كلينتون: عدم وفاء مصر بالتزاماتها الديمقراطية لن يؤثر على المعونة العسكرية

مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»: المساعدات مرتبطة باتفاقية السلام ولا شأن لقضية التمويل بها

هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية
TT

قال مصدر عسكري مصري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المساعدات الأميركية لمصر تأتي في إطار اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين ولا ترتبط بتوجهات معينة. وتأتي هذه التصريحات ردا على ما أعلنته وزارة الخارجية الأميركية بأن واشنطن ستسمح باستمرار المساعدات العسكرية لمصر رغم عدم وفائها بما سمته «شروط الديمقراطية».

وقالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية إن القرار يظهر دعم أميركا القوي لدور مصر الدائم كشريك رائد في مجال تعزيز الاستقرار الإقليمي والسلام. وقالت: «لقد حافظت مصر خلال ثلاثين عاما على السلام مع إسرائيل وتساهم في الجهود المبذولة من وقف انتشار وتهريب الأسلحة».

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية أمس عن مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية قوله «إن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ستسمح باستمرار منح مصر مساعدات عسكرية أميركية رغم عدم وفاء القاهرة بشروط مؤيدة للديمقراطية وهي خطوة لاقت انتقادا شديدا في الكونغرس». موضحا أن العلاقات بين مصر وواشنطن مبنية على أساس مصالح الأمن القومي، وأن هذه الخطوة من قبل الجانب الأميركي تعكس رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع مصر وجعلها أشد قوة واستقرارا من خلال الانتقال الناجح إلى الديمقراطية».

لكن مصدرا عسكريا رفيع المستوى في مصر قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المساعدات العسكرية الأميركية لمصر تأتي في إطار اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، وأن الحديث عن مواصلة الولايات المتحدة لتقديم المساعدات العسكرية رغم عدم تقدم الديمقراطية غير صحيح، مؤكدا: أن «ما حدث يدل على عمق العلاقات المصرية الأميركية، وأن الولايات المتحدة تثق في أن القيادة المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة تسير قدما نحو الديمقراطية بعد إجراء الانتخابات البرلمانية التي شهد العالم بنزاهتها».

وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن الولايات المتحدة تثق في تسليم المجلس العسكري (الحاكم) للسلطة نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل عقب انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما أكد عليه المجلس العسكري ولن يحيد عنه.

وشابت العلاقات المصرية الأميركية بعض التوترات عقب أزمة التمويل الأجنبي التي اتهمت فيها السلطات المصرية عددا من المنظمات الأجنبية والأميركية الحقوقية بتلقي تمويل غير مشروع كما أنها لم يكن مرخصا لها من قبل السلطات المصرية، وأحيل عدد من مسؤولي هذه المنظمات إلى القضاء ومنعوا من السفر إلا أن السلطات المصرية اتخذت قرارا برفع حظر السفر عنهم مما أثار موجة من الغضب في الأوساط السياسية المصرية واعتبره البعض صفقة بين المجلس العسكري والحكومة الأميركية. لكن المصدر العسكري المصري نفى وجود علاقة بين رفع حظر السفر عن المتهمين الأميركيين واستخدام وزيرة الخارجية لسلطاتها بالسماح بمواصلة منح مصر المساعدات العسكرية.

وقال اللواء محمد الكشكي، الملحق العسكري بالسفارة المصرية في واشنطن، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار المساعدات العسكرية لمصر يدل على متانة العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر وصلابة علاقات التعاون»، مضيفا أن استثناء شرط التزام مصر بالتحول الديمقراطي لا يمثل رسالة سلبية، مؤكدا أن «الجيش المصري ملتزم بتسليم السلطة في الوقت المحدد وأن تحقيق الديمقراطية سوف يستغرق عدة سنوات ولا يأتي في ليلة وضحاها».

وأثار إعلان استئناف المساعدات العسكرية لمصر انتقادات واسعة داخل الكونغرس الأميركي حيث أعرب السيناتور الجمهوري باتريك ليهي عن شعوره بالإحباط لقرار هيلاري كلينتون.

وأعربت النائبة كاي غرانغر التي ترأس لجنة الاعتمادات الخارجية بمجلس النواب عن خيبة أملها وطالبت أن يتم تقديم الأموال بشكل تدريجي. لكن السيناتور ليندسي غراهام الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية رحب بالقرار مؤكدا أنه القرار المناسب لمساعدة الجيش المصري لضمان الاستقرار في مصر.

وانتقدت منظمة فريدوم هاوس قرار وزيرة الخارجية التنازل عن شرط إحراز تقدم في التحول الديمقراطي في مصر، وقالت المنظمة في بيان لها إن هذا القرار يقوض الجهود لدعم الديمقراطية في مصر، كما وصفت منظمة هيومان رايتس فيرست القرار بالخاطئ وقالت: «إن القرار سيرسل رسالة سلبية مفادها أن الولايات المتحدة لا تعتبر التحول الديمقراطي في مقدمة الأولويات في مصر وسيقوض مصداقية الولايات المتحدة كمناصرة لحقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط».

من جانبه، قال سفير مصر الأسبق بواشنطن، السفير رخا أحمد حسن، إن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة علاقات كبيرة وتصريحات كلينتون مرتبطة بالتزام واشنطن برعاية عملية السلام في المنطقة ومصالحها المتشعبة بالإضافة إلى الملفات الشائكة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي. وأضاف رخا: «إن المساعدات العسكرية مرتبطة بعملية السلام وعدم التزام الولايات المتحدة بها يعني إخلالا باتفاقية السلام.. والواقع أن المساعدات الأميركية ليست فقط مهمة لمصر ولكنها مرتبطة بالجانب الأميركي خاصة شركات السلاح الأميركية ومصالح مشتركة أخرى، وأشار مسؤول أميركي بالخارجية الأميركية إلى أن قرار استئناف المساعدات العسكرية تجنب تعطيل عقود الدفاع الحالية التي قد تؤدي تكلفة عالية تتجاوز ملياري دولار كغرامات نتيجة إلغائها.

ويقول رخا: «قضية التمويل الأجنبي أخذت أكبر من حجمها الحقيقي بسبب تصعيد بعض المسؤولين المصريين ووسائل الإعلام المصرية، كما أنها ارتبطت بأكبر مؤسستين داعمتين للديمقراطية في أميركا وهما المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي الأميركيين». ويتبع المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة الأميركية ويرأسهما السيناتور جون ماكين، ومادلين أولبرايت وهما من الشخصيات البارزة في الوسط السياسي الأميركي.