وكيلة وزارة الثقافة الليبية لـ «الشرق الأوسط»: هربت أسلحة للثوار.. وتفاجأت بالكيب يذكر اسمي في هذا المنصب

عواطف الطشاني ترى أن ليبيا واحدة.. وتداخل العلاقات الاجتماعية يحافظ على وحدتها

عواطف الطشاني
TT

شددت عواطف عبد الدائم الطشاني، وكيلة وزارة الثقافة الليبية، التي خاضت معارك مع الثوار ضد نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، على وحدة الأراضي الليبية، وأضافت في حديث عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط»، عن نظرتها لما أعلنته قيادات في الشرق الليبي قبل أسبوعين بشأن إقامة الفيدرالية كنظام حكم لليبيا، أن «ليبيا واحدة، لأن وشائج الدم هي التي تقول ذلك، فعدد كبير من سكان الشرق أصلهم من الغرب ومن الجنوب، وهناك تداخل في العلاقات الاجتماعية من قرابة ومصاهرة».

وأضافت «عندما خرجنا في طرابلس والزاوية ومصراتة والزنتان وجبل نفوسة، أيام ثورة 17 فبراير، كنا نقول بالروح بالدم نفديك يا بنغازي».

وأوضحت قائلة: «أتذكر يوم أعلنت أنا وزميلاتي بيان ملتقى حرائر طرابلس في شهر أبريل (نيسان) الماضي من وسط العاصمة.. خرجنا لنقول لا شرقية لا غربية ليبيا، وحدة وطنية».

وتابعت الطشاني بشأن ما يذهب إليه بعض المحللين الليبيين من أن دولا غربية كانت وراء الفيدرالية، أنها تعتقد أن «الغرب لا يريد ليبيا مشتتة، بل ليبيا واحدة لأن الغرب لا يريد إبرام عقود مع مجموعة فيدراليات إنما مع دولة واحدة».

وأضافت: «كانت هناك ظروف عدة ساهمت في إعلانها (الفيدرالية) رغم أنها لا ترقى لوثيقة دستورية، لأن القرار في هذه الحالات ليس قرار مجموعة لا يتجاوزون 2000 شخص، ولعل مؤتمر الميثاق الوطني الذي أقيم بعد أقل من 24 ساعة في مصراتة من ذلك الإعلان كان خير رد، وساهمت فيه جل مؤسسات المجتمع المدني والقوى الوطنية في ليبيا، ومصراتة التي ساهمت في عدم تقسيم ليبيا في ظل حرب القذافي على الليبيين ها هي اليوم ترفع يديها أمام الفيدرالية لتقول لا للتقسيم».

وقالت الطشاني بشأن دورها مع ثورة 17 فبراير: «بالنسبة لدورنا كنساء وخاصة في منطقة طرابلس تحديدا، كان من الصعب جدا أن ننتفض لوجود الكتائب والمعسكرات بها، وهي كانت أكثر منطقة بها معسكرات في ليبيا، وكونا فريقا من النساء، و بدأنا ذلك في 20 فبراير تحديدا، وكانت بيننا مثقفات وطبيبات ومهندسات ومحاميات، وكنا نجتمع في سرية، وكانت لنا علاقات مع خارج طرابلس، وشاركنا في الانتفاضة التي عرفت بانتفاضة طرابلس وخرجنا مع سكان وسط المدينة من كل شارع يؤدي إلى ساحة الشهداء».

وتحدثت الطشاني عن قيامها وزميلاتها بتهريب مادة «الجلاتين» المتفجرة للثوار، وقالت: «كانت صناعة محلية، وهذه المادة تقريبا تستخدم في صيد الأسماك، وهي مادة من المتفجرات مشهورة. وكانت تصنع تحديدا في منطقة تاجوراء بطرابلس، وكان من الصعب جدا أن تصل إلى شوارع طرابلس التي يوجد بها الثوار وهي شوارع وأماكن حيوية جدا في العاصمة، كما كان من الصعب أن ينقلها ثوار طرابلس ذلك لأن البوابات كانت شديدة الحراسة».

وتابعت قائلة إنه «بين كل بوابة وبوابة كان يوجد أكثر من عشر بوابات وكنا نحن كنساء نقوم بعمليات تمويه لنقلها، وكان الثوار يقومون بتصنيع هذه القنابل ويقومون بوضعها في أماكن خاصة في سياراتنا الخاصة، ولا يخبروننا حتى بتلك الأماكن، وبعدها كنا نقوم بتسليمها للشباب»، مشيرة إلى أن هاتفها كان مراقبا «لكن طبعا كانت عندي ست شفرات ليست باسمي كنت أتكلم في الفضائيات مثل (العربية) و(الجزيرة) و(الحرة)، والحمد لله لم تتمكن قوات القذافي من ضبطي».

وقالت إنها لم تكن تستخدم اسمها الحقيقي في أحاديثها لوسائل الإعلام. وأوضحت: كنت أتكلم بلقب «ثائرة من طرابلس»، وكنت أنقل كل تحركات طرابلس، وأحاول أن أنقل صورة العاصمة لأن النظام حينذاك كان يزعم أن طرابلس كلها موالية له، وكانوا ينقلون مسيرات ومليونيات موالية للنظام، وكنت عقب كل مظاهرة ينظمونها أخرج لأتكلم، وكنت طبعا أتكلم من السيارة لأن الثوار نبهوا علينا أننا إذا أردنا ذلك فيجب أن نكون من داخل السيارة حتى لا يمكن رصدنا، فكنا بعد كل مكالمة نغير شفرة الجوال ونضع شفرة ثانية.

وأوضحت الطشاني أنه كانت هناك قواسم بين الثائرات والثوار الليبيين في طرابلس، مشيرة إلى أن حركتها كانت في البداية تضم 35 امرأة، إلى أن وصلت إلى 56 تقريبا، و«كانت مهمتنا تحديدا هي تهريب السلاح ومحاولة التواصل مع الإذاعات، وكنا نلتقي، وأعلنا البيان الختامي لثائرات طرابلس وأذيع في القنوات وفي موقع (يوتيوب) في ذلك الوقت، وكان تحديا كبيرا لهم لأننا كنا في منطقة حيوية جدا».

وقالت الطشاني في ردها على المنتقدين لثورة فبراير، إن الرئيس الأميركي (الراحل) جون كيندي له مقوله هي أن «الذين يرفضون الثورة السلمية إنما يعجلون بحتمية الثورة العنيفة». وتابعت موضحة أن القذافي هو من أراد للثورة أن تكون عنيفة، وهو من فتح مخازن الأسلحة في بعض المدن والتي تحتوي على أسلحة تقليدية بسيطة ليغير مسارها حتى يبرر قمعها بعنف، ولكن الشعب الليبي كسر كل التوقعات.

وعن الكيفية التي تولت بها منصبها كوكيلة لوزارة الثقافة قالت الطشاني: أنا تفاجأت باسمي يذكر كوكيل لوزارة الثقافة والمجتمع المدني، وكان الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الحكومة الانتقالية يلقي قائمة الأسماء في مؤتمر صحافي، وأعتقد أنه هو السبب وراء اختياري.

وعن الطريقة التي استطاعت بها العمل وسط تركة مثقلة بأقوى الأذرع التي استخدمها القذافي ضد شعبه، أوضحت الطشاني: «المشكلة ليست فقط في الذين أشهروا أسلحتهم ضد بني جلدتهم، بل أيضا في الذين ما زالوا يشهرون هذه الأسلحة، فالثورة حالة هدمية، لا يمكنها التصالح من القديم، الثورة تهدم ثم تبني من جديد، أما ما يحدث الآن هو محاولة ترميم يائسة، وكثيرون كانوا بالأمس في خندق الثورة، وتحولوا الآن إلى خندق أعداء الثورة، فسرقة المال العام، والثراء بطرق غير مشروعة في هذه الظروف بالذات خيانة عظمى».

وتحاول الطشاني القيام بثورة في وزارة الثقافة، وعما إذا كانت واجهت مقاومة عنيفة ضد خططها، أوضحت الطشاني أن «الأفراد عادة ما يقاومون التغيير لتخوفهم مما سينتج عنه مثل فقدان الاعتبار والسلطة، هكذا تقول الإدارة، والكثير من المحسوبين على النظام السابق، الذين ظلوا حتى 20 أغسطس (آب) من العام الماضي مع النظام ما زالوا في مناصبهم دون أن يقدموا أي اعتذار عن جرائمهم ودون أن يعاد تأهيلهم، وللأسف في ليبيا لم يستفد من تجربة مصر وتونس في التعامل مع أزلام النظام السابق، رغم حاجة ليبيا أكثر من أي دولة للفصل في هذه الأمور».

وعما إذا كان هذا الأمر يعكس ضعف الحكومة، أو أنها لم تعد تعمل بروح الثورة، قالت الطشاني إنها ما زالت تعمل بروح الثائرة، وأضافت أن وجودها في موقعها «لم يأت كنوع من التكريم لما قدمته لبلدي، إنما لعملي السابق في عدة مؤسسات منها ما له علاقة بالثقافة ومنها ما له علاقة بالخارجية، وآخر بالجمعيات الأهلية رغم محدودية دورها سابقا، أما كون الحكومة ضعيفة فهذا السؤال يوجه لكل وزارة على حدة، وإذا وجهته لي سأقول لك، أنا استمد قوتي من وطنيتي، ومن نظافة ذمتي المالية».

وأوضحت أن «وزارة الثقافة في المجتمعات المدنية هي مجرد خادم للمثقفين، ومجرد موظف ينفذ الخطط والبرامج التي يضعونها، وليس كما كانت في السابق براحا للبيروقراطية وممارسة الأستاذية، والتعالي، والفساد المالي والإداري والاجتماعي». وحول ما إذا كانت قد بدأت بتنفيذ هذا التوجه، قالت الطشاني: «نعم. وبكل قوة، فعلى سبيل المثال تقدم عدد من المثقفين الليبيين بمقترح لتنفيذ أنشطة ثقافية وفنية، وهذا المقترح تزامن مع الذكرى الأولى لاحتفالات فبراير، فقامت الوزارة بتنفيذه وشكلت اللجان من المثقفين واستوعب النشاط العام أكثر من 1000 مبدع ليبي في مجال الموسيقى والمسرح، والتصوير والفنون التشكيلية، والأشرطة الوثائقية».

وعن توقيعها على قرار بإنشاء أكثر من 500 جمعية أهلية، وعما إذا كانت تتوقع أن يغير المجتمع المدني صورة ليبيا، أوضحت الطشاني قائلة: «في الأصل كانت ثورة فبراير حراكا مدنيا بامتياز، رغم محاولات الطاغية لتحييد مسارها، وإذا توغلت في يوميات الثورة، ستجد أن العمل الأهلي سار في خط متوازٍ مع العمل المسلح، وليبيا المستقبل، ستكون مع إعلام وطني حقيقي، ومع وعي ثقافي جاد من أفضل الدول في المنطقة».