الداخلية العراقية تطمئن القادة العرب على سلامة إجراءاتها لحمايتهم خلال القمة

التحضيرات تقطع أوصال بغداد.. وتسبب تحولا سلبيا في المزاج الشعبي

أفراد أسرة عراقية يمرون بنقطة تفتيش في شارع وسط بغداد أمس (أ.ب)
TT

أعلنت وزارة الداخلية العراقية أنها اتخذت كل التدابير الاحترازية والأمنية، وهي مستعدة كل الاستعداد لاستقبال الوفود المشاركة في مؤتمر القمة العربية وتوفير الحماية اللازمة لهم ولكل الإعلاميين.

وقالت الوزارة في بيان لها، أمس، إنه «في الوقت الذي يستعد فيه العراق لاستضافة القمة العربية (هذا الاستحقاق السياسي الكبير) بما يليق بأهمية العراق ومركزه الجيوسياسي في المنطقة، تتسابق القوى الإرهابية لتأكيد حضورها الإعلامي من خلال القيام بأعمال هستيرية مستهدفة التأثير على أجواء استقبال القمة بشكل أو بآخر عن فشلها، وعدم تمكنها من الوصول إلى مبتغاها».

وأضاف البيان: «ولتبديد أي سوء فهم، تود وزارة الداخلية أن تعلن للأشقاء العرب وللمواطنين أن الخطط والإجراءات الأمنية المشددة أحبطت الجهد الأكبر للإرهابيين، ودفعتهم للقيام بأعمالهم العدوانية في الدائرة الأوسع لبغداد وباقي المحافظات العراقية، أملا في تحقيق شيء من مخططهم المجهض من قبل قوات الأمن العراقية».

وكان رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، قد دعا مجالس الإسناد العشائرية في محافظة بغداد إلى دعم الأجهزة الأمنية خلال مرحلة ما قبل القمة، داعيا إلى تأمين محيط بغداد بحيث تكون خارج مدى الصواريخ التي دأبت الجماعات والجهات المسلحة على إطلاقها بين فترة وأخرى على المنطقة الخضراء، حيث يعقد مؤتمر القمة العربي.

والقمة العربية المرتقبة هي الثالثة التي يستضيفها العراق منذ انطلاق القمم العربية عام 1964. وكانت الأولى عام 1978 عقب زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى القدس عام 1977، التي أدت إلى عزل مصر وتعليق عضويتها في الجامعة ونقل مقرها من القاهرة إلى تونس, والثانية كانت عام 1990 إثر تصاعد التهديدات الإسرائيلية بضرب العراق.

واليوم، وحيث تحلم بغداد باستعادة «مجدها التليد»، فإن البوابة الأبرز لذلك هي استضافة القمة التي هي منذ عام 2010 استحقاق عراقي قبل أن تتنازل بغداد عن هذا لاستحقاق لليبيا، حيث عقدت قمة سرت. وفي العام الماضي (2011) حال الربيع العربي دون إمكانية عقد القمة؛ سواء في بغداد أو في أي بلد عربي آخر. واليوم، حيث حسمت الجامعة العربية وبالتوافق مع الدول العربية أمرها بعقد القمة في بغداد، فإنه ومع استكمال التحضيرات الأمنية والسياسية والفنية واللوجيستية لعقدها، ومن خلال زيارات قام بها الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وموفدوه إلى بغداد، فقد جاءت تفجيرات الثلاثاء الماضي لتعيد إلى الأذهان طرح السؤال الحائر.. هل يمكن عقد القمة في ظل هذه الأجواء؟ الرد لم يتأخر، سواء من قبل الحكومة العراقية التي قالت بياناتها الرسمية إن ما حصل من تفجيرات لن يعكر المزاج السياسي لعقد هذه القمة ولن يؤثر على أمن القادة والزعماء أو من قبل الجامعة العربية، التي وأن أبدت أسفها على ما حصل، فإن لسان حالها يقول: «قضي الأمر الذي فيه تستفتيان»، فلابد من القمة ولو على الطريقة العرفاتية: «شاء من شاء، وأبى من أبى».

وحيث إن الكرة استقرت في ملعب الحكومة العراقية فإنها سرعان ما أعلنت عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي أدت إلى تعكير مزاج المواطن العراقي والبغدادي تحديدا، وأدت إلى تحول سلبي في هذا المزاج. فالحكومة أعلنت تعطيل الدوائر الرسمية في بغداد لأكثر من أسبوع بدءا من الخامس والعشرين من الشهر الحالي حتى الأول من أبريل (نيسان) المقبل. ليس هذا فقط، فإن الإجراءات الأمنية التي بدأت الأجهزة الأمنية بممارستها منذ يوم التفجيرات، وفي عموم أنحاء العاصمة المترامية الأطراف، من خلال قطع الكثير من الجسور بين جانبي الكرخ والرصافة أو تكثيف السيطرة في الشوارع والأحياء السكنية ودقة التفتيش للمركبات، جعل المواطنين وحتى أجهزة الإعلام العراقية تطلق على القمة لقب «النقمة».

التحول في المزاج الشعبي بشكل سلبي انعكس على ما يدلي به المواطنون المنتظرون على شكل طوابير في شوارع العاصمة لساعات، يصل بعضها لأربع ساعات كاملة لعبور مسافة لا تتعدى كيلومترين، حيث أعرب الكثيرون منهم عن انزعاجه من عقد قمة ترتب عليها كل هذا العذاب اليومي، بينما تعقد في دول العالم قمم تحضر بعضها وفود أكبر وأكثر عددا من الوفود التي من المؤمل أن تحضر قمة بغداد. ليس هذا فقط، فإن عواصم تلك الدول تلبس أحلى ما لديها من زينة وهي تستقبل الوفود المشاركة في القمة؛ سواء كانوا زعماء أم صحافيين. بل إن بعضها توظف القمم والمؤتمرات التي تعقد على أرضها لأغراض السياحة والتجارة، إلا بغداد، حيث أجبرت القمة العربية سكانها البالغ عددهم 6 ملايين نسمة على الجلوس في بيوتهم لنحو أسبوع، مع حملة تسوق غير مسبوقة، وكأن ما سوف يحصل زلزال أو إعصار وليس عرسا، مثلما يطلق عليه.