المتطرفون يستهدفون المهمشين في الضواحي الفرنسية الفقيرة

خبراء: «الجهاد» يجتذب أقلية محدودة

TT

في الضواحي الفقيرة للمدن الفرنسية يجتذب الجهاد شبانا مسلمين مثل محمد مراح الذي أعلن أنه «جهادي» وعلى علاقة بتنظيم القاعدة، لكن الخبراء يؤكدون أن هؤلاء يشكلون «أقلية محدودة».

وانتقل مراح، 23 عاما، الفرنسي من حي إيزار في تولوز (جنوب غربي) والمتحدر من أصل جزائري، من ارتكاب جنح إلى التطرف بعد التحاقه بمجموعة سلفية وسفره إلى أفغانستان وباكستان.

ويشتبه في أن مراح الذي قتل حين قفز من نافذة شقته قبيل ظهر أمس بعدما قاوم الشرطيين الذين اقتحموا شقته، وراء مقتل سبعة أشخاص في تولوز وموتوبان في غضون 8 أيام، هم 3 عسكريين و3 أطفال وأستاذ في مدرسة يهودية.

وقال سمير أمغر أستاذ علوم الاجتماع في معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية، إن مثل هذا النوع من الرحلات إلى أفغانستان «كان شائعا جدا في تسعينات القرن الماضي» في غمار الفرحة بانتصار المجاهدين الأفغان على الاتحاد السوفياتي سابقا.

وأضاف أن «عددا من الأشخاص كانوا يتوجهون إلى أفغانستان وباكستان للتدرب لكننا نشهد منذ بضع سنوات تراجعا في (الدعوة الجهادية) بسبب الضغوط الفعالة التي تمارسها أجهزة الأمن الفرنسية والأوروبية».

وأوضح أنه بحسب الشرطة، فإن «عدد السلفيين يتراوح بين 12 و15 ألفا في فرنسا، إلا أن السلفيين الجهاديين لا يشكلون سوى أقلية صغيرة». إلا أن أمغر ديل كيبل خبير العلوم السياسية والشؤون الإسلامية اعتبر أن «الأمر يصبح مقلقا عندما يفرض السلفيون قوانينهم مثل النقاب على غيرهم من المسلمين». وتابع كيبل أنه «عندما تحصل قطيعة مع قيم الجمهورية الفرنسية فإن المجال يصبح مفتوحا أمام التطرف». وقال إن «السلفيين يستهدفون المهمشين». وتابع «يريدون أن يعيدوا لهم هويتهم وبراءتهم فيقولون لهم إن ما يلزمهم لذلك هو تطبيق أصولي للدين».

وأضاف أمغر أنهم «يتوجهون بشكل عام إلى أشخاص في الأحياء الشعبية لكن ليس بالضرورة إلى الطبقات الشعبية.. فهناك نسبة عالية ينتمون إلى الطبقات المتوسطة والعليا وأشخاص أتموا دراساتهم ويحملون شهادات جامعية». ومضى يقول إنه «وفي تسعينات القرن الماضي كان بإمكان الأئمة المتطرفين تجنيد الشباب في المساجد. لكن وبعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بات الأمر صعبا للغاية بسبب رقابة الاستخبارات في المساجد. وبات التجنيد يتم عبر الإنترنت أو شخصيا».

وقال أندريه غيران رئيس البلدية السابق لفينيسيو (قرب ليون) «عندما اكتشفت أن شابين من البلدة بين المعتقلين في غوانتانامو في يناير (كانون الثاني) 2002 أصبت بصدمة. وتساءلت: من يملأ رؤوس أبنائنا بهذه الأفكار؟!».

وأعرب غيران في كتاب حول الموضوع عن قلقه من «الدعوة الناشطة للمتطرفين الإسلاميين الذين يحظون في المدن بأرض خصبة لـ(تنظيم) انعزال الأقلية عن المجتمع».

وحذر برنار غودار أحد مؤلفي كتاب «المسلمون في فرنسا» (2007) من أنه في ما يتعلق بمحمد مراح «فعلينا أن نعرف كيف تم تدريبه وتلقينه العقيدة الجهادية وأن نكشف شبكاته. هناك عمل دقيق ومتشعب لا بد من القيام به». وأضاف «لا تزال هناك أماكن تجتذب فيها الحركة السلفية الناس. والسؤال الذي لا يزال يطرح نفسه: ما هو الرد الذي يجب أن نقدمه لهم؟».

وشهدت الضواحي الفرنسية التي تعتبر هشة اجتماعيا أعمال شغب وعنف في عام 2005 استمرت ثلاثة أسابيع.