المعارضة السورية: بيان مجلس الأمن إجازة للنظام بمواصلة القتل ومحاولة إنهاء الثورة

لا ردود رسمية على القرار.. ووسائل الإعلام ركزت على إبراز تصريحات المسؤولين الروس الداعمين لنظام الأسد

TT

تضاربت قراءات المعارضة السورية لبيان مجلس الأمن الدولي، الذي يطالب الرئيس السوري بشار الأسد بوقف العنف فورا وفرض هدنة يومية لمدة ساعتين، لتمكين المؤسسات الإنسانية من الدخول وتقديم المساعدات للسوريين، والسماح بالمظاهرات وحق التعبير عن الرأي، وتحذير النظام من إجراءات مشددة في حال عدم تطبيقه هذه المبادرة، ففي وقت رأى فيه بعضها أن هذا البيان غير الملزم هو «بمثابة إجازة جديدة للنظام السوري بمواصلة القتل ومحاولة إنهاء الثورة»، اعتبر البعض الآخر أن إيجابياته كثيرة، إذ إنه يعبر عن إجماع دولي وتغير في الموقف الروسي، ويشكل توريطا سياسيا للأسد ونظامه».

فقد اعتبر عضو المجلس الوطني السوري نجيب الغضبان، أن «البيان ينطوي على أهمية كبيرة وعلى المجلس الوطني أن يتعاطى معه بكل إيجابية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هدنة الساعتين التي أعطيت في البيان هي جزئية وأقل ما يمكن أن يطلبه مجلس الأمن من بشار الأسد، لكن فيها توريطة من الأمم المتحدة للنظام السوري، بحيث إذا استطاع إلزامه بهدنة يومية لساعتين ممكن أن يلزمه بوقف دائم لإطلاق النار، وهذه خطوة لها أبعادها السياسية أيضا». وقال «صحيح أن البيان غير ملزم، لكنه أقر بالإجماع وبموافقة روسيا، التي بدأت تغير مواقفها بحسب تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأخيرة تجاه سوريا»، مؤكدا أن «النقاط الأخرى من البيان تعطي قوة إلى المبادرة العربية ومنها السماح للمتظاهرين بالتعبير عن رأيهم وهذا يعني نهاية النظام».

بدوره، رأى المعارض السوري وليد البني (المنسحب حديثا من المجلس الوطني)، أن «البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن رغم أهميته المعنوية، فإنه يعطي مهلة جديدة لعصابة بشار الأسد لمواصلة قتل الشعب السوري». وأوضح البني لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهمية هذا البيان هو صدوره بالإجماع، ومطالبته الأسد بسحب قواته من الشوارع ووقف القتل، وتطبيق مبادرة المبعوث الدولي كوفي أنان». وقال «الجديد في الأمر أنها المرة الأولى التي توافق فيها روسيا على بيان يحذر الأسد من إجراءات أخرى ستتخذ في حال عدم تطبيقه مبادرة أنان، وأتوقع أنه بعد هذا القرار وبعد مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سيعقد في إسطنبول، ستكون هناك قرارات أكثر حدة لإجبار عصابات الأسد على وقف القتل»، مشددا على أن «هذه العصابة لن تتمكن من إخضاع السوريين وإجبارهم على العودة إلى الوراء وإن كانت التضحيات التي يقدمونها مكلفة وباهظة جدا، خصوصا في مرحلة ما بعد سقوط هذا النظام».

أما عضو المجلس التنفيذي في «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة ماجد حبو، فرأى أن «المهم في البيان الرئاسي هو الإجماع الدولي، لا سيما الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، على ضرورة وقف العنف في سوريا، سواء من قبل النظام أو المجلس الوطني والمجموعات الأخرى التي هي خارج المجلس الوطني». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مؤشر على محاولة إعادة الأزمة السورية إلى مربع الحل السياسي، وإفهام الأطراف المتصارعة، لا سيما النظام السوري، بأنه لم يعد هناك من مجال لمواصلة الحل الأمني وعمليات القتل، لا سيما أن اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية، وتحديدا الولايات المتحدة وروسيا، توصلوا إلى وجهة نظر موحدة حيال النظام في سوريا». واعتبر أن «التعديل في وجهة نظر الروس بدا وكأنهم لا يدافعون عن الأسد، وإنما عن النظام، وربما يريدون بقاءه». وأشار إلى أن «الحل السياسي هو أفضل السبل، لأن النظام السوري طليق اليدين في الداخل، وأي طرف إقليمي أو دولي ليس له تأثير مباشر على هذا النظام»، مشيرا إلى أن «المبادرة الوحيدة المطروحة هي المبادرة العربية التي تفتقر للأداة التنفيذية».

كذلك انتقد عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري سمير نشار البيان الرئاسي لمجلس الأمن حول سوريا، وقال في تصريح له «إن البيان الرئاسي الذي صدر أول من أمس عن مجلس الأمن في ظل استمرار عمليات القتل التي تقوم بها قوات بشار الأسد، يعطيه فرصة إضافية للاستمرار في سياسة القمع في محاولة لإنهاء ثورة الشعب السوري». ورأى أن «المطلوب من مجلس الأمن قرارات رادعة وحاسمة للنظام يكون جوهرها وقف عمليات القتل المستمر التي ترتكبها قوات الأسد، والمجازر التي يتعرض لها الشعب السوري».

ولم يصدر رد فعل سوري رسمي على البيان الصادر عن مجلس الأمن، إلا أن وسائل الإعلام السورية الرسمية («سانا» وصحف «تشرين» و«الثورة» و«البعث») ووسائل الإعلام الموالية للنظام (تلفزيون «قناة الدنيا» وجريدة «الوطن» وإذاعة «شام إف إم» أوردت الخبر كاملا تحت عنوان مجلس الأمن يدين «التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في دمشق وحلب». دون أن تعلق تلك الوسائل على البيان في افتتاحياتها وبرامجها الحوارية، التي نحت باتجاه التركيز على تصريحات المسؤولين الروس الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد، لا سيما تصريح سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحافي في برلين، بأن «بيان مجلس الأمن لا يتضمن إنذارات إلى سوريا أو إشارات إلى من يتحمل الذنب أكثر». وركزت وسائل الإعلام السورية على قول لافروف «نظرا لأن مجموعة كبيرة من المسلحين تحارب الحكومة السورية فمن الساذج التعويل على أن مجلس الأمن سيطالب بسحب القوات الحكومية من المدن الكبيرة دون أن تتخذ خطوات مماثلة للتأثير على المعارضة».

وبدأ الخبر الذي ورد في كل الوسائل الإعلامية الرسمية بصيغة واحدة مأخوذة عن وكالة «سانا» بإشارة إلى الدور الروسي في إصدار هذا البيان، حيث بدأ الخبر بعبارة «قال البيان الذي اقترحته روسيا: إن أعضاء مجلس الأمن يدينون بأشد التعابير الهجمات الإرهابية التي وقعت في دمشق وحلب في 17و18 مارس (آذار) الحالي، مما تسبب بعشرات القتلى والمصابين».