طنطاوي: جميع طوائف الشعب المصري يجب أن تشارك في الدستور ولا ينفرد به حزب أو فصيل بعينه

غزلان لـ «الشرق الأوسط»: إذا شكلنا الحكومة لن نطرح مرشحا رئاسيا

TT

عقد أمس المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة لقاء مع عدد من رؤساء الأحزاب السياسية بوزارة الدفاع لاستكمال المناقشات الموسعة بشأن أزمة تأسيسية الدستور، حيث سعى المجلس العسكري لاحتواء الأزمة، في لقاء حضره رئيس الأركان الفريق سامي عنان.

وأكد المشير طنطاوي خلال اللقاء على أنه يجب على الأحزاب أن تعمل بكل الصدق والإخلاص، وأن تتجرد بعيدا عن أي انتماءات حزبية أو سياسية من أجل المشاركة في صياغة دستور يكون معبرا عن إرادة الشعب بكل طوائفه المتنوعة والمنصهرة في بوتقة الشعب المصري، واضعا مصر والمصريين أولا وقبل كل شيء.

وأكد طنطاوي أنه لا يجب أن ينفرد فصيل بعينه أو حزب بصياغة الدستور، وإنما يجب أن تشارك جميع طوائف الشعب في صياغته. وأعرب عن أمله في الوصول إلى نتائج إيجابية وحلول وطنية ومنطقية لجميع طوائف الشعب المصري. وأكد على ضرورة أن يكون الدستور القادم مشمولا برعاية الحكمة. واتفق معه رؤساء وأحزاب القوى السياسية على أهمية أن يكون الدستور معبرا عن كل طوائف الشعب.

وقال المجلس العسكري في بيانه أمس إن اجتماع المشير طنطاوي مع قادة الأحزاب «بحث السبل الكفيلة بإيجاد تمثيل فاعل لكل الأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدني والشخصيات العامة بما يضمن مشاركة عدد مناسب منهم، ممن تم انتخابهم في قوائم الاحتياطيين، في عضوية الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور بما يحقق التوازن في عضوية اللجنة».

واتفق الموقعون على التأكيد على ما سبق أن اتفقت عليه الأحزاب والقوى السياسية والشعبية من مبادئ عامة لصياغة الدستور، شريطة أن تكون وثيقتا الأزهر والتحالف الديمقراطي من أجل مصر مرجعيتين أساسيتين لمواد الدستور، لتكون مؤسسة الدولة ديمقراطية وطنية دستورية حديثة أساسها المواطنة وسيادة القانون، وتكفل حرية الفكر وحرية العقيدة، وتجرم التمييز بين المصريين على أساس الدين أو العرق أو الجنس وتكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية وتدعم الوحدة الوطنية.

كما طالب البيان بالبدء في تشكيل لجان نوعية فنية تكون مهمتها معاونة الجمعية التأسيسية، وتقدم كل الخبرات الفنية في إعداد صياغة الدستور ومراجعة النصوص الدستورية بما يضمن التوازن وتحقيق المصلحة الوطنية في جميع النصوص والمواد الدستورية.

ووقع على بيان المجلس العسكري أحزاب الحرية والعدالة، والنور، والوفد، والوسط، والحرية، وغد الثورة، والجيل، والأصالة، ومصر الحديثة، والإصلاح والتنمية، ومصر العربي الاشتراكي، والاتحاد المصري العربي، والحضارة.

قال الدكتور مصطفى النجار، رئيس حزب العدل، الذي رفض التوقيع على بيان الأحزاب والمجلس العسكري، إنه لا شيء تغير بعد هذا الاجتماع وإن الأزمة ما زالت كما هي، مشيرا إلى أن الاجتماع انتهى إلى عدة توصيات أهمها، تشكيل لجان نوعية لمساعدة اللجنة التأسيسية للدستور، وهي لجان استشارية ليس لها حق التصويت كما أن قراراتها غير ملزمة للجمعية الأصلية.

وأكد النجار لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع نوه إلى ضرورة الاعتداد بمبادئ وثيقة الأزهر للحريات دون أن يلزم الجمعية التأسيسية بتضمينها في الدستور، مشيرا إلى أن المجلس العسكري حث حزب الحرية والعدالة ضمنيا ودون أن يسجل ذلك في البيان، أن يناشد بعض أعضائه في الجمعية الانسحاب لصالح آخرين من تيارات أخرى من أجل إحداث التوازن، وأن الحديث كان في حدود خروج خمسة أفراد، وتابع أن رئيس حزب الإخوان الدكتور محمد مرسي قال «إنه سيحاول معهم». وتوقع النجار أن يتصاعد الغضب الشعبي من هذه النتائج، في انتظار الحكم القضائي ببطلان الجمعية التأسيسية.

وكانت مصر شهدت أمس ارتفاعا في حدة الضجيج السياسي والاتهامات المتبادلة بين أطراف اللعبة السياسية في البلاد، ففي حين شن «أدمن» صفحة المجلس العسكري على الإنترنت هجوما على جماعة الإخوان المسلمين، وتساءل بشأن «وجود جناح عسكري للإخوان»، قالت جماعة الإخوان المسلمين أمس في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعة على استعداد للتراجع عن الدفع بمرشح رئاسي إذا ما شكل حزبها الحكومة»، في وقت بدأ فيه البرلمان المصري أولى جلسات سحب الثقة من حكومة الجنزوري في جلسة عاصفة.

وقال «أدمن الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة» على موقع «فيس بوك»، إن الصراع الذي يدور بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته السياسية كحاكم للبلاد، وجماعة الإخوان المسلمين، وليس الذراع السياسي لها «حزب الحرية والعدالة»، يعد «أحد ألغاز الفترة الانتقالية»، مضيفا في رسالة له أمس، أن «جماعة الإخوان من المفترض أنها جماعة دينية، أما حزب الحرية والعدالة فهو الذراع السياسي الخاص بالجماعة».

وتساءل الأدمن: «هل هناك جناح عسكري؟ بعد ظهور عدة صفحات على الإنترنت تدعو للجهاد المسلح ضد المجلس الأعلى، وتعلن صراحة نسبتها إلى الإخوان وإلى التيار الإسلامي؟».

في المقابل، اعتبرت جماعة الإخوان هذه الاتهامات باطلة وغير حقيقية، وقال الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الكلام يفتقد إلى الدليل، وهو جزء من الحملة الموجهة ضد الإخوان».

وقال الخبير الأمني اللواء سامح سيف اليزل، إن جماعة الإخوان هي جماعة دعوية إسلامية كما أعلنت رسميا من قبل وإن حزبها «الحرية والعدالة» هو الذراع السياسي لها، وبالتالي يجب أن تفصل بين العمل السياسي والعمل الدعوي ويجب عدم الخلط بين الاثنين.

وأكد اليزل لـ«الشرق الأوسط» أن هناك خلطا بين عمل الجهتين وتساؤلات بشأن دور الحزب ودور الجماعة أثارت بلبلة وغضبا لدى المجلس العسكري، بدليل البيان الأخير للجماعة الذي هاجم المجلس العسكري لعدم تغيير حكومة الجنزوري، والذي كان من المفترض أن يخرج من الحزب.

وأوضح اليزل أنه لا يمكن الجزم بشكل قاطع بأن من دعا للجهاد ضد المجلس العسكري هو تابع لجماعة الإخوان، لكن بالفعل هنالك مواقع تقوم بهذه التهديدات، وربما هناك من يريد الوقيعة بين الإخوان والمجلس العسكري وتأجيج الموقف الراهن بين الطرفين، متوقعا أن تحدث تهدئة للأوضاع رغم كل هذا.

وقال الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الإخوان لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس من سلطة المجلس العسكري ولا البرلمان التدخل في عمل تأسيسية الدستور، ما يحدث الآن مزايدات لكسب منافع شخصية أو حزبية.. والعبرة في النهاية بالدستور الذي سيخرج عن الجمعية».

وأكد غزلان وهو عضو مكتب إرشاد الجماعة أن «الإخوان ملتزمون التزاما كاملا بما ورد في وثيقة التحالف الديمقراطي (وهي وثيقة دستورية خرجت عن تحالف قوى سياسية مدنية وإسلامية) ووثيقة الأزهر (وهي وثيقة دستورية صدرت عن الأزهر ووافقت عليها القوى السياسية)».

وبشأن النص على مدنية الدولة في الدستور الجديد وهو أحد مطالب القوى الليبرالية واليسارية، قال غزلان «هذه ضجة مفتعلة، ونحن في هذا الصدد نلتزم بما جاء في وثيقة الأزهر».

ونصت وثيقة الأزهر على «تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة»، وأشارت الوثيقة إلى أن الإسلام لم يعرف في تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف في الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية.

وأعلن الأزهر الشريف سحب ممثله من الجمعية التأسيسية للدستور، اعتراضا منه على ما اعتبره تمثيلا ضعيفا للأزهر والهيئات الإسلامية في الجمعية، والذي وصفه بـ«غير مشرف». وقال مجمع البحوث الإسلامية في بيان أصدره في ختام اجتماعه أمس برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وحضور مفتي مصر الدكتور علي جمعة: «قرر الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية الاعتذار عن عدم المشاركة في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور»، مستنكرا تهميش دور الأزهر.

من جانبه قال الدكتور معتز عبد الفتاح، عضو الجمعية التأسيسية، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحلول المطروحة حاليا تتعلق بتبديل بعض الشخصيات المحسوبة على التيار الإسلامي في الجمعية ودخول أعضاء جدد من خارج هذه التيارات»، نافيا قبول أعضاء الجمعية أو البرلمان الحديث عن إعادة تشكيلها من البداية مرة أخرى.

وفي غضون ذلك شهد البرلمان المصري جلسة عاصفة أمس في أولى جلسات الرد على بيان الحكومة، بعد أن رفضه المجلس في جلسته أول من أمس، وقال أشرف ثابت وكيل مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) رئيس اللجنة المكلفة بالرد على البيان «نرفض بيان الحكومة شكلا ومضمونا».

وقبيل بدء جلسة البرلمان عقد حزب الحرية والعدالة مؤتمرا صحافيا أمس أعلن فيه عزمه سحب الثقة وقال حسين إبراهيم رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإخوان «إن الحكومة لم تكتف بعدم مواجهة الكوارث، بل إنها بدأت تصدر الأزمات للشعب المصري».

ودخل وزراء حكومة الجنزوري في مشادة مع نواب البرلمان ردا على اتهام وكيل لجنة الخطة والموازنة بأنهم يتقاضون أجورا من الصناديق الخاصة، وهو ما رفضه عدد من الوزراء الذين حضروا جلسة أمس، وقال وزير التربية والتعليم جمال العربي إنه «سيتقدم باستقالته فورا إذا أثبت النائب اتهاماته».

وانسحب وزراء العدل، وشؤون مجلسي الشعب والشورى، والتموين، والتربية والتعليم، لدقائق قبل أن يعودوا للجلسة من جديد بعد أن تقدم النائب بالمستندات إلى رئيس الجلسة وجاءت خالية من أسماء الوزراء وإن احتوت على أسماء «مسؤولين كبار» بحسب الدكتور سعد الكتاتني رئيس البرلمان.