ساركوزي: سنعاقب كل من يتردد على مواقع تدعو للإرهاب.. والإسلام بعيد عن ذلك

بعد 32 ساعة من محاصرة منزله.. مقتل الفرنسي مراح خلال محاولته الفرار من الشرفة

TT

أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أمس، أنه يريد اتخاذ إجراءات جنائية لمكافحة محاولات «نشر العقائد» المتطرفة، سواء على الإنترنت أو في رحلات أو حتى في السجون. وقال ساركوزي، في كلمة في قصر الإليزيه بثها التلفزيون والإذاعة «من الآن فصاعدا أي شخص يطلع على مواقع على الإنترنت تمجد الإرهاب أو تدعو إلى الكراهية والعنف سيعاقب جزائيا». وأضاف أن «أي شخص يسافر إلى الخارج ليتابع نشاطات نشر عقائد تؤدي إلى الإرهاب سيعاقب جزائيا». وتابع «مع رئيس الوزراء (فرانسوا فيون) طلبت من وزير العدل التفكير بعمق في انتشار هذه العقائد في أوساط السجون».

من جهة أخرى، دعا الرئيس الفرنسي مواطنيه إلى «عدم الخلط» بين الإسلام والإرهاب، مؤكدا أن «مواطنينا المسلمين لا علاقة لهم بالدوافع الجنونية لإرهابي». وقال «يجب عدم الخلط إطلاقا. فقبل استهداف أطفال يهود، أطلق الرجل النار على مسلمين».

وجاء إعلان ساركوزي ردا على هجمات تولوز ومونتوبان (جنوب غرب) التي أعلن منفذها المفترض عن انتمائه إلى «القاعدة» وسبق أن أقام فترات في أفغانستان وباكستان.

ومن جهته، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما لنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي إن «الشعب الأميركي يقف كتفا إلى كتف مع حلفائنا وأصدقائنا الفرنسيين في هذا الوقت العصيب»، وذلك بعد حادث إطلاق نار دموي على مدرسة يهودية في جنوب فرنسا. وأعرب أوباما عن تضامنه مع فرنسا حكومة وشعبا في تعامل البلاد مع تداعيات هذه الهجمات «المأساوية وغير المبررة».

وكان قد قتل الشاب الفرنسي الذي يشتبه بارتكابه 3 هجمات أوقعت 7 قتلى بينهم 3 عسكريين و3 أطفال يهود في جنوب غربي فرنسا، صباح أمس خلال هجوم للشرطة تخلله إطلاق نار كثيف بعد محاصرة منزله لقرابة 32 ساعة. وانتهت المواجهة بعد حصار بدأ الأربعاء حول شقة المشتبه به محمد مراح، 23 عاما، التي تحصن فيها مزودا بالأسلحة، على حد قوله.

وبعد ساعات من الانتظار، أتت النهاية سريعة: سمعت 3 انفجارات اقتحم بعدها بدقائق شرطيون من وحدة النخبة الشقة التي تقدموا داخلها «خطوة خطوة»، بحسب مصدر قريب من التحقيق.

وقاوم مراح مرتكب الجنح الذي يشتبه في أنه منفذ هجمات مونتوبان وتولوز التي راح ضحيتها ثلاثة عسكريين وأربعة يهود. وسمع إطلاق نار كثيف بلغ 300 رصاصة. وفي نهاية الأمر قتله شرطيون بينما كان يحاول الفرار من شرفة شقته وهو يواصل إطلاق النار.

وصرح مصدر من الشرطة نقلا عن وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان أن المشتبه فيه «كان قد مات عندما وقع أرضا». وكان غيان أعلن في وقت سابق أن المشتبه فيه «عثر عليه ميتا أرضا» بعد أن قفز من نافذة شقته. وخلال إطلاق النار أصيب شرطي بجروح، بحسب مصدر من الشرطة.

وصرح الرئيس الفرنسي بعد انتهاء المواجهة أن «مواطنينا المسلمين لا علاقة لهم بالدوافع الجنونية لإرهابي»، وتعهد باتخاذ إجراءات جنائية لمكافحة محاولات «نشر العقائد» المتطرفة سواء على الإنترنت أو في رحلات أو حتى في السجون.

وفي الساعات الأخيرة للحصار التي أرادت السلطات أن تقبض في نهايتها على المشتبه به حيا، تساءلت الشرطة عما إذا كان «لا يزال حيا» لأن «أي اتصال» لم يتم خلال الليل.

وكان غيان كرر صباح أمس «لدينا أولوية هي أن يتمكن من الاستسلام لنسلمه إلى القضاء وبالتالي القبض عليه حيا».

وتابع الوزير أن المشتبه به وبعد أن أعلن مرتين الأربعاء أنه يريد الاستسلام ووافق على التكلم مع الشرطيين دخل في «منطق القطيعة» وأعلن أنه «يريد الموت والسلاح في يده».

وطوال الحصار الليلي قام الشرطيون على فترات محددة بتفجير عبوات قوية بالقرب من نوافذ الشقة بهدف حرمانه من النوم وتثبيط عزيمته. وفي الوقت نفسه كانت الشرطة تحرك شعاعا ضوئيا على واجهة المبنى الذي قطعت عنه الماء والغاز والكهرباء. وحاولت قوات النخبة مرات عدة دخول الشقة وأصيب شرطيان آخران بجروح.

وكشف مراح خلال مفاوضات مع الشرطة أنه منفذ هجمات 11 و19 مارس(آذار) في تولوز ومونتوبان التي قتل فيه ثلاثة عسكريين من أصل مغاربي وثلاثة أطفال وأستاذ في مدرسة يهودية. وكان مراح يستعد لقتل اثنين من الشرطة وعسكري اعتبارا من الأربعاء، بحسب مدعي باريس فرانسوا مولان. واعتبر ساركوزي الجرائم «عملية تصفية إرهابية». وفي مونتوبان أقيمت مراسم تكريم للعسكريين الثلاثة بعد ظهر أمس بحضور الرئيس نيكولا ساركوزي ومرشحين آخرين للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) بينهم الاشتراكي فرانسوا هولاند. ونقلت جثامين ضحايا المدرسة اليهودية وثلاثة منهم يحملون الجنسيتين الفرنسية والإسرائيلية إلى إسرائيل حيث ووريت الثرى.

وقال غيان إن المشتبه فيه استهدف، الاثنين، المدرسة اليهودية حيث قتل بدم بارد ثلاثة أطفال ورجلا بعدما عجز عن رصد هدف عسكري. وبرر تصرفه مبديا تعاطفه مع الفلسطينيين ومعارضته لالتزام فرنسا العسكري في أفغانستان وحظر النقاب.

وذكر المدعي العام أن الشاب كان من الجانحين الأحداث وقد أدين 15 مرة حين كان قاصرا، مشيرا إلى أنه أبدى منذ الطفولة «شخصية عنيفة» و«سلوكا مضطربا» وقد طرد من الجيش الفرنسي، ثم جنح إلى الراديكالية في الأوساط السلفية وقام برحلتين «بوسائله الخاصة» إلى أفغانستان وباكستان حيث معاقل تنظيم القاعدة.

وتباهى المشتبه فيه خلال مفاوضاته مع الشرطة بأنه تلقى تدريبا لدى تنظيم القاعدة، وبأنه واقف على تنفيذ مهمة لحساب التنظيم في فرنسا، وأنه «عمل دائما بمفرده». ولم يبدِ مراح الذي كان يقفل على نفسه وهو يتفرج على مشاهد لعمليات إعدام «أي ندم» سوى أنه «لم يوقع عددا أكبر من الضحايا». وإذا لم يربط أي عنصر بينه وبين تنظيم في فرنسا بحسب المدعي، فإن المحققين سينظرون بدقة في علاقاته. ومن بين الموقوفين هناك شقيقه عبد القادر (29 عاما) الذي تعرض لمساءلات في إطار نقل جهاديين إلى العراق.

وقدرت أجهزة الاستخبارات الغربية مؤخرا ببضع عشرات عدد هؤلاء الجهاديين العائدين من المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان وقد عاد عدد منهم إلى فرنسا حيث تعود آخر اعتداءات إسلامية إلى عام 1995 حين شهدت البلاد موجة هجمات بالقنابل.

وأجمعت الصحف الفرنسية على أن تحول مراح إلى الجريمة يشكل تحديا للسياسيين في فرنسا الذين يخوضون حملة رئاسية، وأن ما حصل في تولوز سيشكل منعطفا. واستؤنفت الحملة الانتخابية منذ الأربعاء إذ اتهم حزب ساركوزي هولاند ومرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبن بـ«استغلال» الجرائم.

ومن جهته، رحب وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، أمس، بجهود الشرطة وقوى الأمن الفرنسية التي تحاصر منزل منفذ الهجوم. وقال باراك للإذاعة العامة إن «الفرنسيين يتحركون بقوة وذكاء».

إلى ذلك، نفى حاكم أحد أقاليم جنوب أفغانستان التقارير التي رددت أن الفرنسي كان في أحد سجون البلاد. وكان مدير أحد السجون في جنوب أفغانستان ذكر أن محمد مراح قد هرب من السجن المركزي لإقليم قندهار جنوب البلاد. إلا أن مكتب الحاكم قال إنه لم يحتجز أي مواطن فرنسي بهذا الاسم في الإقليم. وقال المكتب في بيان «لم نعتقل أي شخص باسم محمد مراح خلال السنوات العشر الأخيرة».