الرئيس السوداني يعلن موافقته على عقد قمة مع سلفا كير في جوبا

وفاة زعيم الحزب الشيوعي السوداني نقد بلندن

TT

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير، أمس، رسميا موافقته على القيام بزيارة إلى عاصمة جنوب السودان جوبا تعتبر الأولى بالنسبة له بعد استقلال الأخيرة عن دولته، لعقد قمة مع رئيسها سلفا كير ميارديت في الثالث من أبريل (نيسان) المقبل، لحسم القضايا العالقة بين البلدين، في وقت نفى فيه مسؤول كبير بالدولة حديثة الاستقلال وجود أي رفض وسط حكومته لزيارة البشير، مؤكدا أن الاستقبال سيكون رسميا وشعبيا، وأن ما أعلنته منظمات المجتمع المدني من اعتقال البشير لا يمثل الدولة. وقال إن الرئيس السوداني لن يتم اعتقاله، فيما نفى جيش جنوب السودان مشاركته في أي معارك ضد الجيش السوداني في بلدة هجليج النفطية، ردا على اتهامات من الخرطوم قالت إن المعارك التي جرت مساء أول من أمس بين القوات الحكومية والمتمردين شاركا فيها الجيش الشعبي الجنوبي. وقال مبعوث رئيس جنوب السودان باقان أموم للصحافيين، أمس، عقب تسليمه دعوة رسمية من رئيسه سلفا كير ميارديت إلى الرئيس السوداني عمر البشير «لقد سلمنا فخامة الرئيس البشير دعوة مكتوبة، وقد وافق عليها وأكد لنا حرصه على إقامة علاقات جيدة بين الخرطوم وجوبا، وأنه سيجلس مع أخيه سلفا كير لمعالجة كافة القضايا بما يخدم مصلحة شعبي البلدين». وأضاف أن البشير طلب من اللجنة المشتركة بين البلدين استكمال التحضيرات اللازمة لعقد القمة. وقال «ونحن من جانبنا كوفود تفاوض سنجلس وسنناقش كافة الترتيبات ثم نعلن نتائج ذلك لوسائل الإعلام». وقال البروفسور إبراهيم غندور، مسؤول أمانة العلاقات الخارجية في المؤتمر الوطني، لـ«الشرق الأوسط»: «إن لقاء القمة بين الرئيسين عمر البشير وسلفا كير يأتي تتويجا لمخرجات مفاوضات أديس أبابا الأخيرة، التي تم التوصل فيها إلى اتفاقيتين إطاريتين في ملفي الحدود والمواطنة، وعقبها حوارات في الخرطوم وجوبا للاتفاق على السبيل المفضي لإنجاح القمة القادمة، وعلى رأس ذلك، الاتفاق على القضايا الأمنية بين البلدين. والآن بوصول وفد الحركة الشعبية الذي انتهى في اليوم الأول بأجواء إيجابية يجعلنا نتفاءل خيرا في الأيام المقبلة». وأضاف البروفسور غندور: «نحن في المؤتمر الوطني نؤكد إخلاص نيتنا في بناء جسور الثقة وإقامة علاقات راسخة متينة مع دولة وشعب جنوب السودان».

من جهته، نفى برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم حكومة الجنوب، لـ«الشرق الأوسط» أن يتعرض الرئيس السوداني عمر البشير لاعتقال من قبل حكومته. وأضاف أن جوبا رتبت للزيارة بدعوة رسمية من رئيس الدولة سلفا كير. وقال إن المجتمع الدولي عبر عن تقديره للقمة التي سيتم عقدها بين الرئيسين لحل القضايا العالقة بينهما. وتابع «ليس هناك أي صوت رسمي ضد زيارة البشير وسيتم استقباله من الدولة والشعب ولن تخرج مظاهرة ضده»، معتبرا بيانات منظمات المجتمع المدني التي طالبت باعتقال البشير لا تعبر عن رأي الدولة. وقال «طبعا جنوب السودان بلد ديمقراطي وهناك حرية في التعبير، لكن البشير سيزور جوبا وسيعود إلى بلاده بسلام». من جهة أخرى، توفي أمس في العاصمة البريطانية لندن زعيم الحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد، عن عمر ناهز الـ81 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، وجاء من الخرطوم مستشفيا، وكانت أسرته قد أكدت في بيان صحافي قبل يومين أن نقد أجريت له كل الفحوصات الطبية اللازمة في لندن، التي أوضحت أنه يعاني من ورم في الدماغ وأن حالته الصحية مستقرة، وأنه سيعود إلى الخرطوم. ونقد الذي ينتمي إلى قبيلة «الدناقلة» الشمالية وقد التحق في الخمسينات بالحزب الشيوعي السوداني منذ أن كان طالبا في المرحلة الدراسية، وتم فصله من جامعة الخرطوم وهو في السنة الثانية بسبب نشاطه السياسي، وغادر السودان وقتها لمواصلة تعليمه في براغ، وعاد إلى الخرطوم ليتفرغ للعمل الحزبي، وعمل في مواقع مختلفة، كان مختفيا طوال فترة حكم الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، وبعد ثورة أكتوبر (تشرين الأول) عام 1964 التي أطاحت بحكم عبود، ترشح في دوائر الخريجين وأصبح نائبا في البرلمان، ومن ثم تم اختياره في المكتب السياسي للحزب في المؤتمر الرابع عام 1967، وتم تكليفه سكرتيرا عاما بعد أن أعدم الرئيس السابق جعفر النميري السكرتير العام السابق للحزب عبد الخالق محجوب بعد فشل انقلاب 1971 بقيادة هاشم العطا الذي اتهم الحزب الشيوعي بتدبيره. واختفى نقد عن أنظار الأجهزة الأمنية طوال فترة حكم النميري التي امتدت إلى 15 عاما، وظهر نقد بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم النميري في أبريل عام 1985، وترشح في البرلمان الذي أصبح نائبا فيه حتى انقلاب الرئيس عمر البشير الذي أطاح بالنظام الديمقراطي، وتم اعتقاله مع قادة الأحزاب السياسية منهم الصادق المهدي، ومحمد عثمان الميرغني، وحسن الترابي - وقد دخل السجن للتمويه باعتبار أن الانقلاب كان للإسلاميين - وتم اعتقال سراح كافة القادة، ولكن تم وضع نقد تحت الإقامة الجبرية، لكنه تمكن من الاختفاء من الأجهزة الأمنية، وهو يعرف هذا الضرب من العمل في الاختفاء وتأمين نفسه، وقبيل التوقيع النهائي لاتفاقية السلام الشامل، استطاعت الأجهزة الأمنية الوصول إلى مكان اختفاء نقد، وقضى الرجل نحو 40 عاما في الاختفاء، وانتخب في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني سكرتيرا عاما، ليصبح سكرتيرا لأكثر من 41 عاما. وعرف نقد بالنشاط السياسي والفكري، وقد استطاع أن يكسب خصومه، وقد قام بتأليف عدد من الكتب، أشهرها «الرق في السودان»، و«دارفور وعلاقات الأرض»، وغيرهما من الكتب، وكانت آراؤه تتداول وسط الساسة والمفكرين، إلى جانب أنه كان يتمتع بعلاقات اجتماعية مع كافة القادة السودانيين، أبرزهم حسن الترابي الذي كان ضمن دفعته في المرحلة الدراسية الثانوية. وقال عبد الله إبراهيم نقد لـ«الشرق الأوسط» إن وفاة شقيقه حدثت أمس في مستشفى سانت ميري بلندن، وإنه بعد اكتمال الإجراءات الطبية والإدارية البريطانية المتعلقة بترحيل الجثامين خارج بريطانيا، سيتم نقل الجثمان إلى الخرطوم فجر يوم الأحد المقبل، حيث سيتلقى العزاء في منزل الأسرة بالخرطوم بجانب شقيقه سيد إبراهيم نقد وشقيقاتهما في فقيد الأسرة والبلاد محمد إبراهيم نقد. ومن جانبه، قال البروفسور إبراهيم غندور، مسؤول أمانة العلاقات الخارجية في المؤتمر الوطني، لـ«الشرق الأوسط»: «إننا إذ ننعى وفاة الزعيم الوطني محمد إبراهيم نقد، نسأل الله تعالى أن يتقبله قبولا طيبا حسنا، وينزله منزل صدق مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. فقد كان الفقيد رجلا وطنيا غيورا، وكان سودانيا أصيلا قضى حياته من أجل قضايا الوطن والقضايا التي آمن بها».