المتطوع.. مهنة بلا أجر تحمل هموم الوطن في مصر

أغلبهم من الشباب.. وسخونة الأحداث شجعتهم على المشاركة

TT

لا يغيب عن عيون هؤلاء الشباب الجدل السياسي المحتدم تحت سماء المحروسة، إلا أنهم قرروا عدم الانحياز لطرف ضد آخر، وأن يستغلوا حموة هذا المناخ المستعر في العمل على خدمة بلادهم، خاصة بعد أن انتهت مهمتهم في معاونة ميدان التحرير وإسقاط نظام مبارك.

عدد من هؤلاء الشباب بدأ يفكر بجدية في التطوع للعمل في حملات التوعية السياسية أو حملات مرشحي الرئاسة أو إحدى منظمات المجتمع المدني التي تشتغل بالعمل السياسي، وعلى الرغم من صعوبة العمل التطوعي الذي يقتضي وقتا كبيرا من التفرغ دون انتظار الحصول على مقابل مادي؛ فإن الكثيرين منهم اعتبر الثورة أحد أهم العوامل التي شجعتهم على العمل التطوعي.

أحمد معروف، (26 عاما)، أحد المتطوعين في حملة دعم وترشيح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح للرئاسة، قال: «تعلمنا التطوع من ميدان التحرير، هناك كنا نريد أن نتطوع بحياتنا من أجل رفعة مصر وازدهارها من أجل الحرية والديمقراطية، وهناك تعلمنا أن نضحي بأوقاتنا وكل ما نملك من أجل إسعاد الآخرين».

معروف لم يدخر شيئا للدفاع عن أفكاره ووجهة نظره وقام بتأجير إحدى الشقق السكنية بمحافظة الجيزة لتكون مقرا لحملة دعم أبو الفتوح، وأضاف: «نحن لا ننتمي لأي تيار سياسي، ولكننا مجموعة من الشباب أراد أن يقوم بتوعية المواطنين بوجهة نظرهم حول المرشح الأفضل للرئاسة دون إكراه أو إجبار، ولكننا نعرض أفكارنا»، وتابع معروف الذي يعمل محاسبا بإحدى الشركات المصرية: «كل البوسترات وأوراق الدعاية ومصاريف الانتقال ندفعها نحن، وأنا أخصص كل يوم وقتا للعمل في الحملة منذ انتهاء عملي حتى الثانية من صباح اليوم الثاني، ولم يكن لنا في البداية علاقة بحملة ترشيح أبو الفتوح الرسمية، ولكننا قمنا بتدشين الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لدعمه وتواصلنا مع حملته الرسمية مؤخرا».

لم يكن معروف، الذي تعتبر هذه المشاركة أول مشاركة له في العمل التطوعي، الوحيد الذي شجعته سخونة الأحداث وتتابعها في مصر على التطوع وإبراز وجهة نظره ومحاولة توعية البسطاء بما يراه الأفضل.. محمد متولي، طالب بكلية الهندسة جامعة القاهرة، هو الآخر أبى إلا أن يشارك متطوعا، ولكن هذه المرة لخدمة المجتمع فقام بالتطوع في حملة الدكتور عمرو خالد «صناع الحياة» التي تستهدف محاربة الإدمان في مصر، وقال متولي: «كانت هناك الكثير من الحملات التطوعية قبل الثورة، ولكني كنت أبتعد عن المشاركة فيها خوفا من الملاحقات الأمنية، ولكني بعد الثورة ما لبثت أن تطوعت في هذه الحملة لأني بالفعل أريد أن أقدم خدمة لأبناء وطني».

متولي الذي وقف أمام مكتبة القاهرة يشرح للطلاب أهداف الحملة قبل أن يتوجه للاستماع لإحدى المحاضرات بكليته، قال: «أردت ألا أكون أنانيا، وأن ينتفع الناس بما أقوم به، وألا أبخل على بلدي بمجهود أو وقت أو حتى أموال إذا كان باستطاعتي.. الثورة دائمة لأنها لن تنجح إلا إذا استطعنا أن نقضي على الفقر والإدمان وغيرها من المشكلات التي يعانيها المجتمع».

ولم يتوقف سعي الشباب المصري لمستقبل أفضل لبلدهم عند هذا الحد، بل بدأ إبراهيم ممدوح، (24 عاما)، برنامجا تطوعيا يتجول به في محافظات مصر لتوعية المواطنين بالأمور السياسية، وقال: «لا بد أن يشارك الجميع، لأننا إذا وقفنا سلبيين كما فعلنا في السابق فسيأتي ديكتاتور جديد»، أما محمد السيد، ملتح، فراح يوزع بوسترات للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بإحدى المناطق الشعبية بالقاهرة، وقال: «أنا لا أعرف هذا الشخص وليست لي به أي علاقة رسمية أو غير رسمية، ولكني أدعمه بكل ما أوتيت من قوة حتى يصبح رئيسا لمصر». وأضاف: «أنفق أموالا ليست بالقليلة على الحملة وأقوم بنفسي بطباعة بوسترات له وأوزعها بالمجان على المواطنين».

وعلى الرغم من اعتراض البعض على توجهات السيد في دعم أبو إسماعيل، فإنه في النهاية كآخرين يريد مصلحة بلاده من وجهة نظرة ويحاول تنفيذها خدمة للوطن.