تجدد الاشتباكات في المناطق التي كان النظام السوري قد أعلن أنها آمنة

نشطاء سوريون: الطائرات الحربية وسلاح المدفعية تقوم بقصف المنشقين

تشييع جنازة أحد ضحايا النظام السوري أمس في حماة (أوغاريت)
TT

وسع الجيش السوري نطاق الهجمات ضد الثوار، حتى إن المناطق التي كان قد أعلن أنها آمنة، اشتعلت فيها مجددا معارك عنيفة يوم الأربعاء، حيث قامت قوات الجيش بقصف مدينة حمص، ونشرت الدبابات وطائرات الهليكوبتر لتتبع الثوار في اشتباكات خارج العاصمة، بحسب ما صرح به نشطاء مناهضون للنظام.

ويقول النشطاء إن أكثر من 24 شخصا قتلوا في حمص وحدها، بينما فر كثيرون، وغادرت المزيد من العائلات من المسلمين السنة المدينة، حيث هاجمتهم عصابات «الشبيحة» المؤيدة للنظام.

وكانت حمص هدفا لقصف بلا هوادة من جانب الجيش السوري طول فبراير (شباط) وحتى بداية مارس (آذار)، ثم تبع ذلك تصريحات رسمية عن «المدينة الباسلة التي تطهرت من الإرهابيين» المصطلح الذي تصف به الحكومة المعارضة المسلحة للرئيس بشار الأسد منذ الانتفاضة التي اندلعت منذ عام.

لم يكن واضحا يوم الأربعاء ما إذا كان الجيش يرد على هجمات الثوار في حمص أم أنه، كما أكد النشطاء، يقصف الأحياء لطرد السكان خارجها.

وأضاف النشطاء أنه في ضواح مثل حرستا وأربين، اللتين تقعان شمال شرقي دمشق، قامت الطائرات الحربية وسلاح المدفعية بقصف المنشقين الذين هاجموا القوات هناك، فيما صرحت الحكومة منذ شهرين بأنها استعادت تلك الأحياء من أيدي الثوار.

ووردت تقارير عن إطلاق نار في السيدة زينب، وهو حي في الجنوب الشرقي ويحوي مزارا شيعيا مهما، بينما في كفرسوسة، رفع النشطاء بشجاعة علم الثورة السورية الذي يبلغ طوله نحو 60 قدما على مبنى عال لم يكتمل بناؤه بعد.

كما صرح ناشط تم التواصل معه عن طريق برنامج المحادثة «سكايب» بأن هجمات الثوار على مبنى القوات الجوية أصبحت معتادة جدا في حرستا، حيث يقوم الثوار بإلقاء القنابل اليدوية، بينما تشن قوات النظام هجوما مضادا، وهو نموذج يتكرر في أنحاء متفرقة من سوريا حيث تتخذ الثورة طابع التمرد.

وذكرت أم لثلاثة أطفال تم الاتصال بها عن طريق الهاتف في منزلها بحرستا، أن ثوارا من مجموعة جماعات مسلحة يطلق عليها «الجيش السوري الحر» قد أطلقت قنابل على فرع القوات الجوية الذي يقع في الحي، قائلة: «لم نستطع النوم حتى الثانية صباحا، كانت ليلة رهيبة». وأضافت أنها كانت من مؤيدي نظام الأسد وأنها لم تندهش من أن الثوار استطاعوا أن يهاجموا تلك المنطقة، وأضافت: «الجيش السوري الحر مجهز جيدا، فهم يمتلكون كل شيء».

بينما وصف محمد معاز، ناشط تم التواصل معه عن طريق برنامج «سكايب»، الهجوم بأنه الثالث خلال ثلاثة أيام قام فيها أعضاء الجيش السوري الحر بمهاجمة المبنى، حيث تم قصف الكثير من السجناء المناهضين للنظام بقنابل صاروخية وبنادق آلية، وأضاف: «سوف يفقد مؤيدو نظام الأسد صوابهم».

بعد أسبوع من استعادة الحكومة سيطرتها على معاقل القوة الخاصة بالثوار في حمص وإدلب ودرعا، أظهر الثوار مقدرة على الرد بهجوم في أنحاء البلاد وقاوم الثوار السلميون أيضا القمع العنيف، مدللين على عدم وجود رغبة لدى الحكومة أو الثوار في التراجع أو القدرة على الانتصار قريبا.

وذكر نشطاء أن جنديين من قوات الجيش قد لقيا حتفهما يوم الأربعاء بدرعا إثر انفجار استهدف شاحنة تابعة للجيش، فيما يتزايد إلقاء القنابل من جانب الطريق على العربات التي تحمل القوات وعصابات الشبيحة.

وذكر نشطاء أن القصف المدفعي المستأنف على حمص تركز على حي الخالدية حيث ما زالت تختبئ الجماعات المسلحة.

وذكر أبو محمد، ناشط من حمص، تم التواصل معه عن طريق «سكايب»، أن نحو 25 شخصا قد لقوا مصرعهم، من ضمنهم 4 أطفال وسيدتان، بالإضافة إلى أكثر من 150 جريحا قائلا: «إن القصف لم يتوقف منذ السادسة صباحا، حيث يستخدمون الصواريخ ومدافع الهاون». وأعرب محمد أيضا عن شعوره بالخيانة، الذي يشاركه فيه الكثير من المعارضين في سوريا، من تخلي المغتربين المتعاطفين معهم ووسائل الإعلام عن قضيتهم. وقال: «أكره كل الصحافيين. إن الناس هنا يُقتلون بأبشع الصور، بينما أنتم جميعا تشاهدونهم ولا تحركون ساكنا، لا أريد أن أتحدث بعد الآن، اتركوني وشأني».

ومن المستحيل تحديد أعداد الضحايا في الصراع السوري بسبب القيود على وسائل الإعلام الأجنبية في سوريا. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن الطفلين بلال ويحيى غنطاوي قد لقيا مصرعهما عندما أطلقت القوات التابعة للحكومة الرصاص على أسر أثناء فرارها من منطقة بابا عمرو في حمص، كما تم إعادة جثث لأربعة رجال كان قد تم احتجازهم في نقطة تفتيش، وكانت تحمل جثثهم علامات حروق وتعذيب، وذلك أيضا في حمص.

كما أعرب أحد قاطني حمص، الذي تم التواصل معه عن طريق الهاتف، عن مخاوفه من أن يعزز الصراع من قوة إحدى الجماعات مثل الشبيحة، وهم مجموعة كبيرة من الناس من أحياء يسيطر عليها الطائفة العلوية التي ينتمي لها الأسد، ويقومون بقصف السكان الهاربين المذعورين، وقال: «يقوم النظام بتغيير الديموغرافيا الخاصة بالمدينة»، مقدرا أن هناك مئات الآلاف من السنّة قد فروا، وأضاف: «هؤلاء الذين لم يجدوا مكانا يلجأون له قد تم القبض عليهم أو قتلوا».

* شارك في إعداد التقرير هويدا سعد من لبنان وألان كويل من لندن وريك غلادستون من نيويورك

* خدمة «نيويورك تايمز»