مجموعة من الطوارق تعلن قرب سيطرتها على مدينة مهمة في شمال مالي

الغموض يسود باماكو.. وزعيم الانقلابيين ينفي شائعات عن انقلاب مضاد

سائقو دراجات نارية يتدفقون على محطة للوقود في باماكو، أمس (أ.ب)
TT

أعلنت مجموعة إسلامية مسلحة في شمال مالي، أمس، استعدادها للاستيلاء على مدينة كيدال، إحدى أهم مدن شمال شرقي مالي، بعد أربعة أيام على الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الرئيس أمادو توماني توري في باماكو. وقالت المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «أنصار الدين» في بيان: «سنستولي قريبا على أراضينا في كيدال»، مضيفة أن «أمنية شيخنا إياد اغ غالي، (أحد وجهاء الطوارق في التسعينات وزعيم المجموعة)، ستتحقق قريبا. الشريعة الإسلامية ستطبق في كل منطقة كيدال». وكانت هذه المجموعة التي تدعو لتطبيق الشريعة «بواسطة الكفاح المسلح»، تبنت السيطرة على بلدات أغيلهوك وتيساليت وتينيزاواتن (شمال شرق) وأعلنت «السيطرة الوشيكة» على كيدال، كبرى مدن المنطقة. وقاتلت مجموعة «أنصار الدين»، في فترة ما مع عناصر «الحركة الوطنية لتحرير أزاواد»، ضد الجيش المالي، لكن هذه الأخيرة التي تقدم نفسها على أنها حركة علمانية نأت بنفسها عنها لاحقا بسبب مواقفها المتشددة.

وجاء هذا بينما حاول منفذو الانقلاب الذي أطاح بالرئيس توماني توري والذين تزداد عزلتهم خارج مالي وداخلها، أمس، وضع حد لحالة الغموض الخطرة السائدة في البلاد والاستمرار في السيطرة على الوضع تحسبا لمواجهة حركة مضادة من الموالين للنظام. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها، أمس، إنها لاحظت بعد ثلاثة أيام على الانقلاب العسكري، هدوءا نسبيا تخلله توتر في بعض الأماكن في باماكو، حيث لا تزال وتيرة النشاط بطيئة. وشوهدت أمس بعض الآليات العسكرية تجوب مسرعة أكبر شوارع العاصمة، بينما بقيت المصارف ومحطات البنزين مغلقة، مما أعاق الإمداد بالنقد والوقود. وأمس، دعا الانقلابيون في بيان جديد ومقتضب، بثه التلفزيون الحكومي الذي يحتلونه، «مالكي أصحاب محطات البنزين إلى فتح» هذه المحطات. وقال متحدث باسم المتمردين إن «إجراءات أمنية اتخذت منذ الساعة الرابعة صباحا» لتفادي أعمال النهب، مشيرا إلى أن «رئيس» حركة الانقلاب يواصل «التعبير عن عميق أسفه للتجاوزات التي ارتكبها هذا أو ذاك».

وسرت معلومات متناقضة، مساء أول من أمس، حول الوضع في باماكو ومصير قائد الانقلابيين أمادو سانوغو بعد حدوث انقطاع قصير في بث التلفزيون العام. لكن سانوغو ظهر على التلفزيون أمس وأكد أنه على قيد الحياة وفي حالة طيبة، نافيا شائعات ذكرت أنه قتل في انقلاب مضاد. وقال سانوغو في بيان مصور بثه التلفزيون: «مساء الخير شعب مالي، مساء الخير رفاق السلاح، مساء الخير أيها المواطنون. أنا الكابتن سانوغو، وأنا في صحة جيدة وبخير». ثم تكلم بعده متحدث قال إن جميع أفراد جيش مالي يدعمون سانوغو.

واستمرت الحوادث الأمنية مثل سرقة سيارات وعمليات نهب قام بها رجال يرتدون الزي العسكري وأطلقت أعيرة نارية متقطعة، أمس، في المدينة، في حين حصلت عدة عمليات نهب بعد الانقلاب، أعرب قائد الانقلابيين عن أسفه لوقوعها ووعد بوضع حد لها. وزيادة على غموض الوضع العسكري، يسود غموض سياسي حول مشاريع الانقلابيين. وندد 12 حزبا سياسيا ماليا في بيان مشترك بالانقلاب الذي حصل قبل خمسة أسابيع من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 29 أبريل (نيسان)، مما زاد في هشاشة موقف الانقلابيين. واعتقل عسكريون قاسم تابو، مسؤول أحد تلك الأحزاب، وهو «التحالف من أجل الديمقراطية» في مالي، في منزله لفترة قصيرة صباح أمس قبل أن يفرجوا عنه بعد اعتذارات قائد الانقلابيين عن توقيفه. وأعلنت ثلاث شخصيات سياسية أخرى، طلبت عدم كشف هويتها، أنها «انتقلت إلى العمل السري» لأن «رجالا مسلحين» يبحثون عنهم على ما قالوا.

ومن أديس أبابا، أعلن مصدر في الاتحاد الأفريقي، أمس، أن قائد الانقلابيين وعد بالإفراج عن ثلاثة مسؤولين في وزارات خارجية ثلاث دول أفريقية علقوا في باماكو إثر انقلاب الخميس. وأضاف أن رئيس المفوضية الأفريقية جان بينغ تحادث هاتفيا مع سانوغو الجمعة وأكد له الأخير أنه سيفرج عن وزيري خارجية كينيا وزيمبابوي ووزير الدولة للشؤون العربية والأفريقية التونسي. وأمر «بحماية الوزراء ومعاونيهم والدبلوماسيين وتسهيل إخلائهم».

وأجمع المجتمع الدولي على التنديد بالانقلاب في الدول المجاورة والمنظمة الاقتصادية لدول المنطقة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة. وأفادت مصادر متطابقة بأن وفدا من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قام بزيارة قصيرة أمس إلى باماكو. وأوضح دبلوماسي أفريقي أن الوفد تباحث هاتفيا مع الكابتن سانوغو الذي لم يحضر إلى المدينة لأسباب أمنية، لكنه لم يفصح عن فحوى المباحثات.