استمرار الأزمة السياسية والدستورية في مصر ومحاولات من «العسكري» للإنقاذ

شبح حل البرلمان يهدد المرحلة الانتقالية.. وطنطاوي يلتقي قيادات حزبية اليوم

أنصار المرشح الرئاسي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل يحملون صوره في مسيرة داخل جامعة القاهرة أول من أمس (رويترز)
TT

استمرارا للأزمة السياسية والدستورية والقضائية التي تمر بها مصر، رفضت المحكمة الدستورية العليا في مصر أمس الاتهامات الموجهة إليها من بعض القوى السياسية، بشأن تدخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في صدور أحكامها، في وقت تستعد فيه للنظر، خلال أسابيع، في دعوى بطلان انتخابات مجلس الشعب بدعوى عدم دستوريتها، ما يهدد بحل البرلمان.

وعبرت الكثير من القوى ذات التوجه الإسلامي عن خشيتها من حل البرلمان الذي تستحوذ على أغلبيته، واعتبرت أن التلويح بذلك يعد انقلابا على الشرعية. وتعتزم المحكمة الدستورية العليا النظر خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل في الحكم المقدم إليها من المحكمة الإدارية العليا في فبراير (شباط) الماضي، والذي يقضي بوجود عوار قانوني جرت على أساسه الانتخابات البرلمانية، لإبداء الرأي في دستورية هذا القانون.

وقال المستشار ماهر سامي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أمس إن «المحكمة مستقلة تماما عن كل التدخلات في عملها، ولا يملك أحد كائنا من كان، حاكما أو فردا أو سلطة، أن يتدخل في أي شأن من شؤون المحكمة أو عملها»، موضحا خلال مؤتمر صحافي، أن «المحكمة ليست في خصومة أو تحالف مع أحد، وأنها لا يمكن أن تكون كذلك في يوم ما، وهي تضطلع برسالتها السامية بأقصى درجات الحيدة والعدالة في رسالتها».

وأكد سامي أن ملف الدعوى سيتم تسليمه لهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية؛ ليجري تحضيرها وإعداد تقرير في الموضوع، لتحال بعده الدعوى إلى هيئة المحكمة لنظرها والفصل فيها، مشددا على أنه لا يوجد تباطؤ أو إهمال للقضية، وأنها أخذت المسار الإجرائي السليم طبقا لقانون المحكمة الدستورية العليا.

ونفى سامي ادعاءات البعض بأن المجلس العسكري قد يصدر أمرا إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا بإصدار الحكم في القضية على وجه معين، مشددا على أن رئيس المحكمة الدستورية لا يعدو كونه صوتا واحدا ضمن هيئة المحكمة التي تصدر حكمها، والمكونة من 7 مستشارين، وأن رئيس المحكمة لا يمكن له أن يصدر الحكم بمفرده في القضية.

وقال الخبير القانوني الدكتور حسام عيسى، إن المحكمة الدستورية لها سوابق في هذا الموضوع، وقد حكمت ببطلان انتخابات مجلس الشعب قبل ذلك في وضع مماثل، مشيرا إلى أن الحكم الأقرب هو عدم دستورية القوانين المنظمة لانتخابات مجلس الشعب الحالي.

وأكد عيسى لـ«الشرق الأوسط» أن حل البرلمان سيترتب عليه حدوث انتخابات جديدة، ولا يستطيع أحد أن يرفض تنفيذ القانون، لأنه لا تملك أي جهة في مصر ذلك، بما فيها المجلس العسكري، مشيرا إلى أنه في حال تم ذلك ستصبح جريمة كبرى تتعلق بإسقاط هيبة القضاء.

من جانبه، قال عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن «الحكم لا يحال من المحكمة الإدارية إلى الدستورية إلا إذا تبين جدية الطعن، وأنه من المتوقع قبوله بنسبة كبيرة». وأوضح شيحة لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الحكم سيترتب عليه نتائج في منتهى الخطورة تعيدنا إلى المربع الأول».

وبدأت الجمعية التأسيسية للدستور برئاسة رئيس مجلس الشعب، الدكتور سعد الكتاتني، أول أعمالها على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى طبيعة تشكيلها التي يغلب عليها الإسلاميون. وواصل الكثير من أعضاء الجمعية من التيار الليبرالي واليساري انسحابهم من الجمعية؛ اعتراضا على الطريقة التي تم بها انتخاب أعضائها.

ونظم المئات من النشطاء والأحزاب والحركات الثورية مسيرة من ميدان التحرير إلى مجلس الشعب أثناء انعقاد أولى جلسات الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، لإعلان رفضهم لتشكيل اللجنة، معتبرين أنها ستنتج دستورا لن يعبر عن الشعب المصري، على حد قولهم.

وأوضح عاطف البنا، الخبير الدستوري وعضو الجمعية التأسيسية، أنه تقرر تأسيس لجنة تكون مهمتها تلقي الاقتراحات الخاصة بصياغة الدستور من الخارج، والتفاوض مع أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور المنسحبين، وقال البنا: «إن اجتماع أمس إجرائي بحت ونعمل بجد على تقريب وجهات النظر وإعادة المنسحبين للجمعية». ويعتقد البنا أن وجود الكتاتني على رأس الجمعية طبيعي ولا يعكس أي سيطرة من التيار الإسلامي على صياغة الدستور أو يمثل تضاربا للمصالح، معتبرا أن الإعلام يضخم من أزمة الجمعية التأسيسية.

وقالت الدكتورة منى مكرم عبيد، عضو المجلس الاستشاري وعضو الجمعية، المنسحبة، إن الغياب الشديد للتوازن في تشكيل تأسيسية الدستور من ناحية التيارات السياسية والاتجاهات الدينية، وغياب تمثيل النوبة وسيناء، وضعف تمثيل المرأة، أجبرها على الاستقالة من الجمعية.

واجتمع أمس المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري (الحاكم في البلاد) مع رؤساء الأحزاب الممثلة في البرلمان لوضع حل لأزمة تأسيسية الدستور، وأكد المشير طنطاوي خلال الاجتماع، الذي من المفترض أن يعقد ثاني جولاته اليوم (الخميس)، أن الدستور يجب أن يكون بأيدي الشعب بمختلف طوائفه؛ لأنه سيبقى لفترة طويلة يحكم الطريق المصري في الداخل والخارج.

وقال الدكتور محمد البلتاجي، أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة وعضو مجلس الشعب، إن الحزب لديه استعداد لسحب بعض أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور من المنتمين لحزب الحرية والعدالة واستبدال آخرين بهم، متمنيا أن تكون هناك مشاركة أوسع للمرأة والأقباط والشباب فيها.