الجزائر: «أزمة ترشيح الوزراء» لانتخابات البرلمان تثير جدلا حادا عشية الاستحقاق

بوتفليقة يمنع ترشيح الوزراء المحسوبين على الرئاسة «لإعطاء مصداقية للإصلاحات السياسية»

TT

يحتدم بالجزائر جدل كبير حول ترشيح أعضاء الحكومة لانتخابات البرلمان، المرتقبة في العاشر من مايو (أيار) المقبل. وتتجه الأنظار اليوم إلى الحزب صاحب الأغلبية، الذي يضم في صفوفه 11 وزيرا، بمناسبة نهاية آجال إيداع لوائح المرشحين بوزارة الداخلية.

ويجري عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة والأمين العام لـ«جبهة التحرير الوطني»، التي تملك الأغلبية في البرلمان، اجتماعات ماراثونية منذ 15 يوما، للفصل في قضية ترشيح وزراء الحزب للانتخابات. ويعيش الحزب أزمة حقيقية بسبب هذا الموضوع، لدرجة جعلت ظروف التحضير للانتخاب في البلاد تتوقف ترقبا لما سيسفر عنه المخاض العسير داخل ما يسمى بـ«الحزب العتيد».

وتملك «الجبهة» 11 وزيرا في الحكومة التي تتألف من 36 عضوا، وتعود «أزمة ترشيح الوزراء» إلى عدم اقتناع قطاع واسع من مناضلي «الجبهة» بضرورة عرضهم على الناخبين (21 مليونا)، على أساس أنهم فشلوا في تسيير قطاعاتهم، وأن ترشيحهم سينفر الناخبين يوم الاقتراع، أو يدفعهم إلى التصويت على مرشحي الأحزاب الكبيرة المتنافسة على أكثر من 400 مقعد بالبرلمان.

وعلى عكس هذا الرأي، يقول قياديون في «الجبهة» إن غالبية الوزراء يتحدرون من مناطق داخلية، المتحكم بالانتخابات فيها مقياس الانتماء إلى الجهة والقبلية ومعيار الولاء للأشخاص، لا الكفاءة والاقتدار وحسن إدارة الوزارة. ويرغب هؤلاء الوزراء في ترشيح أنفسهم بهذه المناطق التي ولدوا بها لضمان الفوز. ويتخوف كل الوزراء الراغبين في الترشح من اختفائهم من الطاقم الحكومي، الذي سيختاره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، لذلك فهم يسعون ليكون لهم موطئ قدم بالبرلمان الجديد الذي تنتظره مهمة صياغة «دستور الإصلاحات السياسية».

وأفاد قيادي بـ«الجبهة» لـ«الشرق الأوسط» بأن قيادة الحزب قررت ترشيح أربعة وزراء فقط، وتوقع تململا كبيرا في صفوفه عندما يتم الكشف عن أسماء المرشحين. ويعيش الحزب أصلا، أزمة حادة منذ قرابة عامين بسبب إبعاد وزراء من هيئاته القيادية. وأسس هؤلاء الوزراء «حركة تقويم وتصحيح الجبهة»، يقودها وزير التكوين المهني الهادي خالدي، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان محمود خوذري.

وعلى خلاف «الجبهة»، حسمت القوة الثانية بالبرلمان (التجمع الوطني الديمقراطي) موضوع ترشيح الوزراء من البداية، فقد قرر أحمد أويحيى، أمين عام الحزب وهو في الوقت نفسه رئيس الوزراء، منع وزراء الحزب الستة من الترشح إلا واحدا، هو الشريف رحماني، وزير البيئة وتهيئة الإقليم، الذي اختار ترشيحه في مسقط رأسه بالجلفة (300 كلم جنوب العاصمة)، ومبرر هذا الاختيار أن سكان الجلفة يريدون ابنهم رحماني، وأنهم هددوا بالانتخاب لفائدة مرشحي الحزب الغريم «الجبهة» إذا تم اختيار مرشح آخر. واضطر بقية وزراء «التجمع» إلى كتم رغبتهم في الترشح.

أما الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» المشارك في الحكومة بأربعة وزراء، فقرر عدم ترشيح ثلاثة منهم، فيما اختار ترشيح وزير الأشغال العمومية عمر غول بالعاصمة. وبخصوص بقية الوزراء المحسوبين على الرئاسة، فقد منعهم بوتفليقة من الترشح، بدعوى أنه يريد أن يعطي للإصلاحات السياسية التي أطلقها العام الماضي، حدا أدنى من المصداقية عن طريق إفساح المجال لوجوه جديدة في السياسة لم يألفها الناخبون.