مسيرات ومواجهات عنيفة في الضفة وغزة في يوم الأرض ومسيرة القدس

إسرائيل تخصص 10% من أراضي الضفة للاستيطان المستقبلي

شرطيان من حركة حماس يستعملان العصي في منع متظاهرين فلسطينيين من الوصول الى الحد الفاصل بين شمال غزة واسرائيل وذلك ضمن فعاليات يوم الأرض أمس (أ ف ب)
TT

تحولت ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، الذي يوافق 30 مارس (آذار) من كل عام، إلى مناسبة للتأكيد على تمسك الفلسطينيين بأرضهم، أينما وجدوا في الداخل والخارج، فتحرك مئات آلاف منهم في دول الطوق في مسيرات كبيرة نحو الحدود مع إسرائيل، وفي المدن الفلسطينية في الضفة وغزة، وفي القدس.

ودخل المتظاهرون الفلسطينيون في مواجهات هي الأعنف مع جنود الجيش الإسرائيلي في مثل هذا اليوم، منذ سنوات، وخلفت ما لا يقل عن 100 مصاب في رام الله وبيت لحم والقدس وغزة.

وتفجرت مواجهات عنيفة، وبالأيدي، بين مصلين والجيش الإسرائيلي، في منطقة باب العامود في القدس الشرقية المحتلة، بعدما حال الجيش دون وصول المصلين من الضفة إلى الأقصى، وحددت سن 40 فما فوق لحملة الهوية الإسرائيلية لدخوله، ومن ثم تم اعتراض مسيرة في المكان. واستخدمت إسرائيل الخيالة ورجال أمن ومستعربين للتصدي للشبان الغاضبين الذي رشقوهم بالحجارة والزجاجات الفارغة، وأشعلوا الإطارات المطاطية في الشوارع في مشهد يذكر بالانتفاضة الشعبية الأولى عام 1987. وردت قوات الأمن الإسرائيلية بإطلاق الغاز والرصاص المطاطي والمياه العادمة، واعتدت على المتظاهرين بالهراوات، مخلفة الكثير من الإصابات واعتقلت نحو 10.

وعند حاجز قلنديا الذي يفصل جنوب رام الله عن شمال القدس، حاول آلاف الفلسطينيين، وهم يهتفون «على القدس رايحين شهداء الملايين»، اختراق الحاجز الإسرائيلية فتصدى لهم الجنود، بتوجيهات من وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش الذي حضر إلى المكان، بالنيران والغازات المسلية للدموع والمياه العادمة، فرد المتظاهرون بالحجارة والزجاجات الفارغة. وقد أصيب نحو 80 فلسطينيا في هذه المواجهات بينهم وزيرة شؤون المرأة ماجدة المصري، وعضو المجلس التشريعي مصطفى البرغوثي.

وتكرر مشهد المواجهات في بيت لحم عند الحاجز الشمالي للمدينة المؤدي إلى القدس، ورشق المتظاهرون الجنود بالحجارة، ورد الجنود بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز، مما خلف إصابات خطرة في المكان. وشهدت مناطق مختلفة في الضفة في نابلس وقلقيلية والخليل مواجهات أقل عنفا عند نقاط التماس.

وفي غزة، تظاهر آلاف في بيت حانون القريبة من الحدود الإسرائيلية، وأقيم مهرجان مركزي هناك، تحدث فيه مسؤولون وأسرى محررون وقادة فصائل، عن يوم الأرض وتمسك الفلسطينيين بأرضهم. وحالت شرطة الحكومة المقالة دون تدفق المتظاهرين نحو الحدود، وأصيب 6 برصاص الجنود عندما اقتربوا من السياج الفاصل.

وجاءت هذه المواجهات على الرغم من تحذير الجيش الإسرائيلي من أنه لن يتهاون مع أي مسيرات تقترب من الحواجز الإسرائيلية. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، قد أمر، أمس، بفرض إغلاق شامل على الضفة الغربية لمدة 24 ساعة، وأعلن أنه لن يسمح للفلسطينيين بدخول إسرائيل إلا في الحالات الإنسانية الاستثنائية. ورفع مستوى التأهب في صفوف الجيش في جميع أنحاء إسرائيل، ونشرت أعداد إضافية من رجال الشرطة والجيش في القدس وعلى مداخل المدن الفلسطينية.

ويحيي الفلسطينيون في مثل هذا اليوم ذكرى مقتل ستة من عرب الداخل بالرصاص الإسرائيلي عام 1976 خلال احتجاجات على مصادرة الأراضي. وقال رئيس الوزراء سلام فياض إن «يوم الأرض الخالد تحول إلى عمل يومي، وصمود أسطوري عنيد من قبل كل أبناء شعبنا في مواجهة الاحتلال والاستيطان والتدمير وإرهاب المستوطنين».

وتسيطر إسرائيل على 85 في المائة من أرض فلسطين التاريخية، وفق إحصاء رسمي. وقال «الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني» إن نحو 11.7 مليون نسمة يعيشون في فلسطين التاريخية التي تبلغ مساحتها نحو 27.000 كيلومتر مربع، يشكل اليهود ما نسبته 52 في المائة من مجموع السكان، ويستغلون أكثر من 85 في المائة من المساحة الكلية للأراضي، بينما لا يسمح للفلسطينيين الذين يمثلون 48 في المائة من مجموع السكان باستغلال أكثر من 15 في المائة، وهو ما يعني أن الفرد الفلسطيني يتمتع بأقل من ربع المساحة التي يستحوذ عليه الفرد الإسرائيلي من الأرض.

وفي السياق ذاته، أفادت تقارير إسرائيلية بأن الإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع، خصصت بشكل سري نحو 10 في المائة من أراضي الضفة للتوسع الاستيطاني المستقبلي. وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن هذه الإدارة المدنية قامت على مدار السنوات الماضية بعملية مسح واسعة للأراضي في الضفة، وحددت مساحات واسعة من الدونمات في مناطق «سي» و«بي» و«إيه» كمخزون احتياطي لتوسيع المستوطنات في المستقبل وإقامة أخرى جديدة.

وشمل المسح مئات آلاف الدونمات، ووصل الأمر إلى رسم خرائط وإعطاء هذه الأراضي أسماء مستوطنات غير قائمة أصلا مثل «شلومتسون»، على أراضي قرية عقربة شرق نابلس، و«ليف هشومرون»، على أراض في قلقيلية، بالإضافة إلى تخصيص مساحات أخرى لتوسع مستوطنات قائمة.

ويطابق مسار جدار الفصل حدود هذه الأراضي، مما يعطي المعلومات أهمية كبيرة، بل تشير الخرائط الموجودة في مكاتب الإدارة المدنية إلى أن تحديد مسار الجدار تم أحيانا بموجب «بنك» الأراضي التي خطط لها أن تستخدم لصالح الاستيطان. ومن المفترض أن تبقى هذه المعلومات سرية، لكن قانون حرية المعلومات فضحها، واضطرت الإدارة المدنية إلى نشر هذه المعلومات استجابة لطلب من الناشط المناهض للاستيطان، درور اتكس. وتقول التفاصيل إنه جرى تحديد 569 قطعة أرض تبلغ مساحتها 620 ألف دونم، تشكل ما نسبته 10 في المائة من الضفة، لأغراض الاستيطان. وتتركز معظم هذه القطع في مناطق «سي» الخاضعة أمنيا وإداريا لإسرائيل، وفق اتفاق أوسلو، لكن 114 ألف دونم تقع في منطقتي «إيه» و«بي»، وتمثل مناطق خاضعة إداريا للسلطة.

وترى «هآرتس» أن رصد الأراضي كان قائما حتى قبل اتفاق أوسلو وظل متواصلا بعده. وفي هذا الإطار فقد صنفت خرائط الإدارة المدنية نحو 485 ألف دونم من هذه الأراضي باعتبارها أراضي دولة، و8 آلاف دونم كأراض كان يملكها اليهود قبل عام 1948، وأبقت على الباقي من دون تصنيف.