وزيرة حقوق الإنسان في اليمن تحذر من احتمال فشل الحوار الوطني

استنفار أمني في عدن للبحث عن نائب القنصل السعودي.. والخارجية الأميركية تطلب من رعاياها مغادرة البلاد

يمنيون في مظاهرة تطالب بإعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

حذرت حورية مشهور، وزيرة حقوق الإنسان في اليمن، من تعقد الأوضاع الأمنية وانسداد الأفق السياسي في البلاد إثر تعثر البدء في عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن.

وقالت مشهور، في تصريحات أدلت بها عبر الهاتف، لـ«الشرق الأوسط» في لندن «يصعب الدخول في الحوار الوطني من دون إعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية». وأضافت مشهور أنه «لا بد من البدء في عملية الهيكلة التي ندرك أنها لن تأخذ يوما أو يومين، لكن لا بد من البدء بتغيير بعض القيادات الأمنية والعسكرية للبدء في الحوار».

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول أولوية الحوار والهيكلة قالت مشهور «نحن نرى أن تتوازى عملية إعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية مع الحوار الوطني، لكن لا يمكن البدء بالحوار من دون البدء بالهيكلة، لأننا لا يمكن أن نذهب للحوار والرصاص فوق رؤوسنا»، في إشارة إلى الاختلالات الأمنية الناشئة عن عدم البدء بعملية هيكلة الجيش والأمن حسب مشهور. وحذرت من أن «البدء بالحوار الوطني قبل البدء بالهيكلة ربما يؤدي إلى لا شيء أو إلى نتائج عكسية». وحول تحذير وزارة الخارجية الأميركية لرعاياها من السفر إلى اليمن قالت مشهور «الأميركيون يتخوفون من استهداف مواطنيهم، وهم يلحظون التصعيد، ونحن نأمل من الأصدقاء الأميركيين والأوروبيين والأصدقاء في مجلس الأمن مواصلة الضغط لإنجاح الوفاق والتسوية».

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد حذرت رعاياها من مستوى الخطر الأمني «المرتفع» في اليمن، ودعتهم إلى عدم السفر إليه، وطلبت من الموجودين منهم مغادرة البلاد، وذلك بعد عشرة أيام من مقتل معلم أميركي على يد مسلحين في مدينة تعز.

ونشرت وزارة الخارجية على موقعها الإلكتروني بيانا قالت فيه إن مستوى التهديد في اليمن «مرتفع للغاية»، وقالت إنه على الرغم من أن العنف السياسي قد هدأ في العاصمة صنعاء في الأشهر القليلة الماضية، فإن الاشتباكات ما زالت مستمرة في أنحاء متفرقة من البلاد، ومن المحتمل أن تتصاعد أعمال العنف في أي لحظة، ومن دون سابق إنذار، حسب تعبيرها. وأضافت الخارجية الأميركية أن «المنظمات الإرهابية ما زالت تنشط في اليمن»، مشيرة إلى مقتل المعلم الأميركي جويل شرم الذي قتل في تعز برصاص مسلحين مجهولين يوم 18 مارس، وأعلن تنظيم القاعدة لاحقا مسؤوليته عن الهجوم. وقالت في بيانها إن الحكومة الأميركية قلقة للغاية من احتمال شن هجمات ضد مواطنين أميركيين ومنشآت، وأعمال ومصالح أميركية وغربية في اليمن.

وفي سياق آخر، أعلنت السلطات اليمنية في عدن عن استنفار أجهزتها، من أجل التحري والبحث عن نائب القنصل السعودي عبد الله بن محمد الخالدي الذي تم اختطافه من قبل مسلحين مجهولين صباح أول من أمس، في منطقة ريمي بمدينة المنصورة أثناء توجهه إلى عمله في القنصلية. وأكدت وزارة الداخلية أنها تجري جهودا متواصلة وعمليات بحث في مديريات عدن، للتوصل إلى مكان اختطاف القنصل السعودي والمتهمين في هذه الجريمة.

وناقشت اللجنة الأمنية بمحافظة عدن أمس برئاسة المحافظ المهندس وحيد علي رشيد الأوضاع الأمنية بالمحافظة، بحضور قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء الركن سالم قطن، ومدير أمن عدن اللواء الركن صادق حيد، ومدير الأمن السياسي بعدن فيصل البحر، واستعرضت اللجنة الجهود المبذولة لمعالجة وتصحيح الاختلالات الأمنية التي تواجه المحافظة. وتشهد مدينة عدن، كبرى مدن الجنوب، والتي تعتبر من أهم المدن الاقتصادية للبلاد، حالة طوارئ غير معلنة، بعد تزايد عمليات لمسلحين يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة، وأعلنت السلطات اليمنية عن إبطال عبوات ناسفة خلال الأيام الماضية، فيما تخوف مواطنون في عدن من تزايد انتشار المسلحين المتشددين في عدد من شوارعهم، ومن بينهم صوماليون مختلون عقليا. وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحين هاجموا قبل أيام، اللواء 39 مدرع، والذي يعرف باسم معسكر بدر، القريب من مطار عدن الدولي، في ما يعتقد أنه محاولة لاقتحامه، والسيطرة عليه». وأوضح المصدر - الذي طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية – أن «عشرات المسلحين هاجموا المعسكر الذي يقع في منطقة العريش، شمال المدينة، من ثلاث جهات (الشرق، والغرب، والجنوب)، بمختلف الأسلحة الرشاشة، وكانوا يستقلون سيارات من دون لوحات»، مشيرا إلى أن «قوات الجيش ردت على المهاجمين بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة، وأجبرتهم على الفرار»، وأكد المصدر أن «هجوم المسلحين سبقه انتشار صوماليين، مختلين عقليا، حول معسكرات الجيش، والأمن في المدينة». واستبعد المتخصص في شؤون الإرهاب، محمد سيف حيدر «سيطرة (القاعدة) على مدينة عدن، على غرار ما حدث في زنجبار وجعار». وقال حيدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «عدن خط أحمر، يمنيا وإقليميا ودوليا، ولا يمكن لـ(القاعدة) أو الجماعات الجهادية السيطرة عليها، فهي محاطة بحامية عسكرية ضخمة لا تقدر على مواجهتها، فضلا عن وجود جماعات جهادية أخرى تخالفهم ولا تتفق مع أفكار التنظيم». واعتبر حيدر أن عمليات «القاعدة» الأخيرة محاولة لتشتيت الانتباه عن مقر قيادتها، في كل من أبين وشبوة، مضيفا أن «تنظيم القاعدة وجماعة أنصار الشريعة يحاولان من خلال شن عمليات في أكثر من محافظة يمنية تشتيت الانتباه عن مركزهم في أبين، وشبوة، وهي محاولة استباقية للحملة العسكرية الكبيرة التي يتم الإعداد لها حاليا من قبل القيادة العسكرية للجيش اليمني». وتابع «هناك أخبار متواترة عن إعداد حملة عسكرية، لتحرير مدينتي زنجبار وجعار، من سيطرة جماعة أنصار الشريعة، وقد وصلت تعزيزات عسكرية من صنعاء وتعز، إلى قواعد عسكرية في الجنوب، إضافة إلى وصول خبراء ومدربين أميركيين وألمان وفرنسيين، بشكل سري، لتدريب ومساعدة الجيش اليمني في محاربة تنظيم القاعدة في هذه الفترة». ويلفت حيدر إلى أن «(أنصار الشريعة) تحاول امتصاص واستباق ما قد تسفر عنه الحملة العسكرية على المدن التي تسيطر عليها، فهي تعرف أن ذلك مسألة وقت»، موضحا أن «القيادة اليمنية الجديدة جعلت خطر (القاعدة) ضمن أولوياتها الحالية، باعتبار أن العملية السياسية في ظل الانفلات الأمني ستكون معقدة وصعبة، فضلا عن استمرار الضغوط الدولية والأميركية التي تواجهها القيادة اليمنية، في موضوع محاربة الإرهاب». وأوضح حيدر أن «جعار، وزنجبار، وشبوة، أصبحت مركزا للقيادة المركزية لجماعة (أنصار الشريعة)، حيث يتم فيها الإعداد والتخطيط والتوجيه لعملياتها ضد الدولة».

إلى ذلك، حررت السلطات اليمنية 21 إثيوبيا، كانوا محتجزين لدى مهربين في حرض، بمحافظة حجة القريبة من الحدود اليمنية السعودية. وقالت الداخلية اليمنية في بيان لها إنها «أطلقت 21 متسللا إثيوبيا، بينهم 14 امرأة كانوا محتجزين من قبل عصابة تهريب يمنية». وكشفت السلطات عن قيام هذه العصابة «بتعذيب وضرب المحتجزين بغرض ابتزازهم ماليا، والتواصل مع أهاليهم في السعودية لإرسال مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم»، مؤكدين أن المتهمين قاموا بتعذيبهم لإرغامهم على عمل ذلك.