توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل مجددا

وفاة أول طفل في القطاع بسبب أزمة الوقود.. ومخاوف من انهيار الجهاز الصحي

فلسطينية في مستشفى جنوب خان يونس خلال عملية غسل كلى (رويترز)
TT

توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة مجددا، بعد يومين من العمل، نفدت خلالهما كمية الوقود التي سمحت إسرائيل بدخولها مؤخرا. وكانت إسرائيل سمحت، صباح الجمعة الماضي، بدخول كمية محدودة من الوقود المعد لتشغيل المحطة. من ناحية ثانية، تعاظم الخلاف بين حكومتي غزة ورام الله على خلفية سفر وفد يمثل حكومة رام الله برئاسة عمر كتانة، رئيس سلطة الطاقة في رام الله، إلى القاهرة بحثا عن حل لمشكلة الكهرباء، ورفض حكومة غزة المشاركة في هذه المباحثات. وقال الناطق بلسان حكومة غزة طاهر النونو، إن كتانة يعتبر جزءا من الأزمة، لأنه يريد فقط مناقشة العودة لشراء الوقود الإسرائيلي بأسعار مضاعفة، لحل الأزمة المالية التي تعصف بحكومة رام الله. وشدد النونو على أن حكومته جاهزة لبحث أزمتي الوقود والكهرباء مع مصر لحلهما بشكل جذري ونهائي، وليس الجلوس مع عمر كتانة. وتعقيبا على أسف رئيس حكومة رام الله سلام فياض لعدم توجه وفد من حماس للقاهرة للقاء كتانة، قال النونو: «نحن لم نتفق مع فياض على أي لقاء حول هذا الموضوع، ونستغرب تصريحاته التي يحاول الخروج بها من أزمته السياسية، بعد تكشف تورطه في حصار غزة وإصراره على تبعيتها للاحتلال». من ناحيته، قال فياض إنه فوض وفد سلطة الطاقة للتباحث مع مصر وحكومة حماس لوضع حل دائم لمشكلة الكهرباء. وأضاف: «من موقع المسؤولية والحرص على وضع ترتيبات توريد الوقود إلى شركة توليد كهرباء غزة، وتحويل الحل المؤقت إلى حل دائم يضمن إنهاء معاناة أهلنا في القطاع، فقد طلبت من الوفد الانتظار يوما إضافيا، إلا أن وفد حركة حماس أيضا لم يحضر». وقد ألقت أزمة انقطاع التيار الكهربائي بظلالها على الجهاز الصحي في قطاع غزة، وباتت تشكل تهديدا مؤكدا لحياة مئات المرضى الذين يرتادون المستشفيات. وقال أحمد أبو سمحة، الطبيب في المستشفى الأوروبي، جنوب مدينة خان يونس، ثاني أكبر مستشفيات قطاع غزة، إن انقطاع التيار الكهربائي المفاجئ أدى إلى إتلاف أجهزة مراقبة المرضى، لا سيما في أقسام العناية المكثفة، بالإضافة إلى إتلاف بعض الأجهزة المستخدمة في أقسام التحاليل الطبية، علاوة على الإضرار بالأجهزة التي توفر آلية التواصل بين أقسام المستشفى. وأضاف أبو سمحة لـ«الشرق الأوسط»، أن طواقم الأطباء والممرضين في حالة استنفار دائم خشية أن يؤثر تعطل هذه التجهيزات إلى المس بحياة المرضى.

وكان الرضيع عبد الحليم الحلو أول ضحية لانقطاع التيار الكهربائي. ولد الرضيع بعيب خلقي، وكان يتنفس عبر جهاز تنفس صناعي، كان موصولا بقصبته الهوائية، ويعمل أيضا على شفط البلغم. وقد حدث أن تعطل مولد الكهرباء الذي يغذي بيت عائلته أثناء فترة انقطاع التيار الكهربائي، فتوفي الرضيع على الفور.

ومما لا شك فيه أن أكثر أقسام المستشفيات خطورة في ظل أزمة الكهرباء، هي أقسام الكلى، حيث يحتاج المرضى إلى غسيل دوري خلال الأسبوع، ويؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى توقف الأجهزة وإلحاق أذى كبير بالمرضى. وقال زياد الذي تزور والدته المستشفى ثلاث مرات أسبوعيا بغية القيام بغسيل للكلى، إن المولد الذي يعمل أثناء فترة انقطاع التيار الكهربائي من المحطة الرئيسية، يتوقف في بعض الأحيان، مما يجعل الطاقم الطبي في حالة حرج شديد. وعلى الرغم من أن جميع المستشفيات في القطاع مزودة بمولدات ضخمة، فإنها تحتاج للوقود بشكل دائم لكي يتم تشغيلها وقت انقطاع التيار الكهربائي. وفي ظل النقص الشديد في الوقود الذي يتم تهريبه من مصر عبر الأنفاق، فإن مخزون المستشفيات من الوقود تضاءل بشكل كبير، مما أثر على قدرتها على مواصلة العمل. من ناحيته، قال باسم نعيم، وزير الصحة في حكومة غزة، إن جميع الخدمات الصحية في قطاع غزة باتت أمام تحد كبير، مشيرا إلى أنه لا يمكن التنبؤ بمصير هذه الخدمات في حال تواصلت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة يوميا. وفي مؤتمر صحافي عقده في غزة أول من أمس (السبت)، قال نعيم، إن «الأزمة تهدد عمل الأقسام الحيوية بالمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية». ونوه بأن اضطرار المستشفيات لاستخدام المولدات أمر بالغ الخطورة. وحذر من خطورة حدوث كارثة في حال تواصل إجراء العمليات الكبرى أو تقديم خدمات العناية المركزة وغسيل الكلى وغيرها باستخدام الطاقة الضئيلة التي تولدها المولدات الكهربائية. وأضاف: «أي خلل في تلك المولدات أو غياب الوقود في أي لحظة أو حدوث خلل في الأجهزة سنقف أمام كارثة حقيقية لا تحمد عقباها». وأردف قائلا «المتبقي من مخزون الوقود لدى وزارة الصحة نسبته 18 في المائة، ومعظم هذه النسبة كميات راسبة لا يمكن استخدامها، أي أننا نتحدث عن يومين أو ثلاثة أيام قبل النفاد الكامل لكميات السولار».