الثالثة صباحا قد يفهمها الضابط بشكل خاطئ، ويؤدي إلى مشكلة نحن في غنى عنها».

وأوضح «هنا لا بد من الإشارة إلى أن كل رجالات النظام، بما فيهم الدبلوماسيون والسياسيون الكبار، لا يستطيعون إخراج عائلاتهم خارج سوريا، ولو كان لا بد لأحد الأبناء أن يسافر لسفر أو ما شابه ذلك، فتقوم أجهزة الأمن بالتأكد من وجود البقية داخل سوريا».

وعن كيفية مساعدة الشبكة المنشقة للثورة، قال أحمد الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن أن نساعد الثورة من خلال تواصلنا مع مشتركي الشبكة، فأعضاؤنا في معظمهم هم من غير أعضاء صفحات الثورة، وكثير منهم من الأغلبية الصامتة، وبالتالي فإن ما يصلهم الآن وما يسمعونه هو شيء جديد تماما بالنسبة لهم».

وحول قدرات الجيش الإلكتروني للنظام في تعطيل عمل الشبكة، قال الحلبي «قد يستطيع الجيش الإلكتروني أن يعطل عملنا، فهو جهاز تابع لدولة (أو لعدة دول)، بينما نحن مجموعة أفراد. لكن نحن نستعين الآن بصفحة الثورة السورية، التي تمدنا بالدعم الفني اللازم للحماية، ونستفيد من خبراتهم الأمنية العالية في مجال الحماية».

وبالنسبة لعدد المنخرطين وإمكانية تراجعهم بعد الانشقاق، قال الحلبي «مع بداية الانشقاق، خرج بعض الأعضاء من الصفحة، فهناك الكثيرون ممن يخافون البقاء في صفحات معارضة، لأنهم يعتقدون أنهم بذلك يضعون (نقاطا حمراء) في ملفاتهم الأمنية، وعلى العكس، يقوم معظم من لديه (فيس بوك) في سوريا بتسجيل الإعجاب بعدد من الصفحات المؤيدة لإظهار تأييده للنظام، ولكي لا يتهم بأنه متردد في إظهار هذا التأييد».

وعن الدعم الإلكتروني الذي يلقاه الأسد لمراقبة المواقع الإلكترونية والمراسلات، قال «ما نعرفه بشكل مباشر هو الدعم الإلكتروني الذي يقوم به حزب الله، فهناك في الجيش الإلكتروني فرق كاملة في لبنان، وهي مدعومة فنيا أكثر من الفرق السورية، وكثير من المعلومات والتوجيهات نحصل عليها من خلالهم. كما سمعنا أن وجود دعم إلكتروني من إيران، وقد ورد ذكر ذلك عدة مرات بشكل عابر في بعض الجلسات مع الضابط المسؤول عن الشبكة في الأمن السياسي».