انتقادات لعمليات مراقبة الإسلاميين في فرنسا بعد هجوم تولوز

مارين لوبن تندد بـ«الأصولية» وتنتقد قطر عبر إذاعة إسرائيلية

صورة مأخوذة من تسجيل بثه التلفزيون الفرنسي أمس يقول انه لمراح (إ.ب.أ)
TT

واجهت عمليات مراقبة الاستخبارات الفرنسية للشبكات المتطرفة انتقادات بعد الكشف عن أن منفذ اعتداءات تولوز ومونتوبان الذي تبنى قتل 9 أشخاص وأعلن انتماءه لـ«القاعدة»، كان يخضع لمراقبة الأجهزة منذ سنوات.

وزير الداخلية كلود جيان هو الذي أعلن أن محمد مراح (23 عاما) الفرنسي الجزائي الأصل، الذي كان من الأحداث الجانحين، قام برحلتين إلى أفغانستان وباكستان، وكان «تحت المراقبة منذ سنوات» من قبل المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية. لكنه أشار إلى أنه لم يكن هناك أي عناصر تحمل على «الاعتقاد بأنه كان يعد لعمل إجرامي». وفي المساء نقض جيان الانتقادات الصادرة عن الجبهة الوطنية (يمين متطرف) ووزير سابق من اليسار.

وقال جيان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «توقيف شخص ينشر أفكارا سلفية أمر مستحيل تماما. ليس هناك أي أساس قانوني. ينبغي الحصول على أمر من قاض لتوقيف أحد ما، ما لم يضبط في الجرم المشهود. وفي فرنسا ليس هناك جرم مشهود في الرأي، وهذا أفضل». غير أن مرشحة اليمين المتطرف للانتخابات الرئاسية مارين لوبن انتقدت «التقاعس» حيال «الخطر الأصولي» الذي «أسيء تقديره في بلادنا»، بنظرها.

وقال المسؤول الثاني في حزبها لوي آليو، إن ذلك يحمل على «التساؤل إن لم يكن من الممكن توقيف» المشتبه به في وقت مبكر و«يثير شكوكا» حول فاعلية مكافحة الشبكات الإسلامية. كذلك صدرت انتقادات، ولو أقل حدة، عن جان بيار شوفينمان، وزير الدفاع والداخلية السابق في حكومات اشتراكية، إذ رأى أن هجمات تولوز ومونتوبان تشكل «تحذيرا لجميع الأجهزة المكلفة مكافحة الإرهاب»، مشددا على أن «فرنسا التي بقيت حتى الآن بمنأى نسبيا عن هذه الأعمال الشنيعة، عليها أن تبقى متيقظة».

من جهته قال وزير الخارجية آلان جوبيه، أمس (الخميس) لإذاعة «أوروبا 1»: «أفهم أن يطرح السؤال لمعرفة ما إذا حصلت ثغرات. وبما أنني لا أعلم إن حصلت ثغرات، لا يمكنني أن أحدد نوعيتها، لكن ينبغي إلقاء الضوء على هذه المسألة». وسئل إن لم يكن يجدر تخصيص المزيد من الوسائل لمراقبة عدد الجهاديين الفرنسيين القلائل الذين تم إحصاؤهم، فقال «إنهم قيد المراقبة»، مؤكدا أن «أجهزة الاستخبارات استجوبت مؤخرا» محمد مراح. غير أن جوبيه عاد وأكد لـ«فرانس برس» أنه يستبعد وجود أي ثغرات، وقال «ليس لدي شخصيا أي سبب يدعو إلى الاعتقاد بوجود ثغرة».

وتعود آخر موجة من الاعتداءات الدامية في فرنسا إلى عام 1995 وتثني السلطات الفرنسية بانتظام على فاعلية شرطتها وجهازها القضائي في مجال مكافحة الإرهاب.

ورفض فرانسوا ريبسامن مسؤول الأمن في فريق المرشح الاشتراكي للانتخابات الفرنسية، فرانسوا هولاند الخوض في هذا الجدل مكتفيا بالإشادة بـ«شجاعة قوات حفظ النظام». وقال «سيتم تعيين قاضي تحقيق في هذه القضية وسوف نرى نوعية التحقيق. كل ذلك سيأتي لاحقا».

وقدرت أجهزة الاستخبارات الغربية مؤخرا ببضع عشرات عدد الجهاديين الشباب العائدين من المناطق القبلية الواقعة على الحدود بين باكستان وأفغانستان، معقل تنظيم القاعدة، وقد عاد بعضهم إلى فرنسا. وقال فرانسوا مولان مدعي عام باريس المكلف التحقيق في هجمات منطقة تولوز «ليس لدينا أي عنصر» يسمح بربط محمد مراح «بأي منظمة على الأراضي» الفرنسية.

ووصف المشتبه به بأن «له مواصفات شخص غير نمطي انحاز من تلقاء نفسه إلى التطرف السلفي»، موضحا أنه «ذهب إلى أفغانستان من دون المرور عبر الشبكات المعروفة، بل بوسائله الخاصة من غير أن يلجأ إلى الوسطاء والدول قيد المراقبة».

وقال إن محمد مراح الذي أدين «15 مرة» حين كان قاصرا أظهر «أطباعا عنيفة» منذ طفولته وعانى من «اضطرابات في السلوك حين كان قاصرا، ما يتواءم مع العنف الشديد الملازم للأفعال» التي وقعت مؤخرا.

وقبل 15 يوما من الهجوم الأول الذي أوقع قتيلا في 11 مارس (آذار) في تولوز، حكم عليه بالسجن لشهر واحد مع النفاذ بتهمة القيادة من دون رخصة. وكان من المقرر أن يقابل قاضيا في أبريل (نيسان) لتحديد كيفية قضاء العقوبة الصادرة في 24 فبراير (شباط)، بحسب ما أوضح محاميه.

أما شقيقه عبد القادر (29 عاما) الذي قبض عليه الأربعاء فكان «محط اهتمام في قضية شبكة نقل جهاديين إلى العراق» قبل بضع سنوات من دون أن يتم التحقيق معه.

إلى ذلك، نددت مرشحة اليمين المتطرف للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبن عبر إذاعة إسرائيلية بـ«الأصولية الإسلامية»، وانتقدت بهذا الصدد تأثير قطر. وقالت لوبن متحدثة مباشرة عبر إذاعة «90 إف إم» الخاصة في تل أبيب «إن العثور على القاتل يؤكد ما أندد به منذ سنوات، وهو تنامي أصولية إسلامية في بلادنا تسيء السلطات العامة تقديرها».

وقالت زعيمة الجبهة الوطنية خلال حلقة بالفرنسية تبثها الإذاعة «ثمة أحياء كاملة في الضواحي تحت سيطرة الأصوليين، وأسلحة تنتقل وتمويل خارجي يدخل».

وتابعت «سبق أن نددت بسلوك قطر التي نعرف أنها ساعدت جهاديين في ليبيا وأنها تستثمر بكثافة في الضواحي الفرنسية مع نوايا خفية تثير لدي قلقا شديدا».

وقالت «هناك تأثير شديد لدول أجنبية تود نشر الأصولية الإسلامية وأجد من المدهش للغاية علاقات الصداقة بين (الرئيس) نيكولا ساركوزي وأمير قطر الذي أجيز له استثمار 50 مليون يورو في الضواحي الفرنسية».

وسبق أن تحدثت مارين لوبن في 30 مارس 2011 إلى إذاعة خاصة إسرائيلية، مؤكدة أن الجبهة الوطنية ليست حزبا «معاديا للسامية». وأعربت مرارا عن رغبتها في زيارة إسرائيل، غير أنها لا تزال تعتبر رسميا شخصا غير مرغوب فيه في إسرائيل بسبب سمعة والدها الزعيم التاريخي للجبهة الوطنية الذي قام باستفزازات كثيرة معادية للسامية في الماضي.