مقرا البرلمان والحكومة المصرية في قبضة «الألتراس»

دعوا لثورة جديدة للقصاص للشهداء.. وهتفوا «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم»

مئات الشباب المنتمين لألتراس النادي الأهلي أثناء حصارهم الكبير لمقري البرلمان والحكومة المصرية وسط هتافاتهم، مطالبين بتطهير وزارة الداخلية من الضباط الفاسدين (أ.ب)
TT

في مربع صغير يربط بين مبنى البرلمان المصري ومقر مجلس الوزراء، ومقر وزارة الداخلية، واصل مئات الشباب صغار السن المنتمين لألتراس النادي الأهلي حصارهم الكبير لمقري البرلمان والحكومة المصرية وسط هتافاتهم ضد المؤسسات الثلاث بعد يومين من الاعتصام، مطالبين بتطهير وزارة الداخلية من الضباط الفاسدين، ومتهمين الحكومة بتسييس العقوبات الموقعة على النادي المصري، وراغبين في معرفة موقف البرلمان مما يحدث، وهي المطالب التي توزعت على لافتات عدة في المكان.

الأخطر أن الألتراس دعوا ثوار مصر للانضمام لهم وبدء ثورة جديدة ضد نظام فاسد أخذ شرعيته من نظام بائد، وفقا لبيان صادر عنهم أول من أمس، شمل أيضا المطالبة بالقصاص من قتل شهداء مصر عموما، وإدانة رئيس الوزراء على تدخله في عقوبات المذبحة، معتبرين حكومته سببا للفوضى في البلاد. وبينما كانت أصوات المئات من مناصري الألتراس تتعالى جوار البرلمان في شارع ضيق يعكس وجهة نظر المجتمع لمجموعات الألتراس عموما، رفض شباب الألتراس الحديث للإعلام خشية تحريف كلامهم، لكن محمد طارق، (24 عاما)، طالب الحقوق والمتحدث الإعلامي باسم الألتراس، قال «لسنا هنا من أجل مطالب شهدائنا في بورسعيد.. نحن هنا من أجل كل شهداء مصر»، قبل أن تتواصل الهتافات بشكل أقوى «سامع أم شهيد بتنادي.. مين هيجبلي حق ولادي». ويعتقد طارق، الذي قال إنه فقد 35 من أصدقائه في بورسعيد أن السلطات المصرية حاولت كسر شوكة الألتراس بمذبحة بورسعيد، مواصلا بصوت حازم بينما كان يأخذ قسطا من الراحة في مقهى عتيق وصغير «ما حدث زادنا قوة وصلابة.. سنواصل سعينا للقصاص لشهدائنا وشهداء ثورتنا.. فنحن جزء من تلك الثورة»، قبل أن يخفت صوته تحت قوة هتاف أنصار الأهلي ومعظمهم من الشباب صغير السن «في بورسعيد ضحايا شافوا الغدر قبل الممات».

وكان اتحاد الكرة في مصر اتخذ قرار إيقاف النادي المصري عن اللعب لمدة عامين، ومنع إقامة المباريات على استاد بورسعيد لمدة ثلاث سنوات، على خلفية أحداث لقاء المصري والأهلي في الأول من فبراير (شباط) الماضي، أسفرت عن سقوط نحو 73 قتيلا ومئات الجرحى، وهو ما علق عليه طارق وآخرون بأنها قرارات «مسيسة» وغير مرضية وتغفل دماء زملائهم.

وخلاف الاعتصامات الأخرى التي تضرب مصر منذ ما يزيد على العام، فرض الألتراس ضوابط صارمة على المبيت في الاعتصام ليلا، منها عدم وجود فتيات بعد الثامنة مساء، كذلك عدم وجود باعة جائلين بينهم، وهو ما علق عليه طارق «مبدأنا أساسا ألا يكون معنا فتيات في المدرجات وبالتالي في تجمعاتنا في الشارع.. ثم إننا لا نريد فتح أي باب للقيل والقال».

وبين فترة وأخرى، يتجمع شباب الألتراس ليرددوا هتافاتهم المدوية واللاذعة ضد المجلس العسكري والشرطة المصرية، وهو ما يتجاوب معه الكثير من الحضور من شباب وفتيات، كما أقام رامي عصام، المشهور بكونه مغني الثورة، حفلا قصيرا تجاوب معه الجميع.

وعبر عام من الثورة، شكلت مجموعات الألتراس وقود معظم المواجهات الدامية التي اصطدم فيها شباب الثورة مع قوات الأمن، خاصة في أحداث شارعي محمد محمود وقصر العيني، وأخيرا أحداث وزارة الداخلية التي تفجرت بعد مذبحة بورسعيد، ويقول مراقبون إن استفزاز شباب الألتراس بشكل أو بآخر ربما يفتح بابا جديدا للمواجهة بين السلطات والشباب بشكل عام.

وقال محمد مروان، (22 عاما)، «جئت من مدينة المحلة للاعتصام هنا حتى تصدر عقوبات رادعة ضد كل من قتلونا في بورسعيد»، وأوضح مروان، الذي ارتدى فانلة سوداء كتب عليها «يوم ما أفرط في حق الشهيد.. هكون ميت أكيد»، أنه فقد صديق عمره في مذبحة بورسعيد، قبل أن تغالبه دموعه ويتحشرج صوته جوار خيمته الصغيرة التي تراصت وسط مئات الخيام الأخرى على رصيف البرلمان.

وبينما أصبح الدخول للبرلمان المصري مستحيلا قبل يومين من جلسة برلمانية مهمة قد تشهد تجدد الجدل حول سحب البرلمان المصري للثقة من الحكومة، هتف محمد شعبان، (18 عاما)، وسط عشرات من زملائه بالزي الأبيض لا الأحمر «يا نواب البرلمان.. أم شهيد مش عارفة تنام»، اللافت أن شعبان ينتمي لألتراس الزمالك المنافس للنادي الأهلي.

وأكد شباب الألتراس أنهم لن ينهوا اعتصامهم إلا بتحقيق القصاص، لكن شعبان قال «أخشى أن يكون الرد علينا باستخدام القوة»، قبل أن يهتف بعزيمة قوية «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم».