إسرائيل تتراجع عن طرد 700 لاجئ جنوبي إلى جنوب السودان

على الأقل خلال الأشهر الستة المقبلة

TT

في أعقاب قرار المحكمة المركزية في القدس منع الحكومة الإسرائيلية من ترحيل 700 لاجئ جنوبي إلى دولة جنوب السودان، أعلنت وزارة الخارجية تراجعها عن هذه الخطوة في سبيل إعادة فحص الموضوع ودراسة الأخطار التي قد تواجه هؤلاء اللاجئين في حال عودتهم.

وكانت وزارة الداخلية الإسرائيلية تزمع ترحيل 700 لاجئ جنوبي إلى جنوب السودان، غدا، وفقا لاتفاق مع حكومة هذه الدولة الجديدة. وجاء قرار المحكمة، إعطاء مهلة حتى 15 أبريل (نيسان) المقبل، للبت في الموضوع من جديد. واتخذ قرار المحكمة، بناء على دعوى تقدمت بها 6 منظمات لحقوق الإنسان في إسرائيل تتبنى الدفاع عن حقوق اللاجئين الجنوبيين، الذين تسللوا عبر الحدود مع مصر، بينها مركز دراسات الحقوق السياسية في جامعة تل أبيب.

المعروف أن نحو 30 ألف لاجئ من أفريقيا يعيشون في إسرائيل حاليا، معظمهم من السودان وإريتريا. وقد تسللوا عبر سيناء المصرية طالبين حق اللجوء السياسي في إسرائيل لأنهم – كما يقولون – ملاحقون من السلطات في بلادهم ويتهددهم خطر القتل والإعدام. لكن وزارة الداخلية الإسرائيلية ترفض ادعاءهم وتعتبرهم «متسللين بحثا عن عمل ومصدر رزق» وتسعى لترحيلهم جميعا. وقد تشكلت مجموعة ضغط من اليمين المتطرف، بقيادة عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بقيادة داني دنون، وهو رئيس الفرع العالمي لحزب الليكود الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو، تحارب وجود الجنوبيين السودانيين، وذلك لأنهم «يهددون الهوية اليهودية لإسرائيل». ويدعون أن السماح لهؤلاء بالبقاء في إسرائيل سيؤدي إلى تدفق مئات الألوف من السودانيين، وبذلك يهددون الأكثرية اليهودية في الدولة العبرية.

وقد سافر دنون خصيصا إلى جنوب السودان، حال إعلانها دولة وقبولها في الأمم المتحدة، وأبرم اتفاقا مع قيادتها على أن يتم ترحيل الجنوبيين السودانيين إلى جنوب السودان، مقابل مبلغ من المال عن كل واحد منهم إلى حكومتها، وبالإضافة، يمنح كل جنوبي هبة بقيمة 1350 دولارا ويتم ترحيله بالطائرة على حساب الدولة.

ووفقا لقرار سلطة الهجرة في وزارة الداخلية الإسرائيلية، كان من المفترض أن يبدأ الترحيل بدفعة من 700 شخص، بينهم 400 طفل، غدا. وأعلنت المنظمات المذكورة أن لديها معلومات موثوقة تشير إلى أن السودانيين سيواجهون خطر الموت في جنوب السودان. وعرضت على المحكمة نتائج بحث أعد في مركز الأبحاث التابع للكنيست يؤكد أنه من مجموع محافظات جنوب السودان، يوجد توتر خطير في 46 محافظة. ولذلك فإن ترحيل اللاجئين يهدد حياة كل عائلة وكل فرد منهم.

وعلى أثر قبول المحكمة لهذه الدعوى، في الليلة قبل الماضية، كشف مصدر في دائرة الهجرة في وزارة الداخلية الإسرائيلية، أن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، أرسل بمذكرة إلى الدائرة يكشف فيها أن وزارته قررت إعادة النظر في ترحيل هؤلاء اللاجئين، «بعد أن استجدت معلومات في إسرائيل تقول: إن الخطر على حياة اللاجئين في غالبية أراضي جنوب السودان، لم يزل قائما بعد». وقال: إن الوزارة ترى أن لا يتم ترحيل أي أفريقي من هؤلاء إلى جنوب السودان، في الأشهر الستة المقبلة. ودعا الدائرة إلى التنسيق فيما بين الوزارتين بحثا عن حقيقة الوضع في السودان واتخاذ القرارات المناسبة لحمايتهم من الخطر. إلا أن وزارة الداخلية رفضت ذلك. وقالت: إنها لا تجد هذه الخطوة مجدية إنما ترى فيها وسيلة لتشجيع المزيد من السودانيين على التسلل إلى إسرائيل.

وكان الكاتب جدعون ليفي، قد كتب مقالا قاسيا يتحدث فيه عن «الوجه الحقيقي لإسرائيل» في هذه المسألة، فيقول إن قرار الترحيل يدل على أن إسرائيل لم تعد دولة سليمة تعرف كيف تأوي اللاجئين وتمنحهم وفرة من العيش، وأنها باتت دولة بلا رحمة ولا أخلاق. وقارن بين تعامل الحكومة مع هؤلاء السودانيين ومع «الحيوانات التي تتم التجارب الطبية عليها بمعهد طبي في الولايات المتحدة»، فيقول ليفي إن الحكومة تكشف وجهها الحقيقي عندما تخاف على القردة وتحارب من أجلهم، بينما ترفض بقاء الجنوبيين السودانيين وترسلهم إلى حقول الموت بلا أي مشاعر إنسانية.