تركيا تستضيف اليوم «مؤتمر أصدقاء سوريا» الثاني

مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»: بشار الأسد انتهى.. وداود أوغلو يقول: لا نريد نظاما من هذا القبيل إلى جانبنا

TT

بدأ ممثلو الدول المشاركة في مؤتمر أصدقاء سوريا الثاني التوافد إلى إسطنبول أمس للمشاركة في المؤتمر الذي تستضيفه تركيا اليوم، ويبحث في اتخاذ «خطوات ملموسة» في الملف السوري، بينها تشكيل صندوق إغاثة للشعب السوري، والبحث في كيفية تأمين «التواصل بين المعارضين السوريين في الخارج والداخل»، بالإضافة إلى موضوع سحب السفراء من دمشق كرسالة من الدول المشاركة ضد «القتل»، كما قالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» أمس.

وعلى الرغم من أن المؤتمر سوف ينطلق بسقف توقعات لا يسمح بإنشاء منطقة عازلة أو ممرات آمنة، فإن تركيا ترمي بكل ثقلها لإنجاحه والتأكيد على أن «النظام السوري انتهى، وسقوطه مسألة وقت لا أكثر»، وصولا إلى ما علمته «الشرق الأوسط» من أن وزير الخارجية التركي قال لوفد من المعارضة السورية التقى أمس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بحضور داود أوغلو: «نحن لا نريد نظاما من هذا النوع إلى جانبنا». وأشارت المعلومات إلى ضغط تركي يهدف إلى الوصول إلى قرار جامع من الدول المشاركة بسحب سفرائها من دمشق.

وبدا واضحا الإصرار التركي على منح «أيام معدودة» لتطبيق عملي لخطة أنان، وإلا فإن الدول المشاركة سوف تذهب إلى مجلس الأمن، في حين تحدثت مصادر في المعارضة السورية عن «عمليات إنسانية» قد يقوم بها الناتو إذا لم تصل خطة أنان إلى نتائج سريعة على طريقة «التدخل في كوسوفو».

ويشارك ممثلون لـ75 دولة و6 منظمات دولية في المؤتمر، بينهم 44 وزير خارجية. وعلمت «الشرق الأوسط» أن أردوغان أبلغ الوفد السوري أن التعامل مع المجلس الوطني السوري سيكون مختلفا من حيث الشكل والمضمون، لجهة وجود رئيس المجلس برهان غليون في المنصة الرئيسية، وأن تكون كلمته من بين الكلمات الأساسية، «كما سيوزع نص الوثيقة التي أقرها المجلس باللغات الأجنبية المختلفة على المشاركين لإظهار رؤية المجلس لسوريا الجديدة».

وأبلغ أردوغان المجلس بأن المؤتمر سيتعاطى بإيجابية مع مبادرة المبعوث الدولي كوفي أنان، لكنه «لن يعطيها وقتا مفتوحا.. بل مجرد أيام لا أكثر». وكشف عن توجهه لإنشاء صندوق دولي للإغاثة وطلب للمساهمة في إعادة إعمار سوريا بعد سقوط النظام.

وإذ شدد أردوغان مجددا على أهمية «وحدة المعارضة السورية وتناغمها»، أكد أن تركيا «تقف إلى جانب الشعب السوري بالكامل، ولا يمكن أن تتركه وحيدا، وسوف تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمساعدة السوريين في الداخل».

وأبلغ أردوغان الوفد بأن تركيا صادرت شاحنات إيرانية متوجهة إلى سوريا تحمل مواد كيماوية، وإذ أشار إلى أن التبرير الإيراني أنها خاصة بأحد المصانع، أردف مبتسما: «نحن نعرف أنهم من السماد الزراعي قادرون على صنع أسلحة كيماوية».

أما وزير الخارجية التركي الذي شارك في الاجتماع أيضا، فقد أكد بدوره على 5 ثوابت تركية فيما يتعلق بالمؤتمر، هي:

1- الدعم الكامل والواضح للشعب السوري.

2- خطوات ملموسة خصوصا في المسائل الإنسانية للسوريين في الداخل.

3- تأكيد على انهيار الوضع الأمني في سوريا والإشارة إلى هذا الانهيار.

4- موقف واضح حول دعم المجلس الوطني وإيجاد صندوق للمساعدات الإنسانية.

5- خطوات ملموسة بشأن مجمل القضية السورية.

وقال غليون في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس في إسطنبول، إن هناك «انطباعا إيجابيا جدا تولد لدى المعارضين من خلال اللقاءات التي أجروها مع ممثلين لـ(الدول الرئيسية) التي تشارك في المؤتمر». وأوضح غليون أن هذا الانطباع مفاده «أن هناك إجماعا على أن النظام السوري انتهى، وأن المعركة الجديدة تتمحور حول كيفية بناء سوريا الجديدة». وتوقع غليون أن يكون المؤتمر «مهما جدا وأفضل بكثير من مؤتمر تونس»، مشيرا إلى «مواقف جريئة وإجراءات توضح نفاد صبر المجتمع الدولي من نظام لم يفعل حتى الساعة سوى القتل».

ووصف غليون اللقاء مع أردوغان بأنه «إيجابي جدا»، قائلا إنه لمس «تجاوبا كبيرا منه في دعم الشعب السوري». ونقل عنه أنه «يجب الوثوق بالمواقف التركية التي سوف تتطور في الأسابيع المقبلة بشكل واضح ومهم». كما أشار إلى أن المجتمع الدولي لن يسمح للنظام بأن يستخدم مبادرة أنان لكسب المزيد من الوقت.

وكشف غليون عن أن الوفد طرح موضوع المنطقة العازلة، مشيرا إلى أن هذا الموضوع مطروح أمام «أصدقاء سوريا»، وهو قرار يتخذ من قبل المشاركين. وشدد على أن المؤتمر «لن يكون محبطا مثل مؤتمر تونس»، متحدثا عن توجه عدد كبير من الدول إلى مبدأ «القيام بأفعال»، متوجها إلى السوريين بالدعوة إلى عدم الشعور بالخيبة إذا صدر بيان عام لا يتطرق إلى التفاصيل؛ «لأن ما سيعلن عنه هو جزء مما يعمل عليه».

وقال مسؤول تركي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن (الرئيس السوري) بشار الأسد انتهى فعلا، وسقوطه مسألة وقت لا أكثر، داعيا الذين يضغطون على تركيا من أجل «مواقف متسرعة»، إلى معرفة أن «ساعة العمل الدبلوماسي تعمل بإيقاع مختلف عن التمنيات والمشاعر». وإذ أعرب المسؤول التركي عن إدراك بلاده أن كل لحظة تمر «معناها المزيد من القتل»، أكد أنها تعمل ما في وسعها من أجل مساعدة السوريين للخروج من محنتهم. وقال: «هذا النظام انتهى وأصبح من الماضي، أما بقاؤه في السلطة فمجرد وقت، وعلينا أن نعمل مع الآخرين من أصدقاء سوريا على المساعدة في تقليل الخسائر التي يمنى بها الشعب السوري حتى ذلك الوقت».

وانتقد المسؤول التركي الكلام عن «تراجع» في مواقف بلاده، مؤكدا أن المواقف التركية أعلى بكثير من سقف القمة العربية الأخير الذي أعطى الدعم لخطة (المبعوث الدولي) كوفي أنان التي يستعملها النظام حاليا كمخرج له لشراء أوقات إضافية تسمح له بقتل المزيد والتشبث بالسلطة. وأوضح المسؤول أنه من الخطير جدا رفع التوقعات بشكل مبالغ فيه من مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سينعقد اليوم، لكنه شدد على أن هذا المؤتمر سوف يخرج بالتأكيد بنتائج إيجابية بالنسبة إلى الشعب السوري والمعارضة السورية. وأشار إلى أنه في الحالة الليبية احتاج الأمر إلى 5 اجتماعات قبل تبلور صورة الحل النهائي، موضحا أنه في الحالة السورية هناك تعقيدات تمنع العمل من منطلق مجلس الأمن الدولي، ومن مسؤولية المجتمع الدولي أن يبحث عن مخرج لهذا الموضوع، وهذا ما نحاول أن نفعله مع غيرنا من أصدقاء سوريا.

مسودة وثيقة للتفاهم مع الأحزاب الكردية: إعطاء المحافظات والبلديات حق إدارة شؤونها

* كانت العبارة التي قالها رئيس المجلس الوطني برهان غليون في مؤتمره الصحافي عن «الاعتراف بالهوية القومية للشعب الكردي» بمثابة إعلان عن اتفاق شبه منجز مع القوى الكردية للانضمام إلى المجلس الوطني.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المجلس توصل إلى مسودة لورقة تفاهم تشمل الأحزاب والشخصيات الكردية، بدأ توزيعها عليها لمناقشتها والتوقيع عليها. ووصفت مصادر في المجلس هذه الورقة بأنها «أكثر تقدما من كل ما جرى عليه الاتفاق سابقا». وتتلخص هذه الورقة في الاعتراف للأكراد بحقوقهم القومية، وتؤكد على «المساواة بين جميع القوميات في المواطنة، وعلى حقهم في الحفاظ على هويتهم القومية ولغتهم الأم وتدريسها، بالإضافة إلى حق إدارة شؤونهم من خلال إعطاء المحافظات والبلديات حق إدارة شؤونها تحت سقف الدولة السورية الجامعة».