الجزائريون قلقون من استهداف الجالية المسلمة بعد التركيز على أصول الفرنسي مراح

اتهامات لوسائل الإعلام الفرنسية باستغلال هذه المأساة المزدوجة لنشر الحقد والعنصرية

TT

يشعر الجزائريون بالقلق تجاه التركيز على الأصول الجزائرية للفرنسي محمد مراح الذي يشتبه في أنه منفذ هجمات تولوز ومونتوبان، إذ حذرت الصحف الصادرة أمس من أن يؤدي ذلك إلى استهداف الجالية المسلمة كما حدث غداة هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وتحدثت صحيفة «لوكوتيديان دورون» (يومية وهران) عن «إصرار وسائل الإعلام الفرنسية على إثارة الأصول الجزائرية لمنفذ جريمة تولوز». وقالت إن الهدف من ذلك هو «إلصاق الجريمة بشخص» أجنبي «وليس فرنسيا». وأشارت إلى أن «الكثير من الفرنسيين من أصل مغاربي يعيشون نفس الشعور الذي انتابهم بعد هجمات 11 سبتمبر» التي انتشر على أثرها العداء للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة.

وقد أعلن وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان أن المنفذ المحتمل لهجمات تولوز ومونتوبان هو محمد مراح (23 عاما) فرنسي الجنسية من أصل جزائري. ومن جهتها ذكرت صحيفة «الوطن» في افتتاحيتها أن «اسم محمد الذي يحمله القاتل يمثل دليل إدانة في الغرب، وخاصة في فرنسا».

لكن كاتب الافتتاحية ذكر بأن «أحد القتلى يحمل أيضا اسم محمد ولعل ذلك سيمنع مارين لوبن (زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف) المعادي للإسلام من استغلال هذه المأساة المزدوجة لنشر الحقد والعنصرية».

وانتقدت مرشحة اليمين المتطرف للانتخابات الرئاسية مارين لوبن «التقاعس» حيال «الخطر الأصولي» الذي «أسيء تقديره في بلادنا»، برأيها. وخلت الصحف الناطقة بالعربية من تعليقات على القضية، لكنها نقلت تخوف الجزائريين في فرنسا وفي الجزائر.

وقال إمام مسجد باريس في مقابلة نشرتها صحيفة «الخبر» إن كشف هوية منفذ هجمات تولوز ومونتوبان شكل «مفاجأة كبيرة لم يتوقعها مسلمو فرنسا». وأضاف «هذه القضية ستضر بصورة الإسلام والمسلمين في فرنسا وتعيد الجدل حول الجالية المسلمة والإسلام والإرهاب». وأضاف أن «المسلمين في فرنسا يشعرون أنهم مستهدفون».

وتابع أن «بعض الأحزاب الفرنسية، وخاصة اليمين المتطرف، بدأ تتحدث عن أن الدولة الفرنسية تركت أشخاصا لهم هدف سياسي خطير يكبرون وهذا الأمر يهز الرأي العام الفرنسي ويجعل الفرنسيين يتخذون مواقف سلبية من المسلمين»، أما الكاتب وضابط المخابرات السابق هشام عبود، فاعتبر في تصريح لصحيفة «الشروق» أن تسليط الضوء على أصول القاتل المحتمل «ليس بريئا» ويدخل في إطار سياسة «الترويع» من المهاجرين.

وقال إن «الفرنسيين من أصل عربي يعيشون التهميش في أحياء الصفيح ويتلقون تعليمهم في مدارس خاصة بهم لا تمكنهم فيما بعد من مواصلة الدراسات العليا». وتابع «لا أرى وأنا من عشت في فرنسا 14 سنة، أين تكمن العلاقة بين محمد مراح والجزائر».

وأضاف «عندما كان زين الدين زيدان يصنع أمجاد الديكة كان فرنسيا وفقط ولم يتحدث الإعلام الغربي يوما عن أصوله الجزائرية. أما عندما يتعلق الأمر بالجنح والجرائم أو حتى عندما تسرق بيضة سرعان ما يقدم الإعلام المتهمين بأصولهم المغاربية أو العربية».

وجمع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الأربعاء، في باريس ممثلي الديانات الكبرى في فرنسا من بينهم المسلمون واليهود «لإثبات أن الإرهاب لن يتمكن من ضرب وحدتنا الوطنية». ورفضت القيادات الدينية المسلمة واليهودية أي خلط بين الإسلام وهجمات تولوز ومونتوبان.

وقال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي إن «هذه الأعمال تتعارض تماما مع أسس هذه الديانة». وقتل سبعة أشخاص في تولوز ومونتوبان منذ 11 مارس (آذار).

فقد قتل مظلي فرنسي أولا يدعى عماد بن زياتن في تولوز ثم مظليان آخران في 15 مارس في مونتوبان هما عبد الشنوف ومحمد لقواد، وأصيب ثالث بجروح خطرة. والجنود الثلاثة القتلى فرنسيون من أصل مغاربي والجريح من الانتيل. وتعود آخر موجة من الاعتداءات الدامية في فرنسا إلى 1995 المتهم الرئيسي فيها إسلامي جزائري كان يعيش في لندن.

واستهدفت تفجيرات محطة مترو سان ميشال (8 قتلى و150 جريحا) في 25 يوليو (تموز) 1995 إضافة لاعتداءين آخرين استهدفا في أكتوبر (تشرين الأول) من السنة نفسها محطتي «ميزون بلانش» ومتحف أورسي، وأسفرا عن سقوط عشرة جرحى.

وحكم على رشيد رمضة في 2007 بالسجن المؤبد مع التأكد من عدم الإفراج عنه طوال 22 سنة. واتهم رمضة بأنه مول من لندن الاعتداءات التي دبرتها الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية. ويعيش في فرنسا نحو مليون جزائري يشكلون أكبر جالية فيها، ويتمتعون بامتيازات خاصة تكفلها اتفاقية موقعة في 1968، تريد فرنسا مراجعتها وتعارض الجزائر ذلك.