خطة أوباما الصحية أمام المحكمة العليا بعد ضغوط الجمهوريين

احتجاجا على بند يجبر كل أميركي بالغ على دفع أقساط تأمين شهرية

مسيرة مؤيدة لحماية المريض وبأسعار معقولة أثناء النظر في قانون الرعاية الصحية أمام المحكمة العليا في الولايات المتحدة أمس (أ.ف.ب)
TT

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) حيث يتوقع أن يتعرض الرئيس باراك أوباما إلى هجوم متزايد من قادة الحزب الجمهوري، خاصة بسبب قانون الرعاية الصحية الذي كان وقع عليه أوباما قبل سنتين، أوصل الجمهوريون الموضوع إلى المحكمة العليا التي بدأت أمس النظر في دستورية القانون.

يتوقع أن تنظر المحكمة في الموضوع لثلاثة أيام متتالية، عكس العادة المتبعة، وذلك بسبب أهمية الموضوع، وتأثيره على القانون الذي بدأ فعلا تنفيذ بعض أجزائه. ويتوقع أن تقرر المحكمة إما دستورية القانون، مما سيعني انتصارا كبيرا لأوباما وللحزب الديمقراطي، وإما عدم دستوريته، مما سيعني عدم تنفيذ جزء من القانون.

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن البند الرئيسي الذي يعترض عليه الجمهوريون، والذي بسببه أوصلوا الموضوع إلى المحكمة العليا، هو إجبار كل أميركي بالغ على دفع أقساط تأمين صحي شهرية. يقول الجمهوريون إن هذا غير دستوري لأنه جباية، ويذكر الأميركيين بجبايات فرضتها حكومات ولايات جنوبية على الزنوج أيام تجارة الرقيق والتفرقة العنصرية، وأيضا يعتبرونه تعديا على خصوصية المواطن الأميركي التي يحميها الدستور. في الجانب الآخر، يقول الديمقراطيون إن الحكومة تقدر دستوريا على فرض ضرائب على فئة معينة من المواطنين، وإن أقساط التأمين الصحي يمكن أن تكون في صورة ضرائب.

ينص القانون على توفير التأمين الصحي لنحو 32 مليون أميركي ليست لديهم أي تغطية صحية في الوقت الحالي. ورغم أن كثيرا من الأميركيين يعتمدون على تأمينات صحية من شركات وبنوك وحكومات اتحادية وحكومات ولايات ومقاطعات ومدن، قللت شركات كثيرة من هذه التغطية الصحية، بالإضافة إلى المشكلة الاقتصادية التي بسببها وجد ملايين الأميركيين أسماءهم في قائمة العاطلين وبالتالي قائمة المحرومين من أي تغطية صحية.

ومع بداية إجراءات المحكمة أمس، اجتاحت واشنطن مظاهرات صاخبة من مؤيدي ومعارضي القانون. غير أن متظاهرين كانوا تجمعوا أمام المحكمة منذ عطلة نهاية الأسبوع.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) تصريحات لبعض هؤلاء. وقال جاسبر جونسون، فني كومبيوتر جاء إلى واشنطن من سان فرانسيسكو: «إنه قانون لتوفير الرعاية الصحية للجميع. إنه مهم جدا». وأضاف جونسون الذي كان يجلس أمام المحكمة مع عدد من الأشخاص منذ يوم الجمعة للحصول على المقاعد القليلة المخصصة للجمهور داخل مبنى المحكمة العليا العملاق الذي يقع إلى جوار الكونغرس: «كثير من الناس ليست لديهم رعاية صحية. وأنا هنا لا أمثل فقط نفسي، بل أمثل ملايين الأميركيين الذين ليست لهم تغطية صحية».

على الجانب الآخر، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» تصريحات متظاهرين جمهوريين معارضين، ومنهم هنري كوابيرون، الذي جاء إلى واشنطن من ولاية ألاباما، حيث قال: «في ظل نظامنا الأميركي، يجب على كل شخص أن يعمل باجتهاد ليكسب العيش، وليعتمد على نفسه. منذ أكثر من نصف قرن أفسدت الحكومة الأميركية ملايين الأميركيين بأن تولت رعايتهم والصرف عليهم. ليست هذه هي الطريقة الأميركية التي تعتمد على حرية وإبداع كل أميركي». وأضاف: «الحكومة الاتحادية مدينة بستة عشر تريليون دولار. الحكومة الاتحادية أفلست. لننصفها، ولننصف أنفسنا».

وكان ميت رومني، الذي يرجح أن يحصل على ترشيح حزبه الجمهوري للانتخابات الرئاسية ضد أوباما، وصف القانون بأنه «كارثة على الاقتصاد الأميركي». ووصف زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونل، القانون بأنه «انعكاس لجميع تجاوزات هذه الإدارة، إدارة الرئيس أوباما».

وقال إيليا شابيرو، خبير بمعهد «كاتو» المحافظ في واشنطن، إن قانون الرعاية الصحية قد يكلف أوباما الرئاسة. وأضاف: «إذا ألغي القانون، فستلغى أهم إنجازات الرئيس أوباما».

وقال كينيث كوتشينيلي المدعي العام لولاية فيرجينيا، وهو من قادة الحزب الجمهوري، ويتوقع أن يترشح ليكون حاكما للولاية: «إذا استطاعوا أن يجبروك على شراء تأمين طبي، يقدرون على أن يجبروك على شراء سيارة معينة، أو خضار معين، أو عضوية في ناد رياضي معين».

في الوقت نفسه، تسعى 28 ولاية يسيطر عليها حكام جمهوريون إلى إلغاء القانون، إن لم يكن لأسباب دستورية، فعن طريق إجراء تعديلات قانونية محلية عند تنفيذ القانون.

وكانت الجولة القانونية الدستورية التي وصلت إلى المحكمة العليا أمس بدأت قبل سنة برفع خمس قضايا من ولايات، باسم كونغرس كل ولاية، ضد تجاوز الكونغرس الاتحادي لسلطاته الدستورية بموافقته على القانون.

في ذلك الوقت، ردت وزارة العدل بقولها إن القانون يقع في نطاق سلطة الكونغرس الاتحادي الدستورية التي تخوله تنظيم التجارة وفرض الضرائب على السكان في أي ولاية، وبأي طريقة قانونية.

وأمس، قال المستشار البارز في البيت الأبيض، ديفيد بلوف، إن المحامي العام للحكومة الاتحادية، دونال فيريلي، «سيقدم مرافعة قوية للغاية حول الأسباب التي تجعل القانون دستوريا وحول أهمية هذا القانون».