التيار الديني يحوز الأغلبية في اللجنة التأسيسية للدستور المصري الجديد

عاصفة غضب في أوساط طلاب الدولة المدنية ومساع قانونية لوقفها

TT

حاز التيار الديني، الذي يهيمن على مقاعد مجلسي البرلمان (الشعب والشورى)، الأغلبية في عضوية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري الجديد، قابلته عاصفة غضب في أوساط طلاب الدولة المدنية وليبراليين ويساريين، بينما قالت مصادر قضائية إن هناك مساعي لتقديم موعد جلسة قضائية للنظر في الدعاوى القانونية المطالبة بوقف أعمال الجمعية التأسيسية باعتبار أنها مخالفة للدستور.

وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن نسبة أعضاء الأحزاب والشخصيات من التيار الديني، وصلت إلى نحو 70 في المائة من عضوية لجنة الدستور المكونة من مائة عضو، مشيرة إلى أن نسبة الإسلاميين مرشحة للزيادة بعد انسحاب الكثير من الأعضاء والشخصيات المدنية احتجاجا على هيمنة «الإخوان» والسلفيين على عملية تشكيل الجمعية.

وتتكون الجمعية التأسيسية من مائة شخص؛ 50 في المائة منهم من أعضاء البرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى)، و50 في المائة من النقابات والهيئات والاتحادات والشخصيات العامة، وستبدأ أول اجتماعاتها في مبنى البرلمان يوم الأربعاء المقبل، لوضع أول دستور لمصر بعد ثورة «25 يناير»، التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

وتصدرت قيادات سياسية من جماعة الإخوان والسلفيين قائمة الأعضاء الذين سيضعون دستور مصر الجديد، وعلى رأسهم، من كبار قيادات الإخوان بمجلسي البرلمان: سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب، وأحمد فهمي رئيس مجلس الشورى، وعلي فتح الباب نائب رئيس الشورى، ومن القيادات السلفية: أشرف ثابت أحد وكيلي مجلس الشعب، وطارق الزهري الوكيل الثاني للشورى. ومن القيادات الدينية من خارج البرلمان جرى انتخاب نصر فريد واصل، ومحمد عمارة ونادر بكار وعبد الهادي القصبي وعبد الرحمن البر.

وبينما قال الكتاتني إنه بانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور تم وضع اللبنة الأولى من لبنات الديمقراطية، تواصلت أمس احتجاجات التيار الذي يضم طلاب الدولة المدنية، ضد الجمعية التأسيسية بتشكيها الذي أعلن عنه أمس. ودعت الجمعية الوطنية للتغيير واللجنة الشعبية للدستور إلى وقفة احتجاجية اليوم (الاثنين) أمام مبنى (محكمة) مجلس الدولة للمطالبة بتحديد جلسة عاجلة لنظر القضية المطالبة بإبطال تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، مشيرة إلى أن تحديد جلسة من المحكمة يوم 17 الشهر المقبل «موعد متأخر». وفي وقت لاحق من يوم أمس نقلت مصادر قضائية أن الجلسة ستعقد بشكل عاجل يوم غد (الثلاثاء).

وأعلنت قيادات عمالية رفضها لتشكيل الجمعية التأسيسية. وقال عبد الفتاح إبراهيم، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إنه من الأفضل للاتحاد الانسحاب من الجمعية التي ضمت عضوا واحدا عن التنظيم النقابي البالغ عدد أعضائه نحو 5 ملايين، يمثلون نحو 24 مليون عامل في المواقع الإنتاجية الخدمية. وأدان «اتحاد كتاب مصر» أمس تشكيل جمعية وضع الدستور، مشيرا إلى أن حزبي الأغلبية (الإخوان والسلفيون) لم ينتخبا في لجنة الدستور أي كاتب من الأسماء العشرة التي تقدم بها، و«تضم الأسماء أكبر القامات الأدبية والفكرية على الساحة المصرية».

وقال حمدين صباحي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية: «أشعر بالأسى والغضب والاستياء» من طريقة اختيار الجمعية التأسيسية، ووصف ما حدث من الأغلبية البرلمانية بأنه «رسالة استئثار واستحواذ لحساب الأغلبية الإسلامية».

وقال الدكتور هاني سري الدين، عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار، الذي تقدم بأول استقالة من عضوية اللجنة التأسيسية للدستور: «بكل أسف.. الأعضاء الليبراليون في اللجنة مجرد ديكور». وأضاف: «هل يعقل أن تكون اللجنة التأسيسية لتشكيل الدستور ليس بها فقيه دستوري واحد أو قانوني كبير».

وعلق الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، قائلا إن أعضاء حزبه انسحبوا من اللجنة التأسيسية. وقال أحمد ماهر، المنسق العام لحركة 6 أبريل، إن اللجنة التأسيسية للدستور «غير مقبولة ومرفوضة من قوى الثورة وشبابها»، الذي قال إنهم «لن يصمتوا كثيرا أمام هذا الاحتكار لتشكيل الدستور من قبل التيار الإسلامي». بينما أضاف محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن «انتهازية الإخوان لتشكيل الدستور لن تصمت عليها المنظمات الحقوقية في مصر»، مشيرا إلى أن ما يفعله الإخوان «ردة على الثورة المصرية».

من جانبها، انتقدت مارجريت عازر، عضو مجلس الشعب عن حزب الوفد، وأحد الأقباط الستة الأعضاء في اللجنة التأسيسية للدستور، حالة الانقسام والجدلية الحادة التي تشهدها مصر حيال تشكيل اللجنة، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا كل هذا الانقسام؟». وأضافت: «نحن دخلنا المعركة ونحن ندرك النتيجة مسبقا، لهذا يجب في هذه المرحلة الحرجة عدم افتعال إشكاليات لا مجال لها».