السودان: متمردون يشنون هجوما على بلدتين في ولاية جنوب كردفان

والي جنوب كردفان: القوات المسلحة تمكنت من طرد فلول الحركة الشعبية من أم دوال

TT

أعلنت القوات المسلحة السودانية والحركة الشعبية في شمال السودان عن هجومين على بلدتي أم دوال ومفلوع قرب مدينة تلودي في ولاية جنوب كردفان، التي تشهد حربا منذ يونيو (حزيران) الماضي، أمس، وأن متمردين في ولاية جنوب كردفان الحدودية الجنوبية المنتجة للنفط شنوا هجوما على بلدة قرب الحدود مع جنوب السودان الذي حصل على استقلاله في يوليو (تموز) الماضي.

وشهدت المنطقة الحدودية مع جنوب السودان، التي لم ترسم حدودها بدقة بعد اشتباكات بين السودان ومتمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال قتالا بين السودان وجنوب السودان على مدى يومين في وقت سابق هذا الأسبوع.

وقال العقيد الصوارمي خالد سعد، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، في تصريحات صحافية: إن القتال اندلع قرب تلودي في ولاية جنوب كردفان الجنوبية بعد أن شن متمردو الحركة الشعبية لتحرير السودان في شمال السودان هجوما على البلدة.

وقال العقيد سعد عن الاشتباكات التي دارت أول من أمس وأمس إن المعارك لا تزال جارية وإن المتمردين فشلوا في تحقيق أهدافهم وإن هناك خسائر من الجانبين.

وقال أرنو نقوتلو لودي، المتحدث باسم الحركة الشعبية قطاع الشمال، لـ«الشرق الأوسط»: إن قوات الجيش الشعبي التابعة للحركة الشعبية قد تمكنت من تدمير حامية بقرية مفلوع التي تبعد 7 كم شمال مدينة تلودي في ولاية جنوب كردفان وحامية أخرى في اليوم نفسه تقع شرق المدينة. وأضاف أن الهدف من هذه العملية هو إحكام حصار على مدينة تلودي التي قال إنها تمثل خط الإمداد الرئيسي للقوات الحكومية. وتابع: إن قوات الجيش الشعبي أحكمت الحصار من الجهات كلها على المدينة، مشيرا إلى أن قواته استولت على أسلحة وسيارات وآليات من القوات المسلحة، داعيا جنود الجيش السوداني إلى الاستسلام أو مواجهة مصيرهم وأن أي دعم من الحكومة لن يصلهم.

من جانبه، قال المقبول الفاضل الهجام، معتمد محلية تلودي، في تصريحات للمركز السوداني للخدمات الصحافية التابع للحكومة السودانية، بتعرض تلك المواقع لهجمات. وأضاف أن تنفيذها كان مخططا بين الجيش الشعبي لدولة الجنوب وقوات الجبهة الثورية في محاولة للوصول إلى تلودي، وقال إن الهجوم تم بدعم من جوبا.

وتعيش في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مجموعات انحازت للجنوب خلال الحرب الأهلية، لكنها تعيش الآن على الجانب السوداني من الحدود. ويقاتل الجيش السوداني الحركة الشعبية في الولايتين منذ العام الماضي.

ولم يتفق السودان وجنوب السودان بعدُ على المبلغ الذي يجب أن يدفعه الجنوب لتصدير إنتاجه النفطي من خلال السودان أو كيفية ترسيم الحدود المشتركة، كما لم تتوصل الدولتان إلى حل بشأن منطقة أبيي المتنازع عليها.

من جهة أخرى، أعلن أحمد محمد هارون، والي جنوب كردفان، أن القوات المسلحة السودانية تمكنت، صباح أمس، من طرد فلول الحركة الشعبية من منطقة أم دوال وتصدت لقوات الحركة التي حاولت التقدم نحو تلودي. وأكد أن القوات المسلحة تسيطر سيطرة تامة على الأوضاع وأنها قادرة على تنظيف جيوب التمرد من الولاية. وأوضح هارون، في حديثه لبرنامج «مؤتمر إذاعي» أمس، أن «الهجوم على منطقة هجليج وبعض المناطق الأخرى يكشف عن النوايا العدوانية لدى حكومة الجنوب». وقال: «إن شعب جنوب السودان، باعتباره كان جزءا من السودان الكبير، يعي جيدا التصرفات الخاطئة لحكومته»، مشيرا إلى أن «حكومة الجنوب تفتقد الإرادة السياسية في إقامة علاقات سوية مع السودان، وأن هناك معضلة تتمثل في أن هناك مجموعات متنفذة داخل حكومة الجنوب تحاول تعزيز مواقعها من خلال تأزيم الأوضاع مع السودان، بالإضافة إلى أن هناك بعضا منهم لم يستطع الانتقال من قادة لحرب عصابات إلى رجال دولة».

من جهتها، قالت سناء حمد العوض البيلي، وزيرة الدولة في وزارة الإعلام السودانية: «إن هجوم الجيش الشعبي الغادر على منطقة هجليج بولاية جنوب كردفان يكشف عن التناقض داخل حكومة الجنوب». وقالت: «إن الحكومة حاولت إدارة علاقاتها مع دولة الجنوب بدرجة من الحرص والاهتمام بمصالح البلدين؛ حيث قبلت الوساطة الأفريقية والحوار مع الطرف الآخر لحل القضايا العالقة». ودعت سناء شركاء وأصدقاء حكومة الجنوب إلى حثها على الاستماع إلى صوت العقل والاهتمام بأزماتها الداخلية. وأكدت سناء أن السودان قادر على إدارة شأنه وحماية أراضيه، ويهمه استقرار دولة الجنوب الوليدة، وهذا يتم من خلال إقامة علاقات متوازنة مع جيرانها.

إلى ذلك، قال جبريل آدم بلال، القيادي في الجبهة الثورية السودانية، التحالف الذي يضم حركات دارفور والحركة الشعبية في الشمال: «إن الجامعة العربية تكيل بمكيالين في ما يتعلق بأزمات الدول الأعضاء في الجامعة». وأضاف أن «الجامعة اعترفت بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ما زال يرتكبها النظام السوري». وقال: «في وقت سابق، أقرت الجامعة التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم التي ارتكبها النظام الليبي إبان الثورة». وأضاف: «أما السودان فإن هذه الجرائم وصلت إلى حد الإبادة الجماعية في دارفور واستمرت لمدة 9 سنوات متواصلة ولم تتخذ الجامعة العربية أي موقف».

في غضون ذلك، يقود عدد من مسؤولي الأمم المتحدة تحركات مكثفة لعقد قمة بين الرئيسين عمر البشير وسلفا كير ميارديت، طبقا للموعد الذي اتفق عليه قبل الاعتداء على هجليج في 3 أبريل (نيسان) المقبل في جوبا، وتقوم هيلدا جونسون، مبعوثة الأمين العام إلى جنوب السودان، وآخرون، بجهود دبلوماسية للحيلولة دون مزيد من التصعيد والعمل على حلحلة خلافات البلدين بجمع الرئيسين في أرض محايدة يتوقع أن تكون أديس أبابا.

وقال مسؤولون بالأمم المتحدة: إن مبعوثين من البلدين سيلتقيان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للتعهد بعدم الانزلاق نحو الحرب. وبحسب مصادر مطلعة فإن رئيس آلية الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى، ثابو مبيكي سيحط في أديس أبابا اليوم لمتابعة ترتيبات اجتماع اللجنة السياسية الأمنية المشتركة. وتوقع المسؤولون الأمميون أن يتم الاتفاق بين الطرفين على حل جذري بشأن الأزمة، وسيتواصل الحوار بينهما.

على صعيد آخر، تعتزم الأمم المتحدة تخفيض أعداد قوات حفظ السلام المشتركة بدارفور بعد تراجع حدة العنف بالإقليم، ولم توضح المنظمة حجم التخفيض، وقالت إن مجلس الأمن سيدرس المسألة لاحقا. وقال هيرفيه لادسو، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بشؤون حفظ السلام: بموجب قرار الأمين العام ومجلس الأمن الدولي، قررت المنظمة خفض حجم القوات خلال الأشهر الـ18 المقبلة. وأوضح لادسو أن هناك زيادة في جريمة الحق العام التي قال إنها تهدد سلامة المدنيين وتشكل أحد أبرز مصادر قلق المنظمة الدولية، لكن العنف المنظم تراجع بشكل كبير. ورجح المراقبون أن يثير قرار تقليص القوة المؤلفة من 28 ألف جندي وشرطي استياء النشطاء الدوليين الذين يتهمون السودان بارتكاب جرائم ضد المدنيين بالمنطقة، وهو ادعاء تنفيه الخرطوم.