رئيس مجلس النواب المغربي: الاتحاد المتوسطي ضرورة استراتيجية تنموية وأمنية ملحّة

مسيرة في الرباط للتضامن مع القضية الفلسطينية.. وتنديد بمشاركة إسرائيليين في اجتماع برلماني دولي

إحراق العلم الإسرائيلي خلال مسيرة نظمت في الرباط أمس للتضامن مع الشعب الفلسطيني (إ.ب.أ)
TT

قال كريم غلاب، رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى)، إن الاتحاد من أجل المتوسط يعتبر ضرورة استراتيجية تنموية وأمنية ملحّة، يزيد من حتميتها عصر التكتلات، وتطلعات شعوب الضفة المتوسطية إلى تجسيد الروابط المتجذرة التي تجمع بينها استنادا إلى علاقاتها التاريخية والحضارية ومصيرها المشترك.

وشدد غلاب، في كلمة خلال افتتاح الدورة الثامنة للجمعية البرلمانية للاتحاد المتوسطي، التي انطلقت أشغالها بالرباط أمس، على أن التجمع البرلماني للجمعية في سياق الظرفية الإقليمية والدولية الراهنة من شأنه الإسهام بفعالية في تدعيم الروابط التاريخية للحوض المتوسطي، التي تعتبر منبع الحضارات الإنسانية والديانات السماوية الثلاث، وموطن الشعوب المختلفة، ومنطلق التكنولوجيات الحديثة، وملتقى الثقافات، وتلاقح النظريات والأفكار.

وقال غلاب، في السياق ذاته: «إن إيماننا قوي، واقتناعنا راسخ بأن الطريق الأنجع لتحقيق التطلعات المشتركة لبلداننا الأورو - متوسطية في التكامل والتنمية، والأمن والاستقرار، ورفع التحديات التي تفرضها تداعيات شمولية الاقتصاد، ومتطلبات التنمية المستدامة، ومواجهة المصاعب الأمنية المشتركة، تتمثل أساسا في تعميق تشاورنا البرلماني بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك بشكل منتظم ووفق منهجية ناجعة».

من جهة أخرى جدد رئيس مجلس النواب المغربي التأكيد على عزم البرلمان المغربي الثابت على تنشيط العمل الأورو - متوسطي، مضيفا أن الاتحاد «يعد حصانة للمنطقة في وجه الأزمات الاقتصادية والمالية، والتهديدات الأمنية، ومن شأنه أن يؤهل تجمعنا ليصبح فاعلا أساسيا وشريكا استراتيجيا قويا في محيطه الإقليمي».

وحول الدورة الثامنة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، أبرز غلاب أن الجمعية تلتئم «في ظل تغييرات بنيوية تشهدها منطقتنا الأورو - متوسطية»، معربا عن أمله الكبير للمضي قدما نحو مستقبل زاهر ينبني على الحوار البناء والتشاور المتواصل والعمل البرلماني الميداني الدؤوب، لتتبوأ المكانة اللائقة بها من خلال تمكينها من كل الآليات الفعالة للنهوض بدورها الحيوي حتى تتمكن من كسب الرهانات السياسية والاقتصادية والتنموية والأمنية للمنطقة».

ونوه غلاب بحصيلة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، التي كان للمغرب شرف رئاستها منذ مارس (آذار) 2011، التي استطاعت عبر دوراتها واجتماعات لجانها وندواتها أن تؤطر حوارا برلمانيا بين ضفتي المتوسط على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من خلال تشخيص التحديات والمشكلات، واقتراح البدائل حتى تصبح البحيرة المتوسطية عامل تلاقٍ وتعاون وتضامن، وفضاء للسلم والاستقرار على أساس مبادئ القانون الدولي.

وأشار غلاب إلى ما شهدته الضفة الجنوبية للمتوسط، منذ انعقاد الدورة الأخيرة للجمعية في روما، من تحولات وتقلبات سياسية عاصفة، وذلك نتيجة لارتفاع وتيرة الاحتجاج الجماهيري في بعض بلدان الضفة دفاعا عن مطالب جوهرية مشروعة لصيانة الكرامة الفردية والجماعية.

وقال إن بعض بلدان جنوب المتوسط كالمملكة المغربية اختارت مبكرا الانفتاح والتعدد والممارسة الديمقراطية، مما أمكنها من أن تستوعب هذه اللحظة، وأن تستبقها بالإمعان في أوراش الإصلاح السياسي والدستوري التي كانت قد انطلقت منذ أكثر من عشر سنوات.

ولم تفُت غلاب الفرصة للتأكيد على الضرورة المستعجلة لإنهاء معاناة الشعب السوري و«ما يتعرض له من قمع وتقتيل وسفك للدماء وخرق لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، وذلك من خلال مواقف حازمة للمجموعة العربية والمنتظم الأممي، بما يضمن للشعب السوري حقه في الحرية والديمقراطية والكرامة، وفي إطار احترام سيادته ووحدته واستقراره. كما ندد بالسلوك الرسمي الإسرائيلي المتغطرس تجاه الشعب الفلسطيني، حيث تتواصل الاغتيالات الممنهجة، والاعتقالات غير المشروعة، وهدم البيوت والمساكن، إمعانا في العداء والكراهية والعنصرية والنيل من طمأنينة واستقرار وراحة المدنيين العزّل، والمضي دون رادع في سياسة الاستيطان المرفوضة سياسيا وقانونيا وأخلاقيا، وعدم التردد في خرق الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني، والاستهتار بكل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وقال غلاب إن «مسؤولية المتوسطيين اليوم في استتباب السلم والأمن والوفاق على المستوى العالمي تعتبر جسيمة لأن المدخل الأساسي للسلم العالمي هو الحل العادل والشامل والنهائي للنزاع العربي الإسرائيلي، وذلك على قاعدة قرارات الأمم المتحدة ومبادئ العدل والإنصاف المتمثلة في الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتلك هي القيم الموحدة التي ستمكننا من بناء تحالف الحضارات».

وخصصت الدورة العامة الثامنة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط نقاشاتها العامة لموضوع «الاتحاد من أجل المتوسط والتحديات الرئيسية لمنطقة المتوسط».

وبدوره أبرز رئيس الاتحاد البرلماني الدولي، عبد الواحد الراضي، الإسهام المتميز والكبير للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، عبر مسارها الغني، في تعزيز الحوار البرلماني الأورو - متوسطي، وتشخيص التحديات الكبرى المطروحة على هذه المنطقة في مختلف الميادين السياسية والأمنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية.

وأكد الراضي في كلمته، على دور الجمعية في بلورة المداخل وتحديد الوسائل الكفيلة بتقليص الهوة بين ضفتي المتوسط وضمان التنمية المتوازنة والرخاء المشترك، وتحقيق السلم والأمن والاستقرار، وتحويل البحر الأبيض المتوسط إلى عامل تلاقٍ وحوار وتعاون، بدل أن يصبح جدارا فاصلا.

وأضاف الراضي أن الاتحاد البرلماني الدولي يشجع ويدعم الجمعية، التي تتوفر على وضعية عضو مشارك به، كما يدعم كل التجمعات البرلمانية الجهوية والإقليمية، انطلاقا من اقتناعه بدورها الأساسي في تقوية الديمقراطية ونشرها وتعميم قيمها، وبالتالي ضمان السلم والاستقرار على الصعيد العالمي.

وبموازاة مع ذلك شهدت الرباط صباح أمس تنظيم مسيرة حاشدة للتضامن مع القضية الفلسطينية، دعت إليها «الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة»، التي تعتبر جماعة العدل والإحسان، شبه المحظورة، مكونها الأساسي. وقال المنظمون إن عدد المشاركين في المسيرة، الذين أشعلوا النار في العلم الإسرائيلي، تجاوز مائة ألف مشارك.

وفي سياق ذلك ندد حسن بناجح، مدير مكتب الناطق باسم الجماعة، بوصول وفد من إسرائيل إلى المغرب للمشاركة في الدورة الثامنة للجمعية البرلمانية للاتحاد المتوسطي.

وأوضح عبد الصمد فتحي، منسق الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، وعضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، أن هذه المسيرة تشكل استجابة للدم الفلسطيني وللقدس الشريف وللتنديد بممارسات إسرائيل.