إضراب في المواصلات بسبب أزمة الوقود يشل حياة غزة.. وتعثر عمل المخابز

المشكلة تشتد وتحصد أولى ضحاياها.. وحماس تواصل حربها على السلطة

TT

كان عبد الحليم الحلو يعتقد أن تشغيل المولد الكهربائي خلال الليل سيضمن لولده الرضيع محمد البالغ من العمر 7 أشهر «البقاء على قيد الحياة حتى إعادة التيار الكهربائي في الصباح»، فمحمد الذي ولد بعيب خلقي كان موصولا بجهاز تنفس صناعي، لكن الجهاز المرتبط بالقصبة الهوائية ويعمل على شفط البلغم ويساعد الرضيع على التنفس، توقف عن العمل بعد أن انقطع التيار الكهربائي عن المنزل وتعطل المولد الكهربائي الخاص، فمات محمد على الفور.

وقال أدهم أبو سلمية، الناطق بلسان الطوارئ والإسعاف في قطاع غزة، إن هذا الرضيع هو أول ضحايا أزمة التيار الكهربائي، محذرا من أن استمرار انقطاع الكهرباء والنقص الحاد في الأدوية سيؤدي إلى انهيار الجهاز الصحي في القطاع.

وشل إضراب في المواصلات العامة، احتجاجا على نقص الوقود، الحياة في قطاع غزة. فقد توقفت سيارات الأجرة في طوابير على امتداد شارع صلاح الدين، الذي يربط شمال القطاع بجنوبه، بينما اصطف المئات من الأشخاص على الشارع بحثا عن سيارات تقلهم لأماكن أعمالهم. وبرز اليوم بشكل خاص قيام أصحاب السيارات الخاصة والمركبات التابعة لحكومة غزة بنقل الركاب إلى أماكن أعمالهم.

وأثرت أزمة الكهرباء ونقص الوقود على عمل المخابز، إذ أصبح العمل في عدد كبير منها مشوشا.. فهذه المخابز، التي كانت تعمل على مدار الساعة، انخفض عملها إلى 6 ساعات فقط، وهي الفترة التي يصل فيه التيار الكهربائي.

في هذه الأثناء احتدت الحرب الكلامية بين ممثلي فتح وحماس على خلفية الأزمة ونقص الوقود، وذلك بعدما اتهمت حماس حركة فتح بالتواطؤ مع إسرائيل لقطع الكهرباء عن القطاع. وأثارت تصريحات رئيس الحكومة، سلام فياض، حفيظة قادة حركة حماس، فقد قال فياض إن تواصل إمداد غزة بالوقود الإسرائيلي اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء يتوقف على مدى قدرة شركة توزيع الكهرباء على دفع ثمن الوقود. وأوضح أن تكلفة الوقود تبلغ نحو 50 مليون شيقل شهريا، وقال: «لا طاقة للسلطة الوطنية خصوصا في ظل الأزمة المالية الراهنة التي تواجهها والتي واجهتنا منذ نحو عامين وبشكل حاد منذ ما يزيد على عام، التي عطلت قدرة السلطة الوطنية على الوفاء بالتزاماتها في كل المجالات تقريبا، ربما باستثناء وحيد حتى الآن وهو رواتب الموظفين، علما بأن السلطة واجهت أزمة في دفعها خلال العام الماضي».

وأضاف فياض: «هناك مستحقات متأخرة السداد لكل الموردين، بما يشمل قطاعات حيوية مثل الصحة وموردي الأدوية والمستشفيات وغيرها، وليس بقدرة السلطة الوطنية أن تمول أو تتحمل أي تمويل إضافي، إضافة لما تقوم به في هذا المجال من جهة توفير الكهرباء في قطاع غزة، فالسلطة وخزينتها يتحملان بالكامل تكلفة توريد 120 ميغاواط من الكهرباء لقطاع غزة من إسرائيل، بالإضافة إلى ما تزوده مصر بنحو 22 ميغاواط من خلال منحها للسلطة الوطنية، وبالتالي أي نفقات أو تكلفة إضافية ضرورية لتشغيل محطة الكهرباء في القطاع لن يكون بمقدور السلطة التعامل معها». ودعا شركة توزيع الكهرباء في غزة إلى تحمل جزء أكبر من العبء مما تقوم به حاليا، حيث إن نسبة التحصيل والجباية لا تتعدى 30 في المائة، وهذا أمر غير مقبول إطلاقا.

وأوفد فياض رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية عمر كتانة، والمحاسب العام للسلطة الوطنية يوسف الزمر، إلى القاهرة لتحويل تغطية الوقود لمحطة كهرباء غزة اليومين القادمين إلى ترتيب دائم. وقال كتانة في حديث لوكالة «معا»: «إن الوفد في طريقه إلى القاهرة اليوم (أمس)، بناء على طلب من رئيس الوزراء، وذلك لمتابعة موضوع الوقود من ناحية الإجراءات المالية بعد أن تم تحويل الأموال من شركة الكهرباء عبر وزارة المالية إلى القاهرة».

واعتبر سامي أبو زهري، الناطق بلسان حماس، هذه التصريحات دليلا على أن السلطة معنية باستخدام قضية الوقود للمناكفة والابتزاز واستغلال معاناة المواطنين في غزة. وأضاف أبو زهري: «رغم قبولنا إدخال الوقود الإسرائيلي، فإننا متمسكون باستمرار ضخ الوقود المصري إلى غزة، لأن السكان في غزة لا يملكون المال لتغطية ثمن الوقود الإسرائيلي الذي يعادل دولارين للتر الواحد، كما أن السلطة في رام الله لا تريد تحمل مسؤولياتها في تغطية نفقات هذا الوقود رغم أنها تتلقى مساعدة شهرية من الاتحاد الأوروبي لذلك وتقتطع 45 دولارا شهريا من كل موظف لصالح الوقود». وحث أبو زهري المسؤولين المصريين إعادة الأوضاع إلى سابق عهدها قبل صدور قرارهم بمنع ضخ الوقود إلى غزة.