أزمة بنزين في بريطانيا خلقتها توصية غير مدروسة من الحكومة

طوابير أمام المحطات.. ودعوات لتنحي وزير دعا الناس لتخزين الوقود تحسبا لإضراب

سيارات تنتظر في طابور طويل أمام محطة وقود في مدينة غيتسهيد بإنجلترا (أ.ب)
TT

ربما تنطبق مقولة «انقلب السحر على الساحر» على حال الحكومة البريطانية هذه الأيام، بسبب إقدامها على نصح المواطنين بتخزين الوقود تحسبا لإضراب محتمل يقوم به سائقو شاحنات هذه المادة، فكانت النتيجة أن الناس تملكهم الهلع والغضب، والمحطات جفت.

وبالفعل، تشهد محطات البنزين في مختلف أنحاء البلاد اصطفاف الناس وأصحاب العربات، في طوابير، وغالبيتهم تحركوا بدافع الهلع ورسائل متضاربة من الوزراء حول اختيار الطريقة المثلى لمواجهة إضراب محتمل لسائقي عربات الشحن المكلفة بتزويد نحو تسعين في المائة من محطات الوقود، احتجاجا على ظروف عملهم، وقد ينفذ الإضراب عشية عيد الفصح.

ووسط الأزمة، قال عمال الإطفاء في مدينة يورك الواقعة شمال إنجلترا، إن امرأة عمرها 46 سنة تعرضت لحروق بالغة بسبب تعامل مع البنزين في مطبخ منزلها، مما زاد الضغط على المسؤولين الذين كانوا أوصوا بتخزين شيء من الوقود لوقت الحاجة. وتدخل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون شخصيا معلقا على الحادثة، فقال «إن ما حدث لهذه المرأة يعد أمرا يائسا وفظيعا». ثم قدم مواساة فقال إنه «بقلبه مع هذه المرأة وأسرتها».

ولم تتكشف معلومات كافية حول ما وقع بالضبط للمرأة أو السبب الذي جعلها تتعامل مع البنزين. وقال المسؤول في الإطفاء بيتر هدسون إنها كانت تنقل البنزين من حاوية لأخرى مساء الخميس عندما اشتعلت الأبخرة، وأُضرمت النار في ملابسها. وتعاني المرأة، التي لم يُكشف عن اسمها، من حروق في جسمها بنسبة 40 في المائة.

واستغل البرلمانيون التابعون لحزب العمال المعارض الحادثة لانتقاد الحكومة وتسببها في حالة الذعر غير المبررة. وانهالت الضغوط أكثر على الوزير المنتدب لدى رئيس الوزراء، فرانسيس مود، بسبب قوله يوم الأربعاء إنه يتعين على أصحاب السيارات الاستعداد لإضراب محتمل، عبر تخزين الوقود في حاويات جيري كان (حاويات معدنية يمكن لكل منها أن تسع 20 لترا).

لكن الحكومة اضطرت إلى التراجع عن توصيتها، بعد أن حذرت نقابة عمال الإطفاء من أن تخزين أكثر من 10 لترات من البنزين في المنزل يعد أمرا مخالفا للقانون وخطيرا، في آن واحد. وعلى الفور صدرت دعوات لفرانسيس مود بالاستقالة. وكتب النائب العمالي عن منطقة يورك، كارل ترنر، على حسابه بموقع «تويتر»، أن فرانسيس مود يجب أن يستقيل «إذا كانت حالة الذعر المسيسة وغير الضرورية»، هي سبب إصابة المرأة بحروق في يورك. وعلى المنوال نفسه، بدا أن تجار التجزئة والمسؤولين في قطاع الوقود يميلون إلى لوم الحكومة في التسبب في الأزمة الحالية. وقال برايان مادرسون، من اتحاد «ريتيل موتور إندستري»: «الحكومة خلقت أزمة الوقود هذه، ويجب عليها أن تحلها بشكل كامل الآن. الهلع (الذي دفع الناس لحملة شراء الوقود) مستمر، بسبب (توصية) فرانسيس مود».

ورغم ذلك، فإن الأزمة لا تبدو في طريقها إلى حل وشيك. وقالت نقابة «يونايت»، وهو اتحاد عمالي يضم سائقي ناقلات الوقود في بريطانيا، إنها لا تستبعد المضي قدما في الإضراب إذا انهارت المفاوضات. وقالت جمعية بائعي الوقود، إن مبيعات البنزين ارتفعت أكثر من 170 في المائة، ومبيعات الديزل ارتفعت أيضا بنسبة 80 في المائة يوم الخميس.