«تأسيسية الدستور» تفتح جبهة جديدة للصراع بين الإسلاميين ودعاة الدولة المدنية

مسيرة لشباب الثورة إلى جلسة البرلمان.. والأقلية البرلمانية تلوح بالاستقالة

TT

مع هيمنة القوى الإسلامية في مصر على اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، تداعى الحصن الأخير لدعاة الدولة المدنية، بحسب مراقبين، لكن يبدو أنهم ينوون مواصلة معركة وصفوها بـ«الفاصلة» في مسار ثورة 25 يناير.

وبين دعوة من شباب الثورة لتنظيم مسيرة حاشدة إلى مقر الاجتماع المشترك لغرفتي البرلمان غدا (السبت)، مرورا بإقامة مائة شخصية عامة دعوى قضائية ضد القرار الذي اتخذه البرلمان بتقاسم عضوية «تأسيسية الدستور» مناصفة مع الشخصيات العامة، إلى تلويح القوى ذات الأقلية البرلمانية بالانسحاب من الجمعية؛ تنوعت تكتيكات دعاة الدولة المدنية في محاولة للحيلولة دون نجاح الإسلاميين في الاستحواذ على 75 في المائة من أعضاء الجمعية التأسيسية البالغ عددهم مائة عضو.

وعاد شباب الثورة إلى واجهة المشهد السياسي بعد غياب ملحوظ، مع دعوتهم لتنظيم مسيرة حاشدة إلى مقر الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى للضغط على أعضائها من أجل انتخاب جمعية متوازنة تعبر عن أطياف المجتمع المصري.

وقال أحمد ماهر، المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحركة ستشارك في مسيرة السبت من أجل الضغط على أعضاء البرلمان لإتاحة المجال لباقي القوى المجتمعية للتعبير عن نفسها عبر الخمسين عضوا المختارين من خارج البرلمان.. كنا نرفض هذا القسمة؛ لكن طالما أن الأمر تم إقراره فعلى الأقل نضمن تمثيلا معبرا للقوى الأخرى.. هذه هي الرسالة التي نرغب في إبلاغها للنواب».

من جانبه، يعتقد أحمد عبد الجواد، عضو في ائتلاف شباب الثورة وأحد مؤسسي حزب التيار المصري، أن التعقيدات التي شهدتها العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري الحاكم على خلفية مطالبة الإخوان بتشكيل الحكومة قد تترجم في الدستور بحسب التوافقات السياسية بينهما، (في إشارة إلى صلاحيات المجلس العسكري وضوابطها).

وقال عبد الجواد، وهو أحد شباب الإخوان المفصولين من الجماعة، لـ«الشرق الأوسط»: «المجلس العسكري قال بوضوح لقيادات الإخوان إنهم لن يشكلوا الحكومة؛ سواء في هذه اللحظة أو لاحقا عقب انتخاب رئيس الجمهورية.. وهذا يفسر تلويح الإخوان بالدفع بمرشح رئاسي.. والأخطر أن ينعكس على لجنة الدستور».

وأطاحت جماعة الإخوان المسلمين برئيسي وزراء حاول وضع معايير لانتخاب الجمعية التأسيسية، وهو أمر يكشف درجة اهتمامهم بـ«امتلاك اليد العليا في الجمعية»، بحسب مراقبين.

ودفع غضب دعاة الدولة المدنية تجاه المعايير التي وضعها اجتماع غرفتي البرلمان بأعضائهما المنتخبين، إلى إقامة دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لإبطال قرار البرلمان بشأن تشكيل تأسيسية الدستور. وقال الدكتور عبد الجليل مصطفى، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغير، أحد مقيمي الدعوى لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار البرلمان مخالف لنص الإعلان الدستوري، وأقمنا دعوى قضائية لإبطال قرار البرلمان».

وكان الإعلان الدستوري الصادر في مارس (آذار) من العام الماضي، قد أناط بأعضاء البرلمان المنتخبين، انتخاب مائة عضو لتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد.

وفندت الدعوى التي أقامها أول من أمس الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، عن نفسه وبصفته وكيلا عن أكثر من مائة من المثقفين والنشطاء السياسيين، مزاعم الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى حول أحقيتهما في عضوية تأسيسية الدستور بنسبة 50 في المائة.

ومن شأن الدعوى المقامة ضد قرار البرلمان أن تفجر جدلا قانونيا ودستوريا، لكنها عكست غياب التنسيق بين القوى الليبرالية واليسارية، ففي الوقت الذي دفعت فيه أحزاب ذات تمثيل ضعيف في البرلمان برموز فكرية ضمن قائمة مرشحيها في تأسيسية الدستور، تكررت ذات الأسماء في مذكرة الدعوى ببطلان قرار البرلمان.

ويبرر أنصار الدولة المدنية - من القوى الأكثر ثورية في صفوف المعارضة المصرية - موقفهم الرافض للمشاركة في عضوية الجمعية التأسيسية بقولهم إن احتمالية صدور حكم قضائي ببطلان انتخابات البرلمان يهدد الجمعية التأسيسية نفسها؛ إذا ما ضمت نواب البرلمان بين أعضائها.

ويوضح الدكتور عبد الجليل مصطفى لـ«الشرق الأوسط» أن «حل البرلمان، وهو حكم غير مستبعد، من شأنه أن ينسحب على أعضاء الجمعية التأسيسية بالضرورة وهو ما يدخلنا في إشكاليات لا لزوم لها».

لكن القوى المعارضة الممثلة في البرلمان تواصل معركتها رغم الانتقادات التي توجهها للقوى الإسلامية. وحذر حزب المصريين الأحرار من آثار كارثية على الصعيد السياسي والاجتماعي إذا ما حاولت الأغلبية البرلمانية الإسلامية إقصاء المرأة والأقلية المسيحية من عضوية تأسيسية الدستور، وبدأت الأقلية البرلمانية التلويح بتقديم استقالات جماعية من عضوية البرلمان إذا انعكست هيمنة الإسلاميين على نصوص الدستور الجديد.