الكويت: الحكومة تتجاوز عقبة الاستجواب الأول.. وعاصفة أخرى مقبلة

القبض على «مغرد» أساء للرسول.. ونواب يطالبون بالإعدام

رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح (يمين) والنائب الكويتي صالح عاشور قبل انطلاق الاستجواب أمس (أ.ف.ب)
TT

تجاوزت الحكومة الكويتية، أمس، عقبة الاستجواب الأول الذي شهرته بوجهها الأقلية البرلمانية (معارضة)، باستعراض في جلسة مفتوحة لم تتمكن المعارضة من حشد التأييد لموقفها، لكن عاصفة من الاستجوابات بدت تلوح في الأفق من شأنها أن تثير الكثير من الأزمات السياسية في البلاد.

ويوم أمس رفع رئيس مجلس الأمة، أحمد السعدون، جلسة المجلس العادية التكميلية التي شهدت، ولأول مرة منذ تشكيل الحكومة، صعود الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء منصة الاستجواب المقدم من النائب صالح عاشور، وجاء رفع الجلسة نهائيا دون أن يتقدم أي نائب بطلب عدم التعاون مع رئيس الوزراء. وفي حين استعرض كل من الطرفين حججهما، لم تتمكن المعارضة من إحداث شرخ في أوساط الأكثرية البرلمانية، على الرغم من مساجلات شهدها المجلس يوم أول من أمس اتهمت فيها الأغلبية بممارسة الإقصاء والتشدد والديكتاتورية تجاه الأقلية، الأمر الذي دفع نوابا من الأقلية للتلويح بعاصفة من الاستجوابات، كان أحدها مقدما من النائب حسين القلاف لوزير الإعلام الشيخ محمد العبد الله، وأنباء عن استجواب آخر للنائب محمد الجويهل ضد وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود، في حين تحدثت أنباء عن استجوابات مماثلة من بعض كتل الأغلبية، بينها استجواب (متوقع) من كتلة العمل الشعبي التي تضم في عضويتها رئيس المجلس أحمد السعدون، والنائب مسلم البراك، إلى وزير المالية مصطفى الشمالي، واستجواب آخر لوزير الشؤون أحمد الرجيب، كما أشارت أنباء أخرى عن اعتزام النائب عدنان المطوع تقديم استجواب لوزير الصحة، الدكتور علي العبيدي.

وفي رده على استجواب النائب عاشور، قال رئيس الوزراء الكويتي، إنه «لا يوجد في الدستور ما يسمى حكومة أقلية أو أغلبية، بل هذه حكومة سمو أمير البلاد». وأثنى النائب عاشور على خطوة رئيس الحكومة اعتلاء منصة الاستجواب في جلسة علنية، وقال: «إذا سجل لرئيس الوزراء السابق صعوده المنصة 4 مرات في جلسة سرية فيسجل لك يا سمو الرئيس أن تصعد المنصة بجلسة علنية»، لكنه لوح بـ«سيل من الاستجوابات قادمة من الأغلبية والأقلية»، وطالب الحكومة بالاستقالة «لفقدانها الرؤية السياسية الواضحة».

وردا على دفاع رئيس الوزراء بأن الاستجواب يخص أعمال حكومة سابقة، قال عاشور: «إن الحكومة السابقة موجودة بالصف الأول»، وأضاف: «إذا لم تحل الحكومة جميع الوزراء والنواب من عام 2006 ممن تضخمت حساباتهم للنيابة فسنلتقي مرة أخرى على هذه المنصة».

وانتقد عاشور قول رئيس الحكومة إن الاستجواب غير دستوري لأن محوري الإيداعات والتحويلات منظوران أمام القضاء والنيابة العامة، وقال عاشور: «إنني أقدم استجوابي للمساءلة حول الشق السياسي في مسؤولية رئيس الوزراء، أما الشق الجنائي فتتولاه النيابة العامة والقضاء». وأضاف: «إذا كان الاستجواب غير دستوري فلماذا وافقت الحكومة على صعود المنصة، ولماذا لم تفند محاور الاستجواب؟».

ودافع المبارك عن إجراءات حكومته، وقال إن الحكومة اتخذت إجراءات بحق ما نشر في الصحف ومخالفات البنوك، ولا يمكن أن نتدخل في أعمال القضاء، مضيفا: «لا تجوز المساءلة السياسية على قضايا معروضة أمام القضاء»، وتحدث المبارك عن ملف التحويلات التي نشرتها إحدى الصحف وأدت إلى أزمة واتهامات بالفساد، أسفرت عن حل المجلس السابق، وقال إن ما نشرته الصحيفة عن الإيداعات لم تثبت صحته حتى الآن والقضية قيد التحقيق. وعقب انتهاء المجلس من مناقشة الاستجواب، قال الشيخ جابر المبارك: «ندرك أن علينا مسؤولية وطن وشعب، ونعترف بأننا نعاني جملة من الاختلالات والمشكلات»، مبينا أن الاعتراف «هو الخطوة الأساسية الأولى لبدء الإصلاح ومعالجة أوجه الخلل والقصور المتراكم، إنما العيب في استمرار التغاضي عن هذه الاختلالات والتقليل من مخاطرها وعدم إدراك محاذيرها في الحاضر والمستقبل». وأعرب عن شكره للنائب صالح عاشور على إتاحته الفرصة لكشف الحقائق المتعلقة بالقضايا التي طرحها الاستجواب وتفنيد محاوره، «وليكون أبناء الكويت الغالية على ثقة بأن حكومتهم لا تخفي شيئا أو تخشى في الحق لومة لائم، وأنها الأمينة على مصالحهم جميعا».

في موضوع «البدون» أكد رئيس الحكومة اهتمامه وبشكل خاص بقضية فئة المقيمين بصورة غير قانونية «منذ أن كنت وزيرا للدفاع حتى اليوم»، مضيفا أن «البدون» ينقسمون إلى 3 فئات، أولاها تستحق التجنيس، والثانية تستحق الإقامة، أما الأخيرة فتستحق الراتب. في حين تساءل عاشور: «ألا نستطيع أن نجنس 50 ألفا من (البدون) في حين أعطينا 70 ألف جنسية لآسيويات وأميركيات من زوجات الكويتيين».

وبعد استماع المجلس إلى مرافعة طرفي الاستجواب وردودهما، استمع إلى مداخلتين من النائبين عدنان المطوع وعبد الحميد دشتي، بصفتهما مؤيدين للاستجواب، ومداخلتين من النائبين محمد الصقر وعبد الله الطريجي بصفتهما معارضين للاستجواب.

النائب عبد الحميد دشتي وصف وقوف رئيس الوزراء أمام الاستجواب بالوقفة التاريخية، وقال إن صعوده المنصة رغبة في تفنيد محاور الاستجواب المقدم إليه «تشهد له، ولا نريد أن تتعرض الحكومة للابتزاز بل نريدها حكومة ترسخ دولة المؤسسات والوحدة الوطنية في البلاد».

وشدد على ضرورة حل القضايا التي تضمنتها صحيفة الاستجواب وعلى رأسها قضية المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) لا سيما أن الكويت دولة تؤمن بحقوق الإنسان وضرورة احترام تلك الحقوق.

أما النائب عدنان المطوع فتحدث عن أهمية معالجة القضايا التي تطرقت إليها صحيفة الاستجواب المقدمة. وقال: «إن القضايا تحتاج إلى تطبيق جدي للقانون ومنها قضية الإيداعات والتحويلات الخارجية» (وهذه مسؤولية رئيس الوزراء، لا سيما أن المستجوب قدم الأدلة عليها بالوثائق والصور)، وطالب بأن يقوم بنك الكويت المركزي بأداء دوره في مراقبة البنوك، (وكذلك الحكومة التي تملك جميع أدوات الرقابة على أجهزتها).

في حين تحدث النائب محمد الصقر بصفته معارضا للاستجواب، واصفا الاستجواب بأنه «جاء في غير وقته». وقال الصقر إن صحيفة الاستجواب تضمنت قضايا «شكلنا لجان تحقيق برلمانية فيها.. وذهب الاستجواب إلى مساءلة الرئيس دون الوزراء المختصين، وهذا عنوان خطأ، لذا جاء الاستجواب في غير وقته».

كما شدد النائب عبد الله الطريجي، المعارض هو الآخر للاستجواب، على ضرورة قيام الحكومة بحل القضايا التي تضمنتها صحيفة الاستجواب المقدم من النائب صالح عاشور إلى الشيخ جابر المبارك. وقال إذا كان للنائب حق في المراقبة، فإن ذلك الحق ليس مطلقا بل يجب عليه الوقوف عند الأسرار والبيانات، «فإنها حق للأشخاص وليس لأحد الحق بالاطلاع عليها والتعدي على هذا الحق».

وطالب الحكومة بحل قضية المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) دون أن يكون ذلك على حساب مصالح الدولة أو تعريض مصالح الحكومة للخطر.

من جهة أخرى، أعلنت السلطات الكويتية، أمس، أنها ألقت القبض على رجل في وقت متأخر من مساء أول من أمس، بتهمة بث «تغريدات» عبر حسابه الشخصي في «تويتر» مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهي القضية التي شغلت الرأي العام. وتعتبر هذه «التغريدات» من قضايا التجديف التي يحرمها القانون، حيث يصنفها قانون الصحافة والنشر لعام 1961 ضمن قضايا ازدراء الأديان، ويعاقب مرتكبها بالحبس. وقالت وزارة الداخلية الكويتية في بيان نشرته وكالة الأنباء الكويتية إن الرجل الذي لم تكشف عن اسمه أساء للدين الإسلامي وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة وزوجات النبي. ويجري استجوابه قبل إحالته للمحكمة. وجاء في البيان أن الوزارة أعربت «عن الأسف الشديد للاستغلال السيئ من بعض الأشخاص لوسائل التواصل الاجتماعي في الإساءة إلى الثوابت الدينية والقيم الروحية والإسلامية، ولن تتوانى عن ضبط كل من يسيء إلى العقيدة والديانات والأشخاص واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يرتكب مثل هذه الأفعال المشينة».

وكان نواب من سلفيين وقبليين طالبوا، أمس، بإيقاع عقوبة الإعدام بحق المدانين بجريمة الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم. وفي حين سمت مواقع التواصل الاجتماعي «المغرد» حمد النقي بأنه صاحب «التغريدات» المسيئة، نفى الأخير عبر حسابه على موقع «تويتر» أن يكون هو صاحب «التغريدة» التي أساء فيها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وقال النقي على موقعه إنه لا يمكن أن يطعن في عرض رسول الله يوما ما، وأكد أن من قام بذلك شخص آخر أو أن معادين قاموا بذلك.