مراقب الإخوان: سنشارك في المرحلة الانتقالية لسوريا من الاستبداد إلى الديمقراطية

الشقفة لـ«الشرق الأوسط»: لا نعارض انتخاب مسيحي أو امرأة لرئاسة سوريا

رياض شقفة وأطفال خلف سياج أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (رويترز)
TT

قدمت جماعة الإخوان المسلمين أمس وثيقتها «التاريخية» التي قدمت من خلالها أنها كحركة تسعى لإقامة «دولة مدنية حديثة تعددية» في سوريا، ساعية إلى تطمين «الخائفين والمخوفين» منها، رافعة «حجتها» أمامهم، تاركة لهم الخطوة التالية على طريقة «اللهم إني بلغت».

ويصر قادة الحركة على أنهم لم يأتوا بجديد في خطابهم، بل أعادوا التركيز على الثوابت التي رفعها مؤسس الحركة الدكتور محمد السباعي في الخمسينات، لكنهم يقرون بأن النظام «امتلك مفتاح الحقيقة لفترة طويلة» بعد أحداث الثمانينات (التي يصر قادتها على اعتبارها مرحلة استثنائية)، حيث قدم روايته التي أظهر فيها الإخوان تنظيما شريرا إرهابيا.

قادة الحركة يصرون على أنها أكثر الأحزاب ديمقراطية على الإطلاق، مستدلين على ذلك بأن الحركة هي الوحيدة التي يوجد في داخل هيكلها التنظيمي 4 مراقبين سابقين يمارسون مهامهم كأي فرد آخر فيها، في أبهى دليل على التداول الطبيعي للمواقع فيها، بالإضافة إلى احتواء الحركة على عدد كبير من الأكاديميين وأساتذة الجامعات المرموقين.

ويذهب المراقب العام للإخوان رياض الشقفة، إلى حد التأكيد على أنهم لا يعارضون وصول أي امرأة أو رجل مهما كان دينه إلى موقع الرئاسة، «طالما أن الشعب اختاره». وقال الشقفة لـ«الشرق الأوسط» إن «المجتمع السوري لم يكن يوما طائفيا، ففارس الخوري انتخب عدة مرات رئيسا للحكومة في سوريا لأنه كان كفئا لمنصبه ولم يقف أحد بوجهه لأنه كان مسيحيا»، مشددا على أن الإخوان لا فرق لديهم بين أن يأتي رجل مسيحي أو مسلم أو امرأة لرئاسة سوريا، طالما أن الفائز يستحق منصبه نتيجة تصويت يعكس الإرادة الحقيقية للشعب السوري.

وشدد الشقفة كذلك على أن النص على اعتماد الكفاءة والاستحقاق لم يأت من فراغ، مؤكدا أن الإخوان المسلمين مستعدون للاحتكام إلى العملية الديمقراطية والقبول بنتائجها - مهما كانت - لأن الشعب السوري يستحق تمثيلا صحيحا وأمينا لإرادته، بعد كبت هذه الإرادة طوال الأعوام السابقة. وانتقد الشقفة بعض الأصوات النشاز داخل المعارضة التي تنضم للنظام في التخويف من الإخوان، معتبرا أن الإخوان قدموا رؤية شفافة وواضحة وصادقة.. وهم الآن في انتظار الخطوة التالية من الأطراف الأخرى التي تدعي أو تتوهم الخوف منا.

أما نائب المراقب العام للشؤون السياسية صدر الدين البيانوني، الذي قاد الحركة لنحو 13 عاما، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «النص الذي قدمته الجماعة في ما خص الكفاءة هو ذاته الذي قدمه مؤسسها الدكتور مصطفى السباعي في عام 1950، للجنة التي كانت مكلفة بوضع الدستور. والنص يقول بالحرف الواحد إنه (لا يجوز أن يحال بين أي مواطن سوري وبين الوصول إلى أعلى المناصب في الدولة بسبب جنسه أو عرقه أو دينه)».

وأشار البيانوني إلى أنه «عندما نحتكم إلى صندوق الاقتراع، لا بد أن نقبل بنتيجته مهما كانت، حتى لو فاز محارب للحركة الإسلامية»، وأضاف: «لا بد من القبول بنتائج العملية الديمقراطية، وهذا مبدأ مسلم به.. ومن جهة أخرى فإن موضوع التوافق مهم جدا لدينا، لا سيما في ما يتعلق بالدستور». وتابع: «نحن أكدنا في هذه الوثيقة على أن الدستور يجب أن يكون من ضمن توافقية وطنية، بمعنى أنه لا يجوز أن تقوم الأكثرية بإلغاء حق المسيحيين لأنهم أقلية، أو تلغي حق الأكراد.. ولذلك لا بد من أن نراعي كل هذه الأمور من خلال التوافق».

وأشار البيانوني إلى أن الموقف السياسي الحالي لإخوان مصر والعالم العربي موحد، فكلهم يستنكرون على إيران وقوفها إلى جانب النظام، وبيانات الإخوان في مصر وغيرها تستنكر هذا الموقف، موضحا أن الالتباس حصل ربما خلال حرب عام 2006 وتصريح المرشد العام بأنه مستعد لإرسال 20 ألف مقاتل يقاتلون إلى جانب الحزب.. وقال: «أما وقد أصبح الموقف في سوريا على ما هو عليه اليوم، فإن الإخوان جميعا يأخذون على إيران ما تقوم به».

بدوره، كشف نائب المراقب العام للإخوان محمد فاروق طيفور، لـ«الشرق الأوسط»، أن التنظيم العالمي للإخوان اتخذ قرارا بمقاطعة كل النشاطات التي تقام في إيران تعبيرا عن الاحتجاج على الموقف الإيراني من القضية السورية ودعمها للنظام الجائر.

وكانت قيادة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عقدت مؤتمرا صحافيا في العاصمة التركية، تقدمت خلاله بـ«عهد وميثاق يصون الحقوق ويزيل المخاوف ويمثل رؤية وطنية» تتبناها الجماعة «وتؤسس لعلاقات وطنية معاصرة آمنة بين كل مكونات الشعب السوري وتياراته».

وجاء في بيان الجماعة أن الإخوان يلتزمون بـ«دولة مدنية حديثة تقوم على دستور مدني منبثق عن إرادة الشعب السوري تضعه جمعية تأسيسية يحمي الحقوق الإنسانية للجماعات والأفراد»، وذلك «من أجل وطن حر وحياة حرة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ سوريا التي يولد فيها الأمل على يد أبنائها في ثورة وطنية عامة يشارك فيها الشعب بكل مكوناته».

وكان المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا رياض الشقفة، استهل المؤتمر الصحافي بالقول: «إن روسيا تخوف العالم من حكم السنة بعد سقوط النظام السوري، في حين أن هذا النظام ومنذ أن أتى يزرع الفتنة بين مكونات الشعب السوري». وقال إن هذا المؤتمر قد عقد لـ«يبين للعالم أجمع حقيقة مواقفنا ونظرتنا إلى نظام الحكم بسوريا وكيف ستتعامل مكونات المجتمع السوري مع بعضها لإعادة النظام إلى هذا البلد»، مطالبا الشعب السوري بـ«التكاتف من أجل عودة سوريا إلى تقدمها».

وردا على أسئلة الصحافيين، قال: «هناك أشخاص يخوفون الناس من الإخوان المسلمين، وهذا البيان يتضمن مواقف الجماعة منذ تأسيسها وإعادة تأكيدها اليوم تأتي لأن النظام يخوف الناس من بعضهم البعض ويوهم الناس بأن الإخوان قادمون في سوريا، ويقول إن الإخوان سيستأثرون بالحكم.. نحن سوف نشارك بالمرحلة الانتقالية كي تنتقل سوريا من مرحلة الاستبداد إلى مرحلة الديمقراطية».

وعن مؤتمر المعارضة السورية الذي سيعقد في إسطنبول اليوم (الاثنين) وغدا، قال: «المؤتمر سيشمل المجلس الوطني وكل أطياف المعارضة السورية، والهدف منه سيكون رسالة قوية لمؤتمر (أصدقاء سوريا) بأن المعارضة موحدة وهناك اتفاق على رؤية مشتركة.. وهناك أوراق عمل مقدمة وسوف تبحث من خلال ورشات عمل، وسيصل المؤتمرون إلى صيغة موحدة لرؤية سورية يتفق عليها كل أطياف المعارضة».

وأوضح أن هناك «فكرة لأن يكون تحت خيمة المجلس الوطني أكبر قدر ممكن من أطياف المعارضة»، معربا عن «أمل كبير في أن ينجح لقاء المعارضة وأن تتوحد تحت سقف المجلس الوطني، وأن يكون هناك دور أكبر لكل مؤسسات المجلس الوطني».

وشدد الشقفة على أن «اختيار برهان غليون كرئيس للمجلس الوطني كان اختيارا ديمقراطيا، وحصل على أكثر من ثلثي الأصوات.. ونحن نعتقد أننا سنصل إلى اتفاق مشترك مع مختلف أطياف المعارضة تحت سقف المجلس، وسوف نفتح ورشات عمل لإعادة هيكلة المجلس الوطني وتوسعة المجلس وتفعيل عمله في المرحلة القادمة، وربما نستطيع أن نحقق من مؤتمر (أصدقاء سوريا) اعترافا أكبر بأن المجلس الوطني هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري».

وأعلن الشقفة أن «قيادة المعارضة التقت ممثلين عن أكثر من 10 دول، ستشارك بمؤتمر (أصدقاء سوريا)، وأبلغوها نيتهم الاعتراف بالمجلس الوطني بأنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري»، متوقعا أن «تكون نتائج مؤتمر إسطنبول أفضل من نتائج مؤتمر تونس».

وختم الشقفة المؤتمر بالإشارة إلى أن «التجربة التركية هي تجربة مهمة وستكون موضع استفادة من قبل الشعب السوري، وهي تجربة رائدة في الحرية»، مشددا على «انفتاح الجماعة على أي تعاون والترحيب بأي إسناد للشعب السوري»، معربا في ختام المؤتمر عن التفاؤل بـ«عقد المؤتمر الصحافي المقبل في دمشق».