نادل في مطعم اختار مقاومة النظام إلكترونيا

«أمير الفيس بوك» متفرغ لبث أخبار الثورة السورية

TT

يقضي ناجي، وهو ناشط سوري يعيش في لبنان، 16 ساعة يوميا متابعا أخبار الثورة السورية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». يتابع التفاصيل اليومية، وتطورات الأحداث في مدينتي إدلب وحمص، ويغذي بها صفحته الخاصة التي وصل عدد زائريها إلى خمسة آلاف.

ناجي، الذي يفضل أصدقاؤه تسميته بـ«أمير الفيس بوك»، يقيم في لبنان منذ ثلاثة أشهر، وجاء إلى بيروت بعدما انتهى عقد عمله في إحدى دول غرب أفريقيا. فور عودته، زار قريته ريف حمص وشاهد «الفظائع»، كما يقول، فترك زوجته وطفله هناك، واختار أن يكون «مقاوما» على طريقته، إذ حول عمله من نادل في مطعم، إلى ناشط على «فيس بوك» لا يتقاضى فلسا واحدا بدل أتعابه.

يقول ناجي لـ«الشرق الأوسط»: «لم تكن فكرة نقل الأخبار إلى (فيس بوك) واردة قبل أن أزور قريتي. الصورة التي نقلها الإعلام إلينا، لم تقنعنا فعلا بأن القتل يمارس بهذه الفظاعة، ولم تغير معلومات وسائل الإعلام المتناقضة قناعاتنا، ولم تزح أثر ثقافتنا القديمة بأن هذا النظام ممانع، ويتعرض لمؤامرة.. لكن المشاهد التي شاهدتها، والتفاصيل التي عاشها السكان وأخبروني عنها أثناء زيارتي إلى قريتي، بدلت وجهة نظري تجاه الأشياء، فاخترت طريق مقاومة هذا النظام إلكترونيا، وفضح ممارساته أمام الملأ».

يستقصي ناجي المعلومات من معارفه وأصدقائه، ويتابع يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع الناشطين الميدانيين الأخبار الميدانية، ويغذي بها صفحته التي تطورت، وباتت أكثر من صفحة تنقل أخبار المحافظات السورية التي تشهد حملات عنف.. ويقول: «حين تغلق السلطات منافذ الإنترنت، نلجأ إلى بدائل إلكترونية لا يستطيع النظام إغلاقها أو منعها، ونبقى جاهزين دائما لاعتماد تلك البدائل عبر فتح الصفحات على أرقام ورموز خاصة، يصعب عليه تتبعها، لكنها غير قادرة على تحميل مقاطع الفيديو».

لمقاطع الفيديو هذه أيضا حساباتها، إذ يشير ناجي إلى أن ضعف الشبكة وتعرضها للرقابة المستمرة، «دفعنا لأن نحملها إلى لبنان». ويحصل عليها، كما بعض الناشطين، عبر «سوريين قادمين من سوريا، يهربونها مخزنة في بطاقات ذاكرة مخفية بين الأمتعة أو في مواقع سرية في السيارات، ونعمل على تحميلها إلى شبكات التواصل الاجتماعي في بيروت».

المشاهد التي رآها في حمص، كما يقول، «أكثر قساوة مما عرضته وسائل الإعلام»، مشيرا إلى أن «لا طاقة على بثها، لأننا لم نتمكن من تصويرها خوفا من اعتقالنا»، لكن تلك المشاهد «أبلغ من الوصف، وتفوق كل التصورات لناحية الدمار الهائل، والنساء الثكالى، والأطفال المشردين». وأضاف: «هذه التفاصيل الإنسانية، غيرت رأيي ورأي كثيرين تجاه النظام، وجعلتنا أكثر تعاطفا مع هؤلاء الضحايا، ونريد أن يسقط النظام كرمى لعيونهم».

سرية عمله، أبقت عائلته محمية، حيث «لا يعرف أحد أنني أقوم بهذا النضال، باستثناء بعض المقربين».

ويتوقف عن متابعة أخبار الثورة ونشرها ثلاثة أيام فقط في الأسبوع لدواعي العمل، حيث يعمل نادلا في أحد مطاعم بيروت، ويجني مالا «بالكاد يكفي عائلتي للعيش في سوريا».