مسيرات عالمية تنطلق اليوم من دول الطوق نحو الحدود مع إسرائيل لنصرة القدس

في الذكرى الـ36 ليوم الأرض الفلسطيني

TT

وسط إجراءات أمنية إسرائيلية في مطار تل أبيب لمنع دخول المتضامنين الدوليين، واستعدادات غير عادية على الحدود تحسبا لأي محاولات اختراق للحدود كما حصل على الحدود السورية في العام الماضي، تنطلق اليوم من دول الطوق العربي مصر والأردن وسوريا ولبنان، إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، «المسيرة العالمية إلى القدس»، التي دعا إليها وحضّر لها المجلس الاستشاري للمسيرة العالمية للقدس، انطلاقا، وفق أدبيات المجلس، من الإحساس الشديد بالقلق إزاء القمع المستمر لفلسطينيي القدس ومحاولات التهويد المتواصلة للمدينة المقدسة عبر المحاولات الممنهجة لطرد الأهالي الأصليين من مسيحيي ومسلمي الفلسطينيين من المدينة كجزء من سياسة «التهويد»، التي تطبقها سلطات الاحتلال في كل الأراضي الفلسطينية.

وقال المجلس في بيان إن «هذه السياسة تتعارض مع جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقدس ومخالفة لمبادئ القانون الدولي، وهي ليست سوى سياسة، الهدف منها هو التطهير العرقي ضد أهل القدس وتحويل رمز التسامح الدولي والتنوع الديني والثقافي إلى رمز للإقصائية والعنصرية».

ويدعم هذه المسيرة نحو مائة شخصية عالمية موقعة على وثيقة المبادئ الحاكمة للمسيرة العالمية للقدس التي اعتمدت في الاجتماع التأسيسي في عمان 11 - 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ومن هذه الشخصيات الأسقف ديزموند توتو من جنوب أفريقيا، وميريد ميغواير الآيرلندية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والنائب السابق والسياسي البريطاني، جورج غالوي، ورئيس الوزراء الأردني الأسبق رئيس الجبهة الوطنية الأردنية، والحاخام الأميركي لين جوتليب من حركة التجديد اليهودية والراهب الفرنسيسكاني الأميركي، لويسفيتيل، والبروفسور، كورنيل ويستن، رئيس قسم الدراسات الأفريقية الأميركية في جامعة بريستون زنيتا جولان من كندا، ودكتور نورمان بيتش، النائب السابق وأستاذ القانون في جامعة هامبورغ الألمانية، والكاتبة الألمانية اليهودية، ايفلين هيتش غالينسكس، وكثير غيرهم من هولندا والنمسا وإندونيسيا وماليزيا والجزائر والهند والأردن وفلسطين.

وتعتبر فعاليات المسيرة العالمية إلى القدس بداية لتحرك شعبي عالمي لنصرة القدس والمقدسات. وهي، كما يقول الناطق الرسمي باسم القيادة الدولية للمسيرة، زاهر بيراوي: «رسالة واضحة إلى كل من يهمه الأمر بأن القدس اليوم باتت في خطر حقيقي أكثر من أي وقت مضى، ولذلك لم يعد يقبل من أبناء الأمتين العربية والإسلامية وقادتها ولا من أحرار العالم الوقوف موقف المتفرج ولا حتى المستنكر». وأضاف: «بل يجب على كل من يهمه أمر القدس أن يبادر إلى اتخاذ خطوة عملية تجاه نصرة المدينة المقدسة وأهلها. سواء على مستوى الشعوب أو الأنظمة والحكومات أو المؤسسات الدولية ومنظمات حماية التراث الحضاري العالمي».

واختير موعد هذه المسيرة ليتزامن مع الذكرى الـ36 ليوم الأرض وهو يوم يحييه الفلسطينيون في الثلاثين من مارس (آذار) من كل سنة، وتعود أحداثه إلى عام 1976 عندما انتفض فلسطينيون 1948 ولأول مرة ضد مصادرة الأراضي التي كانت تقوم بها السلطات الإسرائيلية خاصة في منطقة الجليل. وجاء الرد الإسرائيلي عسكريا وعنيفا إذ دخلت قوات معززة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى والبلدات الفلسطينية داخل الخط الأخضر الفاصل بين مناطق 1948 والضفة الغربية، موقعة عددا من الضحايا وكثيرا من الجرحى والمعتقلين بين صفوف المدنيين العزل.

ويهدف المنظمون للمسيرة العالمية إلى جعل هذه المناسبة فرصة للدفاع عن القدس وحشد طاقات الأمة العربية والإسلامية جنبا إلى جنب مع المتضامنين الدوليين والمؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية، لوضع حد لاستهتار إسرائيل بالشرعية الدولية المتمثل باستمرارها في احتلال القدس وبقية الأراضي الفلسطينية. وكذلك لجعل هذه المسيرة نقطة تحول في طبيعة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يأمل المنظمون للمسيرة بأن يواجه ملايين المتظاهرين والمعتصمين المطالبين بالحرية لفلسطين وعاصمتها القدس، وجعلها هذه المسيرة إضافة حقيقية لجهود إنهاء الاحتلال عبر التحركات الشعبية السلمية، كما تقول أدبيات هذا النشاط.

وبدأت الفكرة كما سلف ذكره في اجتماع عقد في عمان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي انبثقت عنه لجنة مركزية عالمية من 33 عضوا يمثلون قارات الأرض الخمسة، مهمتها الترتيب لهذه المسيرة. وأفرزت هذه اللجنة لجنة تنفيذية من 13 عضوا، إضافة إلى لجان وطنية شكلت في معظم بلدان العالم مهمتها المتابعة والتوجيه والتنسيق.

وتؤكد وثيقة الإعلان العالمي لدعم المسيرة من بين ما تؤكد عليه في أدبياتها، من أنها لا تمثل تيارا أو حزبا سياسيا وتحرص على مشاركة جميع الأطياف السياسية والقوى المجتمعية فيها.. «فنحن لسنا حزبا ولا تنظيما، ولكننا روح مقدسية تسري في أوصال الأمة، فالأمة وأحرار العالم لهم مطلب واحد هو الحرية للقدس»، وتؤكد أيضا على الطبيعة السلمية والمدنية والحضارية للمسيرات كحراك دولي لا يستخدم العنف في تحقيق أهدافه «فنحن لن نؤذي أحدا، ولن تمتد أيادينا إلى أحد بسوء.. ولكننا في ذات الوقت نقدم أنفسنا قرابين لحرية القدس».

ولن تكون هذه المسيرة مسيرة واحدة في بلد بعينه، بل ستتكون من مجموعة من المسيرات التي يأمل المنظمون أن تكون ضخة بل مليونية، تنطلق اليوم من عواصم دول الطوق العربي (مصر والأردن وسوريا ولبنان) باتجاه القدس أو إلى أقرب نقطة يمكن الوصول إليها، وفقا لظروف كل دولة وبالتوافق بين كل القوى الوطنية والإسلامية من أحزاب وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني المشاركة في المسيرة. وبالتنسيق مع كل الجهات الرسمية والشعبية ذات العلاقة.

وسيشهد اليوم أيضا مسيرات ضخمة في فلسطين (المناطق المحتلة عام 48، والضفة الغربية وقطاع غزة) باتجاه القدس أو أقرب نقطة إليها، يشارك فيها الشعب الفلسطيني بكل فصائله وتوجهاته ومؤسساته، وعدد من المتضامنين الدوليين الذين يحاول الآلاف منهم الدخول إلى فلسطين، إما عبر مطار تل أبيب الدولي أو عبر الحدود مع الأردن. ويأمل المنظمون أن يتوجه مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى القدس لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وكذلك الصلوات في كنيسة القيامة. ويفتح المنظمون للمسيرة المجال للمتعاطفين والمؤيدين غير القادرين الوصول إلى دول الطوق أو الضفة الغربية وقطاع غزة، للتعبير عن تعاطفهم وتضامنهم في اعتصامات جماهيرية أمام السفارات الإسرائيلية في العواصم المختلفة ومسيرات عابرة للقارات من أوروبا وأفريقيا وآسيا، وفقا لظروف وإمكانيات كل منطقة.

ومن بين الشعارات المقترح رفعها وترديدها في هذه المسيرات: «شعوب العالم تريد تحرير القدس» و«شعوب العالم تريد إنهاء الاحتلال» و«الأقصى في خطر» و«أوقفوا تهويد القدس» و«القدس مدينة السلام» و«أوقفوا العدوان على القدس» و«نحن فداء القدس» و«القدس قبلتنا ومكة كعبتنا» و«القدس أولا» و«الحرية للقدس» و«أمة واحدة لأجل القدس» و«القدس نحميها معا نستعيدها معا» والمسير خطوة نحو التحرير» و«معا نصنع التاريخ... معا نسير نحو القدس» وأخيرا «موعدنا مع القدس.. 2012».