اشتباكات على الحدود التركية.. وأحياء دمشق تتظاهر رغم الحصار الأمني

سكان إدلب ينزحون هربا من القصف واقتحامات الجيش

شعار رفعه متظاهرو درعا أمس يظهر احتجاجهم على الموقف الروسي من الوضع في سوريا (أوغاريت)
TT

لم تنجح المظاهرات التي عمت مختلف أنحاء سوريا في جمعة «يا دمشق قادمون»، وشلت الحركة الطبيعية في الشوارع السورية كافة، في وضع حد للعملية العسكرية المستمرة على معظم المحافظات السورية والتي أدت وبحسب ناشطين لمقتل 34 شخصا على الأقل يوم أمس.

في هذا الوقت، تصاعدت حدة الاشتباكات على الحدود التركية وبالتحديد في مدينة أعزاز (كبرى مدن ريف حلب)، القريبة من الحدود التركية، حيث تدور منذ يوم الخميس الماضي وبحسب الناشطين مواجهات عنيفة بين القوات السورية النظامية ومنشقين، أسفرت بالأمس عن مقتل ثلاثة جنود على الأقل.

وقال المتحدث باسم «اتحاد تنسيقيات حلب» محمد الحلبي إن «الاشتباكات متواصلة منذ ظهر الخميس بين القوات النظامية ومنشقين عنها، في مدينة أعزاز التي تتعرض للقصف، فيما تحلق في سمائها حوامات الجيش النظامي»، مشيرا إلى تعرض المدينة لعمليات عسكرية شبه متواصلة في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى تهجير الجزء الأكبر من سكانها.

بدوره، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن ثلاثة من عناصر القوات النظامية سقطوا في الاشتباكات الدائرة في أعزاز. وبالتوازي، تعرضت أحياء حمص القديمة، وبلدات بريفها بينها القصير، لقصف بالقذائف تسبب في مقتل مدنيين وتدمير منازل، وفقا لناشطين. وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن اثنين من بين القتلى سقطا في حيي الخالدية وباب السباع.

بالمقابل، خرج وبحسب ناشطين في الداخل عشرات آلاف السوريين في جمعة «قادمون يا دمشق»، وواجهت قوات الأمن مظاهرات كثيرة في العاصمة ومدن أخرى بالرصاص. وأظهر أكثر من مقطع فيديو تم رفعها على صفحات المعارضة على «فيس بوك» المئات يتظاهرون في عدد من أحياء دمشق بينها برزة والعسالي وكفر سوسة والحجر الأسود. وقال ناشطون إن مظاهرات خرجت في حيي الميدان والتضامن، كما تظاهر أكثر من ألف شخص في حي كفرسوسة واجهتهم قوات الأمن بإطلاق الرصاص، مما أسفر عن جرح ثمانية أشخاص، بحسب بيان للمرصد السوري لحقوق الإنسان. من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية بأن «قوات النظام طوقت جميع المساجد في دمشق لمنع خروج مظاهرات منها»، مشيرة إلى «وجود كثافة أمنية على حاجز جوبر العباسيين».

وغير بعيد عن دمشق، خرجت بعد صلاة الجمعة مظاهرات في عدد من مناطق ريف دمشق بينها يبرود وعرطوز ودوما، وفق صور بثها ناشطون على الإنترنت، في حين تعرض متظاهرون في حرستا لإطلاق نار من الأمن. وخرجت أيضا مظاهرات حاشدة في محافظة درعا. وقال ثائر العبد الله، الناطق باسم تجمع أحرار حوران، إن مظاهرات يوم أمس هي الأضخم منذ اندلاع الثورة قبل عام. وأشار العبد الله إلى مظاهرات في مدن وبلدات بالمحافظة بينها الحراك، وعمليات اقتحام وإطلاق نار في درعا المحطة، وإنخل، وكفر شمس. وقال عضو اتحاد تنسيقيات حوران في درعا لؤي راشد إن مظاهرات خرجت في مناطق عدة منها نمر وأبطع واليادودة والحارة ومدينة الحراك المحاصرة منذ 25 يوما، والمسيفرة والغارية الغربية وبلدة أم ولد وعقربة وداعل وغيرها». وأضاف أن «أعداد المشاركين في المظاهرات تراوحت بين المئات والآلاف، بحسب المناطق، وأن الشعارات الطاغية كانت تنادي بتسليح الجيش الحر، كما شهدت مدن عدة إطلاق نار تجاه المظاهرات لإرهاب الناس عن المشاركة فيها».

وفي حلب، أكد المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي «خروج أكثر من 20 مظاهرة أبرزها في أحياء صلاح الدين والمرجة ومساكن هنانو والسكري والأنصاري والفردوس وبستان القصر والمشهد والحمدانية، بالإضافة إلى حيي الفرقان وحلب الجديدة الراقيين». وردد المتظاهرون، بحسب الحلبي، هتافات أبرزها «الشعب يريد إسقاط النظام» و«يا حلب ثوري ثوري هزي القصر الجمهوري»، إضافة إلى شتائم بحق الرئيس الراحل حافظ الأسد. وأضاف الحلبي أن «أكبر المظاهرات سُجّلت في حيي السكري وبستان القصر، وواجهها الأمن بإطلاق رصاص كثيف وقنابل مسيلة للدموع». وأشار الحلبي إلى وجود «انتشار أمني غير مسبوق في حي الشعار الذي شهد الأسبوع الماضي مظاهرات كبيرة، وانتشارا كبيرا في حي الصاخور الذي شهد مظاهرات حاشدة في الأيام الماضية، مما حال دون خروج مظاهرات فيه». كما أشارت لجان التنسيق المحلية إلى إطلاق نار على المتظاهرين في حيي الميسر والسكري. وفي ريف حلب، خرجت «نحو خمسين مظاهرة أبرزها في مدينتي الباب ومنبج»، بحسب الحلبي.

ومن جهته، قال الناشط عادل الحموي إن مظاهرات خرجت في حماه، واجهتها قوات الأمن خاصة في حي القصور بإطلاق نار كثيف أوقع جرحى. وفي محافظة حماه، خرجت مظاهرات حاشدة في بلدتي مورك وكفرزيتا، طالبت بإسقاط النظام ومحاكمة الرئيس السوري، فيما أطلقت قوات الأمن النار لتفريق مظاهرة في حي الأربعين في مدينة حماه. وفي محافظة إدلب «خرجت مظاهرات حاشدة من عدة مساجد في مدينة معرة النعمان تطالب بمحاكمة رموز النظام ووقف شلالات الدماء»، كما خرجت مظاهرات في بلدات عدة في ريف إدلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي محافظة الحسكة، خرجت مظاهرات حاشدة في القامشلي ردد المشاركون فيها هتافات «ازادي» (حرية باللغة الكردية)، و«آخر أيامك بشار»، ورفعوا الأعلام الكردية وأعلام سوريا بعد الاستقلال وقبل حزب البعث، بحسب ما أظهرت مقاطع بثها ناشطون. وخرجت مظاهرات في مدن راس العين والمالكية والدرباسية وعامودا «رفعت فيها الأعلام الكردية وعلم الاستقلال وشعارات طالبت بإسقاط النظام». كما واجهت قوات الأمن متظاهرين في حي الجورة بدير الزور، مما أسفر عن إصابات متفاوتة الخطورة وفق ما قال أوس العربي الناطق باسم مجلس ثوار دير الزور.

وتظاهر آلاف السوريين أيضا داخل حمص المدينة، وكذلك في مناطق بريفها بينها الحولة. كما تحدث ناشطون عن حركة نزوح واسعة للسكان من إدلب بسبب القصف الذي تتعرض له بلدات بينها سرمين وكفرنبل. وتحدث ناشطون آخرون عن اقتحام الجيش السوري لبلدة إحسم بإدلب، وقيامه بحرق ثلاثين منزلا، فيما تصاعدت حدة الاشتباكات بين الجيش السوري والمنشقين في مناطق بإدلب بينها كفر نبل، وفي منغ بريف حلب. وقال ناشطون إن اشتباكات عنيفة بين الجيش ومنشقين اندلعت يوم أمس في كفر شمس بدرعا.

وفي وقت سابق، أفيد بمقتل أربعة جنود نظاميين حين هاجم منشقون عربة عسكرية قرب بلدة صيدا في درعا، وسجلت اشتباكات منفصلة في ريف المدينة. وتحدث ناشطون عن اشتباكات أخرى بين الجيشين النظامي والحر في حيي القابون وجوبر في دمشق، وفي معضمية الشام وعربين ومسرابا بريفها.

كما أفادت لجان التنسيق المحلية بوقوع قصف عنيف على بلدة عزاز في ريف حلب، كما سُجل إطلاق نار على طريق مطار حلب الدولي. أما في حرستا بريف دمشق فسجل إطلاق نار كثيف في حيي الثغرة والبستان، كما أطلقت النار على المتظاهرين، وطوقت قوات النظام مساجد البلدة، وترافق ذلك مع انتشار أمني مكثف. وفي درعا، سُمع إطلاق نار كثيف من جسر الضاحية والمنشية على المنازل، ترافق مع استنفار أمني في الثكنات العسكرية. وكانت مظاهرات جمعة «قادمون يا دمشق» انطلقت منذ مساء الخميس ومن العاصمة نفسها، فأفيد بوجود مظاهرات ليلية خرجت في أحياء الميدان، وركن الدين برزة، وجوبر في دمشق «نصرة للمدن المحاصرة وتحية للجيش السوري الحر»، كما خرجت مظاهرات في عدد من مناطق ريف دمشق، وذلك دعما لدعوة التظاهر في يوم جمعة «يا دمشق قادمون».

وأظهرت مقاطع بُثَّت على الإنترنت أن المتظاهرين في حي جوبر رفعوا «أعلام الثورة» ورقصوا على إيقاع الطبول والأغاني المعارضة للنظام، ورددوا هتافات تدعو «الواقفين على الرصيف» إلى الانضمام للمظاهرات. كما أظهرت المقاطع في حي ركن الدين أن المتظاهرين رفعوا لافتة كتب عليها «اقصفونا بدلا من حمص وحماه ودرعا»، مرددين هتافات للمدن المحاصرة و«الجيش الحر الله يحميك» و«سكابا يا دموع العين سكابا على شهداء سوريا وشبابها»، فيما انتظم المتظاهرون في حي برزة في صفوف، وتمايلوا على وقع أغان وهتافات معارضة للنظام.

وفي ريف دمشق، أظهر مقطع بثه ناشطون على الإنترنت مظاهرة حاشدة في مدينة دوما، ردد المشاركون فيها هتافات «الله معنا يا ثوار» و«بدك تسقط يا بشار»، ورقصوا على إيقاع الطبول ورفعوا لافتات تطالب بالتدخل العسكري الفوري.

ويحرص المتظاهرون في سوريا منذ خروج أول مظاهرة في البلاد قبل عام على مجابهة مأساوية ما يجري في سوريا من أحداث عنف وجرائم إنسانية بشعة بروح السخرية، مهما كانت النكتة سوداء، وهذا الأسبوع كانت رسائل الإيميل المنسوبة للرئيس بشار الأسد مادة دسمة لكتابة لافتات تهزأ من الأسد وتنعته بـ«البطة» صفة الدلع التي أطلقتها عليه زوجته في إحدى الرسائل، وكثرت اللافتات الموجهة للرئيس بالقول «بطة يا بطة ضبي الشنطة» و«يا بطة كاكي كاكي الشعب ما بدو ياكي» و«اجمع عشرين شبيحا واحصل على بطة مجانا» و«ياللا ارحل يا بطوطة» و«ارحل يا بشار البطة». وفي درعا أضافوا للشعار القديم «أسد على سوريا ولبنان وأرنب في الجولان» جملة جديدة «وبطة بالإيميل». وأطرف لافتة كانت في حماه وتقول «نحن بحاجة لرئيس يحكمنا وليس إلى......» وعلق بنهاية اللافتة دمية بطة. وفي خضم كل ذلك تذكر المتظاهرون الأمهات في عيدهن يوم 21 مارس (آذار)، وكرس ليكون عيد أم الشهيد، تحت شعار «أم الشهيد نحن أبناؤك»، واعتذروا من أمهاتهم «عذرا أمي.. فهذا العام سأقدم دمي هدية لأمهات الشهداء».