«الإخوان» يدفعون بـخيرت الشاطر للمنافسة على رئاسة الجمهورية

المرشح الرئاسي تقدم باستقالته للمرشد العام للإخوان.. ومحامي الجماعة لـ «الشرق الأوسط»: يحق له الترشح قانونا

مواطن مصري يحاول تكسير الجدار الإسمنتي العازل بشارع قصر العيني بوسط القاهرة أمس الذي بنته قوات الأمن للفصل بين مقر مجلس الوزراء ومتظاهري التحرير (رويترز)
TT

حسمت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أمس موقفها من الدفع بمرشح رئاسي، واختار مجلس شورى الجماعة رجل الأعمال النافذ خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة للمنافسة على منصب الرئيس في الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو (أيار)، بأغلبية 4 أصوات فقط، حيث صوت للدفع بالشاطر 56 عضوا مقابل رفض 52 عضوا بمجلس الشورى العام، وهو ما اعتبره مراقبون انعكاسا لحدة الخلاف حول القرار الذي من شأنه تغيير موازين القوى بين المرشحين بصورة كلية. وتقدم خيرت الشاطر باستقالته الى المرشد العام لجماعة الأخوان أمس, ليقود الانتخابات الرئاسية. وأعلنت الهيئة العليا البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ترشيح الشاطر لمنصب رئيس الجمهورية عن حزبها، بعد أن أقر مجلس الشورى العام ترشحه.

وشارك في الاجتماع الماراثوني أمس محامي «الإخوان المسلمين» عبد المنعم عبد المقصود الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه «يحق للشاطر الترشح للانتخابات الرئاسية».

وصدر بحق الشاطر حكم قضائي من محكمة عسكرية في عام 2008 بالسجن 7 سنوات، في قضية ما عرف إعلاميا بـ«قضية ميليشيات الأزهر»، وأطلق سراحه بعفو صحي بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، دون أن يصدر حكم بالعفو الشامل الذي يعطيه الحق في الترشح في الانتخابات. ويحظر القانون المصري على من صدر بحقه حكم مخل بالشرف الترشح للمواقع القيادية قبل انتهاء مدة 6 سنوات من انتهاء العقوبة.

وتحفظ عبد المقصود عن ذكر تفاصيل أكثر حول تأكيداته بأحقية الشاطر في الترشيح، لكنه أبلغ أعضاء مجلس شورى الإخوان بحقيقة الموقف القانوني للشاطر، وهو ما حسم الأمر لصالح الرجل القوي داخل مكتب الإرشاد.

لكن التيار الآخر بحسب نفس المصادر يخشى من تفاقم الشعور بعدم الثقة في الخطاب السياسي للإخوان في أوساط النخب المصرية بعدما تراجعت الجماعة أكثر من مرة عن عهود قطعتها على نفسها في السابق، كنسبة التمثيل في البرلمان وفي تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور.

ويقود تيار الالتزام بالقرار السابق للجماعة بعدم الدفع بمرشح رئاسي، المرشد السابق للإخوان مهدي عاكف، الذي يفضل أن تترك قيادات الإخوان لأعضائها حرية اختيار المرشح الرئاسي، وهو ما يعني ضمنيا أن الجماعة سوف تدعم الإخواني المفصول من الجماعة، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الذي حصل بالفعل على تأييد شعبي يخول له خوض الانتخابات الرئاسية.

وأمام بوابة المقر الرئيسي للجماعة وقف عدد من شباب الإخوان مرتدين زيا رسميا كاملا، ونظارات سوداء، بدوا فيها أشبه بالحراسات الخاصة التي ترافق كبار المسؤولين في الدولة. وبروح مستنفرة أجاب أحد شباب الإخوان، ويدعى أحمد، على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن موقفه الشخصي تجاه الدفع بمرشح للجماعة في الانتخابات الرئاسية قائلا، دون أن تفارقه ابتسامة واثقة: «نحن نلتزم بقرارات قادتنا».

وتعكس إجابة أحمد حساسية كوادر الإخوان تجاه الانتقادات التي توجه لهم بالتزام قسم «السمع والطاعة» للمرشد العام، وهو إجراء منصوص عليه في لائحة الإخوان من أجل الانتساب لعضويتها.

لكن أحمد عاد وأشار بسبابته باتجاه المبنى الفخم الذي يحمل لافتة ضخمة كتب عليها «المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين»، وهو أمر ما كان يمكن أن يحدث قبل ثورة 25 يناير من العام الماضي، قائلا: «هؤلاء (في إشارة لأعضاء مجلس شورى الإخوان) يقررون ما نريده نحن لكننا في النهاية نثق في قدرتهم وخبرتهم»، وأصر أحمد وشابان آخران على رفض الإفصاح عن رأيهم الشخصي تجاه القضية التي تؤرق الساحة السياسية المصرية.

ويقول مراقبون إن الحديث عن الخلافات في صفوف الإخوان بات أكثر حساسية قبل عام من الثورة حيث نشب خلاف بين الجماعة وقطبين بارزين فيها، هما الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام، والمؤسس الثاني للجماعة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وقد اتسعت هوة الخلاف بفصلهما من الجماعة في أعقاب ثورة 25 يناير، بالإضافة لفصل عدد من شباب الإخوان الذين رفضوا الانصياع لقرارات مكتب الإرشاد.

من ناحية اخري بات شارع قصر العيني، في وسط العاصمة المصرية القاهرة، مساء أول من أمس، دون جداره الإسمنتي العازل، لأول مرة منذ شهور. جاء ذلك بعد أن حطم متظاهرون غاضبون جزءا كبيرا من الجدار المكون من 3 طبقات من قوالب إسمنتية عملاقة باستخدام مطارق وقوائم حديدية.

وأقام الجدار الجيش في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى مبانٍ حكومية والبرلمان، وكلها مجاورة لميدان التحرير، مركز المظاهرات منذ سقوط حكم مبارك العام الماضي. وأقيم الجدار حينذاك بعد مواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن. وسمح هدم جزئي للجدار بعبور المارة لمنطقة المؤسسات الحيوية، بعد أن ظل عائقا لحركة العابرين طوال أربعة أشهر. ويقع الجدار الذي بدأ تحطيم جزء كبير منه عصر أول من أمس، وسط شارع قصر العيني، محور الحركة في قلب القاهرة.

«سنهدم كل جدار.. سنحطم كل القيود.. لن يصادر أحد حريتنا بعد اليوم»، هكذا صاح أحمد عبد الرحمن (19 عاما)، فيما كان يمسك بمطرقة ضخمة مواصلا تحطيم قالب إسمنتي عملاق. وأوضحت أميرة محسن (25 عاما)، التي تعمل في مؤسسة حكومية في الشارع نفسه، أن الجدار كان يمثل عائقا ضخما أمام حرية التنقل في شوارع وسط القاهرة، قائلة «كنت أشعر أنني مقيدة».

ويحيط نحو 6 جدران بمحيط المنطقة التي تقع فيها مؤسسات حيوية بوسط القاهرة، لمنع الاحتكاك بين عناصر الشرطة والمتظاهرين، بدءا من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حتى الوقت الحالي. ولم تعترض السلطات على ما قام به الشبان أمس من تحطيم للجدار، وعلق مصدر مسؤول بقوله إن «إزالة الجدران من شوارع وسط العاصمة قد تبدأ بعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة خلال الشهرين المقبلين». ومع ذلك كان عدد الشبان من حاملي المطارق يزداد لهدم الجدران مبكرا، حتى لو كان الأمر برمته «عملية رمزية».