مجلس الأمن يصدر بيانا «غير ملزم» يطالب الحكومة السورية بتنفيذ خطة أنان

روسيا حذفت عبارات الإدانة والمهلة > كلينتون تحذر دمشق من «مزيد من الضغوط»

صورة من موقع أوغاريت لمظاهرة أربعاء الوفاء لأم الشهيد في حي الحجر الاسود بدمشق
TT

أصدر مجلس الأمن بإجماع أعضائه الخمسة عشر بيانا رئاسيا «غير ملزم» لتأييد جهود ومقترحات المبعوث الدولي للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان، وأدلى مندوب بريطانيا لدى مجلس الأمن مارك غرانت بنص البيان في اجتماع رسمي أمس، حيث يدعو البيان إلى دعوة الحكومة السورية والمعارضة للعمل بحسن نية، والتنفيذ الفوري لمقترحات انان بوقف إطلاق النار ووقف كافة أشكال العنف وإجراء محادثات شاملة والإفراج عن المعتقلين وتنفيذ هدنة ساعتين يوميا لضمان وصول المساعدات الإنسانية.

وأشار دبلوماسي بريطاني بمجلس الأمن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نص البيان راعى الاعتراضات الروسية السابقة في محاولة لكسب تأييد روسيا والصين والخروج بإجماع على البيان، بعد أن قامت روسيا والصين بالاعتراض واستخدام حق الفيتو مرتين في القرارات المدعومة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإدانة نظام الأسد، كما خففت فرنسا من تشددها لإصدار بيان يدين النظام السوري بعد مناقشات استمرت مساء الثلاثاء للتوصل لصيغة نهائية للإعلان الرئاسي».

وأوضح الدبلوماسي البريطاني أن فرنسا أصرت على الإعراب عن بالغ القلق إزاء تدهور الأوضاع في سوريا، والتي أسفرت عن أزمة خطيرة للأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان. وأصرت على عبارة «دعم جهود المبعوث لوضع نهاية فورية لجميع أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا».

وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أن المسودة الأولى للبيان احتوت على عبارة «أن يقوم مجلس الأمن باتخاذ مزيد من التدابير إذا فشل النظام السوري في تحقيق تقدم كاف»، وهي تدابير فسرتها روسيا بأنها تحتمل فرض عقوبات أو القيام بعمل عسكري، وطالبت بحذفها - ونجحت بالفعل - من نص البيان. وحذرت روسيا من أي عبارة تحمل صيغة إنذار أو تهديد للحكومة السورية، وطالبت ببيان متوازن يحمل مسؤولية العنف لكل من الحكومة السورية والمعارضة معا، ويبعد تمام البعد عن أي عبارة تشير إلى إمكانية تدخل خارجي في الأزمة السورية كما حدث في ليبيا.. وأضافت بالبيان عبارة «التزام مجلس الأمن باستقلال ووحدة وسلامة الأراضي السورية».

وأكد الدبلوماسي البريطاني أن البيان الرئاسي تراجعت فيه بالفعل صيغة التهديد في البيان واكتفى بعبارة «اتخاذ المزيد من الخطوات وفقا لما تقتضيه الحاجة»، ومطالبة كوفي انان بتقديم تقارير بانتظام للمجلس حول التقدم المحرز في مهمته. كما نجحت روسيا في حذف الفترة الزمنية التي حددتها المسودة، والتي نصت على سبعة أيام كمهلة للنظام السوري والمعارضة لتنفيذ مقترحات انان.

وأوضح المصدر أن أحد نقاط الخلاف مع روسيا وسوريا والغرب هو تسلسل وقف إطلاق النار، حيث طالبت سوريا أن تبدأ المعارضة بإلقاء السلاح أولا، وأصرت الدول الغربية - على رأسها الولايات المتحدة – على أن تبدأ القوات الحكومية السورية بالتوقف عن القتل باعتبارها المسؤولة عن معظم أعمال القتل.. فيما طالبت روسيا بتوقف أعمال العنف والقتل من الجانبين في وقت واحد. وقد طالب بالفعل نص البيان «المعدل» الحكومة السورية بتوقف تحركات القوات العسكرية ووقف استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق السكانية، بحيث تجري هذه الإجراءات بالتزامن مع قيام المبعوث كوفي انان بالحصول على التزامات مماثلة من المعارضة السورية دون ذكر أي إطار زمني.

من جهتها، أشادت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس بالبيان، وحضت الرئيس السوري على تطبيق خطة كوفي انان لحل الأزمة وإلا فإنه سيواجه «المزيد من الضغوط».

وقالت كلينتون إن الخطوة التي اتخذها مجلس الأمن المنقسم حيال الأزمة في سوريا «إيجابية»، وذلك بعد تبني المجلس بيانا يطالب سوريا بالتطبيق الفوري لخطة وقف العنف التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان. وصرحت للصحافيين: «نقول نحن والمجتمع الدولي للرئيس الأسد ونظامه، اسلك هذا الطريق والتزم به، وإلا فإنك ستواجه المزيد من الضغوط والعزلة». ودعت كلينتون «جميع السوريين الذين يحبون بلدهم ويحترمون تاريخها ويدركون القدرات الهائلة الكامنة في العمل معا» إلى تنفيذ الخطة.

وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الأفغاني زلماي رسول: «نعتقد أنه من المهم جدا أننا متحدون جميعا الآن وراء مهمة كوفي انان»، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع المعارضة السورية على الإعداد لمرحلة انتقال السلطة المحتملة في سوريا. وأضافت «نحن ندعو الجيش السوري كذلك إلى رفض الأوامر بإطلاق النار على المواطنين أبناء وطنهم، كما ندعو مجتمع الأعمال الذي ما زال يؤيد النظام إلى العمل على تطبيق بيان مجلس الأمن ومهمة انان».

وعقب إعلان البيان، ناشد كوفي انان، الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية، دمشق أمس «الرد إيجابا» على دعوة مجلس الأمن الدولي للسلطات السورية إلى تطبيق خطة الست نقاط التي طرحها لحل الأزمة.

وقال أحمد فوزي المتحدث باسم انان إن «الدعم المتضامن لمجلس الأمن في ما يتعلق بجهوده شجعه (انان) وهو يناشد السلطات السورية الرد إيجابا» على خطته. وأوضح فوزي أيضا أن الخبراء الذين أرسلهم انان إلى سوريا التقوا مسؤولين سياسيين كبارا في دمشق الاثنين والثلاثاء والأربعاء.

إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس أن بعثة تقييم المساعدات الإنسانية الدولية في سوريا زارت مدينة ادلب (شمال غرب) التي سيطر عليها الجيش قبل أسبوع. وذكرت الوكالة أن «وفدا مشتركا من الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي قام بزيارة الحي الشمالي والضبيط والناعورة في مدينة ادلب اليوم وأبدى ارتياحه لواقع المدينة حيث بدت الحياة طبيعية هادئة والخدمات متوفرة».

وأشارت إلى أن الوفد التقى محافظ المدينة الذي لفت إلى «أهمية زيارة الوفد في الاطلاع على حقيقة ما يجري على أرض الواقع، وأن يستمع إلى المواطنين المتضررين من إرهاب المجموعات الإرهابية المسلحة وممارساتها الإجرامية».

ونقلت الوكالة عن رئيس الوفد قوله إن «الجولة تندرج في إطار زيارة سوريا للوقوف على الواقع في المناطق المتوترة التي شهدت ضررا في البنية الاقتصادية»، إضافة إلى «لقاء المواطنين والاستماع لوجهات نظرهم ومقترحاتهم في هذا الجانب».

وأضافت الوكالة أن وفد البعثة التقييمية التي تضم نحو خمسين شخصية من دول متعددة كان التقى الاثنين محافظ حماه (وسط) ومتطوعين من الهلال الأحمر العربي السوري وأعضاء جمعيات أهلية وخيرية وإنسانية.

وأعلنت المسؤولة عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري اموس الخميس الماضي أن الأمم المتحدة ستشارك للمرة الأولى في مهمة تقييم للأوضاع الإنسانية في سوريا تنظمها دمشق. وهي المرة الأولى التي تسمح فيها دمشق للأمم المتحدة بعملية التقييم هذه التي ستشمل المناطق التي تشهد أعمال عنف منذ اندلاع حركة الاحتجاج في سوريا قبل عام.