هادي يطالب الأحزاب السياسية اليمنية بتغيير سياساتها ويحذر من الانقسامات

مستغلة توترات صنعاء والانفلات الأمني.. «القاعدة» تفتح جبهات جديدة في الجنوب

رجال قبائل يمنيون يحرسون مقر البرلمان في صنعاء أمس (نيويورك تايمز)
TT

سيطرت جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» على مدن جديدة في اليمن، مستفيدة من الأزمة السياسية، في العاصمة اليمنية صنعاء، والانفلات الأمني، الذي تشهده معظم المحافظات الجنوبية، بينما حذر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من «المخاطر والمتاهات والانقسامات» خلال المرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد.

وقالت مصادر محلية في محافظة شبوة، إن مسلحي «أنصار الشريعة» هاجموا، أمس، مدينة بيحان والصعيد، وسيطروا عليهما بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الجيش والأمن، وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن جنديا قُتل، وأصيب ثلاثة آخرون جراء تصديهم لمسلحي «الشريعة»، فيما لم يعرف قتلى وجرحى الجماعة بسبب خطورة الوضع هناك.

وفي مدينة الحوطة بمحافظة لحج القريبة من مدينة عدن، كبرى مدن الجنوب، أصيب ضابط وجندي من قوات الجيش في اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والرشاشة مع مسلحي «الشريعة»، وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»: «إن (الشريعة) سيطرت على مديرية أمن المحافظة الذي تقع وسط مدينة الحوطة عاصمة لحج، بعد هجوم عنيف، صباح أمس، بقيادة أحد أمراء (القاعدة) المحليين، ويدعى (جسار)، وهاجموا النقاط الأمنية، والمقرات الحكومية».

وذكر المصدر، الذي طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية، أن «(الشريعة) تمكنوا أيضا من السيطرة على منطقة الحمراء القريبة من الحوطة». كما تعرضت مدينة لودر بمحافظة أبين، لسلسة انفجارات ضخمة هزت المدينة، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، وقالت وزارة الداخلية عبر موقعها الإلكتروني: «إن ثلاثة انفجارات تخريبية حدثت في مناطق متفرقة لم تسفر عن أي أضرار بشرية أو مادية»، وأوضحت الوزارة أن «سيارة مفخخة انفجرت في مديرية مودية في منطقة قرب المتوس، فيما انفجرت عبوة ناسفة على طريق مسجد الرحمة بمديرية لودر بالقرب من منزل رئيس اللجان الشعبية في المديرية، وألقى مجهولون قنبلة يدوية على أحد المقرات الأمنية بالمدينة».

وسيطرت جماعة أنصار الشريعة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، على مدن في الجنوب، أهمها جعار، وزنجبار، في محافظة أبين، ومدينة عزان في شبوة، واستقبلت معسكراتهم مؤخرا أكثر من 300 مسلح، من حركة «المجاهدين» الصومالية، وينتشر مسلحوها في كل من شبوة ولحج، وحضرموت، ومأرب، والبيضاء، وتشكل معظم تلك المحافظات مناطق حيوية لإنتاج وتصدير النفط والغاز، الذي يمثل الرافد الرئيسي للاقتصادي القومي لليمن.

ويعيش اليمن أزمة سياسية عميقة بعد تصاعد الخلافات بين الأطراف السياسية الممثلة في أحزاب اللقاء المشترك، التي ترأس الحكومة، وحزب المؤتمر الشعبي العام، حيث يتقاسم الطرفان الحقائب الوزارية بموجب المبادرة الخليجية التي أخرجت اليمن من الاضطرابات وأعمال العنف. وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، دعا الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، الأحزاب والقوى السياسية إلى تغيير سياساتها وفقا لمتطلبات المرحلة الانتقالية ومرحلة الوفاق الوطني، التي يعد من أهم مخرجات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014، مطالبا بـ«الكف عن المناكفات الإعلامية والحزبية وتوظيف الأحزاب للمماحكات السياسية أو محاولة إفشال مهام الحكومة».

وجاءت دعوة هادي الذي ترأس، أمس، اجتماعا استثنائيا لحكومة الوفاق الوطني، بعد أيام من احتجاج وزراء يتبعون حزب المؤتمر، الذي يرأسه الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على تصريحات لرئيس الحكومة محمد سالم باسندوة، التي اتهم فيها صالح بالوقوف وراء أعمال العنف والقتل بحق المعتصمين والمتظاهرين خلال العام الماضي.

وقال هادي في اجتماع الحكومة بحضور باسندوة: «عمليا، يفترض أن تغير جميع الأحزاب سياساتها وتتصرف بكل قواها لتنفيذ المبادرة التي تم التوقيع عليها بإجماع وطني وإقليمي ودولي»، محذرا من «المخاطر والمتاهات والانقسامات على اليمن، وعلى الجميع مسؤولية وطنية كبيرة للوصول باليمن إلى الطريق المأمون». ووجه هادي وزراء الحكومة «بالابتعاد عما يسيء إلى مهامكم وواجباتكم، وعدم التسرع باتخاذ القرار أو السعي للمصلحة الشخصية أو التعاطف مع هذا أو ذاك من الأقارب أو المحسوبين، فالنظام والقانون فوق الجميع».

ولفت هادي إلى تحديات المرحلة الانتقالية، وقال: «بعض مهام المرحلة الأولى من المبادرة لا تزال عالقة، وخصوصا ما يتصل بالجانب الأمني، وعلى لجنة الشؤون العسكرية تحقيق الأمن والاستقرار، والعمل الجاد لتنفيذ بنود المبادرة، وعلى القوى السياسية والاجتماعية بمختلف اتجاهاتها التعاون الكامل من أجل إنجاح مهام اللجنة»، موضحا أن «مؤتمر الحوار الوطني الشامل سيناقش كل الملفات والقضايا والإشكاليات دون تحفظ، للخروج برؤية وطنية شاملة».

وأضاف: «الحوار الوطني سيخرج بخطة عمل لرسم مستقبل اليمن الجديد المرتكز على العدالة والحرية والمساواة والحكم الرشيد».