إسبانيا: إضراب عام وعنف احتجاجا على إصلاحات «تعمق البطالة»

اعتقال عشرات المتظاهرين لمحاولتهم منع الناس من الوصول إلى أماكن عملهم

متظاهرون يقفون أمام نيران مشتعلة في شارع ببرشلونة تزامنا مع الإضراب العام أمس (أ.ب)
TT

شهدت إسبانيا إضرابا عاما، أمس، احتجاجا على إصلاح قانون للعمل أعدته الحكومة اليمينية تعبيرا عن قمة الاستياء الاجتماعي من البطالة والانكماش والتقشف. وتسبب الإضراب العمالي في إبطاء كبير لحركة المرور، وتعطيل المصانع، إضافة إلى وقوع صدامات بين الشرطة ومتظاهرين خلفت خسائر واعتقال العشرات من المتظاهرين الذين كانوا يحاولون منع العاملين من الوصول إلى أماكن عملهم.

كما توقفت الرحلات الجوية وتجمع أعضاء بالنقابات العمالية ملوحين بالأعلام الحمراء. ورفع العمال أعلاما حمراء ولافتات كتب عليها «لا لإصلاح العمل» و«إضراب عام» وتجمعوا في مراكز إضراب أمام بوابات الشركات وفي سوق الجملة بمدريد وبرشلونة وأمام المصارف وكبرى محطات النقل العمومي. وقبل المظاهرة الكبرى انتشرت مجموعات من المتظاهرين منذ الصباح في وسط مدريد تطوقهم قوات الشرطة. وقد أغلق آلاف منهم شارعا كبيرا بينما انتشرت قوات الشرطة في ساحة بويرتا ديل سول في قلب الحي التجاري السياحي للعاصمة. وهتف المتظاهرون «لن نتراجع قيد أنملة في مواجهتنا للإصلاح. إضراب عام». وأكدت النقابات بسرعة أنها حققت «نجاحا كبيرا» بينما أعلنت وزارة الداخلية في وقت مبكر صباح أمس اعتقال 58 شخصا وإصابة 6 شرطيين و3 مضربين عن العمل في حوادث بسيطة.

ووقعت مواجهات بين المضربين والأمن، كانت متوترة أحيانا مثلما حدث أمام محطة الحافلات في كرابنشيل بمدريد حيث أصيب متظاهر بجروح في وجهه.

ووصف مؤيدو الإضراب بأنه كان ناجحا تماما، بينما قال المعارضون إن نسبة من أضربوا عن العمل كانت ضئيلة. وانتقد مؤيدو الإضراب الحضور الكبير للشرطة في الشوارع، حتى ذهب خوسيه خابيير كابييو سكرتير الاتصالات في الاتحاد العام للعمال، إلى القول: «لا نعرف إلى أي مدى تريد الحكومة الوصول إليه، فلماذا هذا الحضور المبالغ فيه من قبل الشرطة. إنه يشبة الإنزال في نورماندي»، في إشارة إلى الإنزال الذي قام به الحلفاء عام 1944 في السواحل الفرنسية.

وتندد النقابتان «كوميسيونس أوبريراس» و«أو خي تي» اللتان دعتا الإسبان إلى التظاهر في مائة مدينة، بإصلاح سوق العمل التي صادقت عليها الحكومة في 11 فبراير (شباط) الماضي بهدف مكافحة البطالة التي بلغت نسبة قياسية 22.85 في المائة. وترى النقابتان أن ذلك الإصلاح لن يؤدي إلا إلى تفاقم البطالة بينما تتوقع الحكومة زوال 630 ألف وظيفة خلال 2012 وأن تبلغ نسبة البطالة نهاية السنة 24.3 في المائة.

وأعلن إيناسيو فرنانديث توكسو أمين عام نقابة «كوميسيونس أوبريراس» مع بداية الإضراب أن هذا الخميس (أمس) «يجب أن يكون يوما حافلا بتدفق حشود ديمقراطية». لكن قد يكون تأثير الإضراب محدودا بسبب الاتفاق حول توفير حد أدنى من الخدمة العمومية المبرم بين النقابات والسلطات، فضلا عن خشية الكثير من الإسبان فقدان راتب يوم عمل في ظروف التقشف. وقال بردو مورينو، الموظف في سوبر ماركت بضواحي مدريد «أتفهم قيامهم بالإضراب لأن الإصلاح لن يفيد سوى في تسريح الناس بسهولة أكبر وتكلفة أقل». لكن الرجل (32 سنة) الذي كان في محطة مترو بلاثا دي كاستيا، إحدى كبرى محطات النقل العمومي في مدريد، أضاف أنه لا يريد «أن يخسر أيام عمل، أنا محظوظ لأن لدي عملا».

وهذا الإضراب العام هو السادس منذ عودة الحريات النقابية سنة 1977 بينما يعود آخر إضراب إلى 29 سبتمبر (أيلول) 2010 في عهد الحكومة الاشتراكية. وبالنسبة لرئيس الحكومة المحافظ ماريانو راخوي الذي يحكم البلاد منذ مائة يوم، يأتي الإضراب في أسوأ الأوقات أي أمام أنظار شركائه الأوروبيين المتخوفين من الوضع المالي في البلاد، بينما سيقر مجلس الوزراء اليوم (الجمعة) ميزانية 2012 التي تتضمن خصما كبيرا في النفقات.