شوارع مصر بلا مواصلات عامة.. والحكومة «تتنصل»

إضراب «عمال النقل» يتواصل لليوم الثامن.. وشح في الوقود

السيارات اصطفت في طوابير طويلة بمحطات الوقود بالقاهرة بعد اشتداد الأزمة (أ.ف.ب)
TT

فشلت الحكومة المصرية في احتواء إضراب عمال هيئة النقل العام الذي دخل يومه الثامن، وسط محاولات من جانب السلطات المحلية لاحتوائه، واتهامات بعدم تقدير ما وصف بـ«المسؤولية الوطنية» من جانب العمال المضربين، الذين هددوا بالتصعيد، ردا على عدم الاستجابة لمطالبهم، وبينما تسبب إضراب العمال في إصابة حركة المواصلات بالشلل التام، اشتدت وطأة أزمة نقص الوقود في القاهرة وعدد من محافظات الجمهورية.

وشهدت مواقف الحافلات في القاهرة والمحافظات إضرابا جماعيا للعاملين في النقل العام الذين هددوا بعدم فضه؛ إلا بعد تحسين أوضاعهم المالية، قائلين إن «الحكومة تصر على إهانة كرامتنا ولا حركة لأي حافلة من دون الحصول على حقوقنا».

وتجاهلت الحكومة الإضراب وأعلنت تخليها عن مسؤوليتها في الأزمة، وقال محمد الشحات مدير إعلام وزارة النقل، إن «هيئة النقل العام ليست تابعت للوزارة لكونها تتبع المحافظات باعتبارها وسائل نقل داخلية»، نافيا وجود أي اتصال بين وزير النقل والمحافظين لاحتواء الأزمة، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» ليس من صلاحيات الوزير أن يتحدث مع المحافظ في هذا الشأن.

فيما وصف خالد مصطفى المسؤول الإعلامي لمحافظة القاهرة مطالب العمال بـ«التعجيزية»، واتهم سلوكهم بالبعد عن المسؤولية الوطنية، خاصة فيما تمر به البلاد من أحداث، كاشفا أن «المحافظة تحتاج 50 مليون جنيه إضافية على ميزانية الهيئة كل عام لتحقيق مطالب العمال».

وأضاف مصطفى لـ«الشرق الأوسط» أن «نقل تبعية هيئة النقل العام لوزارة النقل ليست في سلطات المحافظة، ولا بد أن يصدر بها تشريع من مجلس الشعب (البرلمان) ومجلس الوزراء»، مشيرا إلى أنه «منذ اليوم الأول للإضراب وعد محافظ القاهرة، المهندس عبد القوي خليفة، العمال بدراسة مطالبهم المالية، خاصة أنها لا تدخل في اختصاصاته، ولا بد من الرجوع لوزير المالية ورئيس الوزراء.

وقال مصطفى إن «محافظ القاهرة عقد أكثر من لقاء مع العمال المضربين كان آخرها أول من أمس، وأبلغهم بموافقة وزير المالية على صرف مكافأة شهر ونصف شهر عن كل عام في الخدمة أسوة بزملائهم في الإسكندرية، بشرط فض الإضراب.. وهو ما رفضه العمال»، كاشفا وجود اتصالات مستمرة مع ممثلي النقابات العمالية لاحتواء الأزمة.

ويزيد إضراب عمال حافلات النقل (وهي الوسيلة التي يعتمد عليها معظم السكان)، من الضغوط التي تواجهها حكومة الدكتور كمال الجنزوري، التي تلاحقها انتقادات حادة على المستويين السياسي والاقتصادي. ودخل أمس، إضراب عمال النقل يومه الثامن بجميع جراجات الهيئة الـ27، للمطالبة بتنفيذ المسؤولين لوعودهم بنقل تبعية الهيئة من محافظة القاهرة إلى وزارة النقل، أسوة بالعاملين في شركة أتوبيسات شرق وغرب ووسط الدلتا، وصرف مكافأة نهاية الخدمة تقدر بنحو 100 شهر، وتوفير تأمين صحي شامل، وقال محمد جمال، أحد العمال المضربين في جراج حلمية الزيتون (شرق القاهرة) إن «نسبة الإضراب بلغت 100 في المائة»، متهما الحكومة بتجاهل مطالبهم، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة تتعمد عدم الاستجابة لمطالبنا منذ إضراب أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي والذي انتهى بعد تخصيص 128 مليون جنيه من حكومة رئيس الوزراء السابق عصام شرف؛ إلا أن المبلغ لم يصل منه سوى 45 مليونا للهيئة».

وكان المجلس العسكري (الحاكم) قد لوح في هذا الإضراب باستخدام جنوده في تسيير حركة حافلات النقل العام، في حال استمر العمال في إضرابهم.

وأرجع جمال سبب استمرار الإضراب إلى «فشل المفاوضات التي جرت بين ممثلي العمال ووزير القوى العاملة فتحي فكري في فبراير (شباط) الماضي، والتي أوصت محافظ القاهرة بدراسة الأمر الخاص بمكافآت العاملين بالهيئة، والتي لم يتم حتى الآن صدور أي قرار بها»، مضيفا أن «العمال هددوا بالإضراب عن الطعام حال عدم الاستجابة لهم».

وفي سياق متصل، اشتدت وطأة أزمة نقص الوقود في القاهرة والمحافظات أمس، واصطفت طوابير طويلة من السيارات للحصول على البنزين والسولار، وشهدت بعض المحطات مشادات وخناقات، بينما أكد المهندس هاني ضاحي الرئيس التنفيذي لهيئة البترول، أنه «يجرى زيادة كميات السولار والبنزين لمواجهة التكدس والتزاحم»، مضيفا أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في الاستخدامات غير الشرعية للبنزين والسولار.

وفي الإسكندرية، قطع العشرات من سائقي سيارات الأجرة (الميكروباص) طريق الكورنيش أمس، كما حاصر آخرون مقر مديرية الأمن، احتجاجا على نقص السولار، في وقت أعلنت فيه مديرية الأمن في بيان رسمي لها، أن «حصة المحافظة من المواد البترولية كافية، غير أن الأزمة نتجت بعد قيام سيارات من محافظات أخرى بالحصول على البنزين والسولار».