مصريون يتخوفون من انتكاسة لهامش الحريات مع زحف الإسلاميين على السلطة

منظمات: تراجع حاد في حق التظاهر منذ الثورة.. وسجن 11 ناشطا خلال أسبوع

مؤيدو المرشح السلفي للرئاسة الشيخ حازم أبو إسماعيل في وسط القاهرة (أ.ف.ب)
TT

قالت منظمات حقوقية مصرية ونشطاء أمس إن مرحلة ما بعد الثورة التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي، للمطالبة بحرية التعبير وممارسة النشاط السياسي، بدأت أهدافها تتراجع وقد تتعرض لانتكاسة، وذلك بعد صدور أحكام ضد نشطاء سياسيين، من بينهم 3 صدرت بحقهم أحكام بالسجن المشدد 3 سنوات، الليلة قبل الماضية، وذلك بعد أقل من أسبوع على صدور أحكام أخرى يوم الخميس الماضي تقضي بسجن 8 من النشطاء المصريين.

وبدلا من توقع إجراء تغيير لقوانين النظام السابق، يتخوف التيار المدني بشكل عام من انتكاسة في مجال الحريات مع استمرار زحف الإسلاميين بخطابهم المتشدد على السلطة في البلاد.

وشددت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان على أن صدور مثل هذه الأحكام ضد النشطاء السياسيين «يعد تراجعا حادا للحق في حرية التظاهر السلمي بعد نجاح ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 في انتزاع هذا الحق»، بينما قال مركز هشام مبارك للقانون إن «الحريات السياسية بشكل عام وحرية التظاهر على وجه الخصوص قد تراجعت، رغم أنه من المفترض أن يحدث العكس». ولم تشهد القوانين القمعية التي أدار بها الحكام السابقون البلاد تغيرا رغم سيطرة الإسلاميين على المجلس التشريعي، لكن الناشطين المناوئين لهيمنة التيار الديني على البرلمان يتخوفون من صدور تشريعات جديدة أشد صرامة من ذي قبل.

وقضت محكمة جنح الأزبكية (وسط القاهرة) الليلة قبل الماضية بالسجن المشدد لثلاثة من نشطاء الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) لمدة 3 سنوات لكل منهم، في اتهامات تتعلق بـ«مظاهرة نظمتها الحركة للاحتجاج على قرار السلطات القضائية المصرية» الخاص برفع أسماء متهمين أميركيين في قضية تمويل أجنبي من قوائم الممنوعين من السفر، وهي قضية أثارت ردود فعل سياسية وقضائية منذ تفجرها الشهر الماضي.

وكانت الشرطة المصرية اعتقلت النشطاء الثلاثة وهم طارق مدحت وإبراهيم السني، ومحمود المرشدي، في 28 فبراير (شباط) الماضي خلال تنظيمهم مظاهرة للاحتجاج على سفر متهمين أميركيين في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، والتضامن مع عدد من القضاة السابقين ممن اعتصموا أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة.

ووجهت النيابة للنشطاء الثلاثة عددا من الاتهامات هي: احتلال مبنى دار القضاء العالي، وتعطيل وسب موظفين عموميين، واستعراض القوة ضد الموظفين والمحامين والمواطنين، وحيازة أسلحة بيضاء، وبدأت المحكمة أولى جلسات القضية في 18 مارس (آذار) الماضي.

وقال الناشط اليساري محمود حسن: «كنا نتوقع تغيير قوانين مبارك القمعية، لكن بعد خطاب الإسلاميين المتشدد أتوقع بطبيعة الحال أن تصدر قوانين أشد صرامة ضد الحريات»، مشيرا إلى أن بعض النواب الإسلاميين وصف المتظاهرين بـ«البلطجية» في جلسة للبرلمان. وقالت مديرة وحدة الدعم القانوني بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المحامية روضة أحمد، لـ«الشرق الأوسط» والتي تتولى الدفاع عن النشطاء الثلاثة، إنها سوف تتقدم بطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف، موضحة أنه تمت إعادة موكليها إلى مقر محبسهم في سجن طرة، وأضافت أن «الحكم قاس جدا» مقارنة بـ«الاتهامات التي واجهها النشطاء».

ولفت بيان الشبكة الانتباه إلى صدور أحكام متتالية بحبس نشطاء في قضايا سياسية. وقال: إن المحاكم المصرية أصدرت حكمين بالسجن المشدد ضد نشطاء في قضايا تظاهر في أقل من أسبوع، مشيرة إلى صدور حكم من محكمة جنح روض الفرج الخميس الماضي يقضي بسجن 8 من النشطاء في قضية قال البيان إن أجهزة الأمن لفقتها لهم في عهد النظام السابق. وقالت: إن صدور مثل هذه الأحكام ضد النشطاء السياسيين «يعد تراجعا حادا للحق في حرية التظاهر السلمي بعد نجاح ثورة 25 يناير 2011 في انتزاع هذا الحق».

ومن جانبه قال مدير مركز هشام مبارك للقانون، المحامي الحقوقي أحمد راغب، لـ«الشرق الأوسط» إن الحريات السياسية بشكل عام وحرية التظاهر على وجه الخصوص قد تراجعت عقب ثورة 25 يناير، رغم أنه من المفترض أن يحدث العكس، وأضاف: «ما يحدث الآن هو استخدام سياسي للقانون ولمواد بعينها تجيز الحبس في قضايا التظاهر، لذلك يجب على الثورة والقوى الثورية أن تضع على أجندتها في الفترة المقبلة تغيير القوانين التي تجيز الحبس في القضايا السياسية»، مشيرا إلى أن الهدف على ما يبدو «امتصاص الموجة الثورية وإعادة إنتاج النظام القديم أو نظام شبيه له».