مطالب بفتح تحقيق حول «الفشل» في قضية تولوز

باريس: لا مبرر للقبض على محمد مراح قبل الجريمة * «جند الخلافة» تبنت الهجمات * الشرطة تضع أقاربه رهن الاحتجاز

ضابط شرطة فرنسي وهو يطل من نافذة شقة محمد مراح المتهم بقتل 7 أشخاص يبحث عن أدلة جنائية أمس (أ.ب)
TT

أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا فيون، صباح أمس، أنه لم يكن هناك أي عنصر يبرر القبض على محمد مراح، منفذ «هجمات تولوز»، التي قتل فيها 7 أشخاص في جنوب غربي فرنسا، قبل ارتكابه تلك الجرائم «لأن فرنسا دولة قانون». وصرح فيون لإذاعة «آر تي إل»: «لم يكن هناك أي عنصر يبرر القبض على مراح قبل تحركه؛ فليس لدينا الحق في بلدنا أن نراقب باستمرار ومن دون قرار قضائي شخصا لم يرتكب جريمة، إننا في دولة قانون». وتواجه الحكومة الفرنسية تساؤلات شديدة حول احتمال وجود ثغرات في مراقبة أجهزة الاستخبارات الفرنسية لمراح، لا سيما أنه زار أفغانستان وباكستان. ويشتبه في أن الفرنسي (24 سنة)، الذي أعلن انتماءه إلى تنظيم القاعدة، اغتال أولا في 11 مارس (آذار) في تولوز عسكريا، ثم مظليين اثنين بعد 4 أيام ثم أستاذ دين و3 أطفال، الاثنين، في مدرسة يهودية في تولوز، وقتلته الشرطة الأربعاء في هجوم على الشقة التي اعتصم فيها.

وقال رئيس الحكومة: «إن المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية أنجزت عملها تماما، وتعرفت على مراح عندما قام برحلات، وأخضعته للمراقبة الوقت الضروري قبل أن تستنتج أنه ليس هناك أي عنصر ولا مبرر يدعو إلى الاعتقاد أنه رجل خطير قد يرتكب جريمة».

وأكد أنه «من الطبيعي أن نطرح أسئلة»، غير أن الرجل «تعرض إلى الاستجواب والمراقبة والتنصت.. إنه كان يعيش حياة عادية ولديه سوابق قضائية، لكن ذلك لا علاقة له البتة بذلك كله». وبينما تبنت جماعة تطلق على نفسها اسم كتيبة «جند الخلافة» مرتبطة بـ«القاعدة»، مسؤولية الهجمات التي شنها الفرنسي مراح في تولوز ومونتوبان، اتهمت مرشحة اليمين المتطرف للرئاسة الفرنسية، مارين لوبان، الحكومة الفرنسية، أول من أمس، بترك الضواحي الفقيرة «للمتطرفين الإسلاميين».

وقالت الجماعة، في بيان نشرته مواقع إلكترونية «جهادية»، وحمل توقيع «سرية طارق بن زياد كتيبة جند الخلافة»: إنه «في 19 مارس، انطلق أحد فرسان الإسلام، وهو أخونا يوسف الفرنسي، نسأل الله أن يتقبله، في عملية هزت أركان الصهيوصليبية في العالم كله وملأت قلوب أعداء الله رعبا».

كان وزير الداخلية الفرنسي، كلود غيان، قد أكد مقتل مراح إثر اقتحام الشرطة للشقة التي تحصن داخلها في تولوز، كما جرح ثلاثة من العناصر الأمنية في عملية الاقتحام.

وتقول الشرطة إن مراح ينتمي لتنظيم القاعدة، وإنه أبلغها، خلال التفاوض معه، بأنه خطط لشن هجمات أخرى غير الهجمات المتهم بتنفيذها.

وتعيش في فرنسا، التي يبلغ عدد سكانها 65 مليونا، أكبر جالية مسلمة وأكبر جالية يهودية في أوروبا، ويصل عدد الجالية الإسلامية إلى نحو 5 ملايين، في حين يبلغ عدد الجالية اليهودية أكثر من 600 ألف.

إلى ذلك، تصاعدت في فرنسا الدعوات لفتح تحقيق في إخفاقات استخبارية محتملة أعقبت أحداث القتل في جنوب البلاد، بعد مقتل المهاجم محمد مراح.

وقد تبين لاحقا أن الاستخبارات الفرنسية كانت تراقب مراح لعدة أشهر، وأنه كان ممنوعا من ركوب الطائرات إلى الولايات المتحدة.

وقالوا إنه استجوب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 من قِبل جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي لتبرير رحلاته إلى أفغانستان وباكستان.

ووجه معلقون من داخل فرنسا وخارجها انتقادات إلى أجهزة الاستخبارات الفرنسية؛ لأنها لم تراقب مراح عن قرب كافٍ يسمح لها بالتنبؤ باحتمال قيامه بتلك الهجمات القاتلة.

كان المدعي العام الفرنسي قد أعلن أن مراح، المتهم بهجمات تولوز، قد صور الهجمات الثلاث التي نفذها في 11 و15 و19 مارس الحالي والتي قتل فيها 7 أشخاص.

وعثرت الشرطة، في حقيبته، على الكاميرا التي استخدمها في التصوير، وشاهدت اللقطات. وقال المدعي العام إن مراح قُتل برصاصة في رأسه أطلقتها الشرطة، وإنه كان يرتدي سترة واقية من الرصاص وأطلق 30 رصاصة أثناء عملية اقتحام شقته.

كانت الشرطة الفرنسية قد أنهت الحصار الذي كانت تفرضه على الشقة التي كان يقطن فيها محمد مراح المشتبه به في قتل 7 أشخاص من بينهم أربعة في الهجوم على المدرسة اليهودية في مدينة تولوز، بعد مقتله.

واقتحمت الشرطة الشقة بعد حصار المكان لأكثر من 12 ساعة.

كان وزير الداخلية الفرنسي قد قال، قبل بدء الاقتحام: إنه من غير المؤكد إن كان مراح لا يزال حيا، لكن الشرطة عثرت على جثته لدى اقتحامها للشقة.

وقد واجهت الشرطة مقاومة شديدة حينما بدأت عملية الاقتحام بعد الساعة التاسعة والنصف من صباح الخميس.

وأصيب في تبادل النيران الكثيف خلال عملية الاقتحام ثلاثة من أفراد الشرطة الفرنسية.

كان مراح قد قال للتلفزيون الفرنسي، الأربعاء، إنه «يرغب في الموت وسلاحه بيديه»؛ حيث فشلت جميع المحاولات الرامية إلى دفعه إلى الاستسلام.

كانت الشرطة الفرنسية قد استخدمت المتفجرات فجر الأربعاء للضغط على مراح بعد أن أطلق النار على قوات الشرطة التي حاولت اقتحام الشقة التي يتحصن بها. وأوضحت مصادر في وزارة الداخلية الفرنسية أن التفجيرات كانت جزءا من عملية زيادة الضغط على مراح.

وذكرت وسائل إعلامية محلية أمس أن الشرطة الفرنسية قررت مواصلة احتجاز والدة وشقيق مرتكب حادث تولوز بسبب الاشتباه بصلتهما بالمتطرفين المسلمين، كما حبست معهما زوجة شقيقه للسبب نفسه. وذكرت مصادر مقربة من التحقيق أن شقيق مراح، 29 عاما، بالذات، يعتقد أنه على صلة بمتطرفين إسلاميين، إلا أنه أنكر علمه بالجرائم التي ارتكبها أخوه.

وأكد عبد القادر مراح، وهو قيد التوقيف الاحترازي منذ صباح الأربعاء، للمحققين، أثناء أولى جلسات الاستماع إلى أقواله، أنه لم يكن على علم بالمشاريع الإجرامية لشقيقه، بحسب مصدر مقرب من التحقيق. وفي إطار الإرهاب، يمكن للتوقيف الاحترازي أن يستمر 4 أيام. وعثر المحققون، الذين فتشوا الأربعاء طيلة ساعات منزل شقيق محمد مراح، على «متفجرات» في سيارته، وفقا لمصدر أمني.

وبحسب مصدر مقرب من التحقيق، فإن عبد القادر مراح من أنصار الإسلام الأكثر تشددا.