قمة جديدة في دكار حول مالي.. وفرنسا: لن نتدخل عسكريا

الطوارق يبحثون عن اعتراف بهم بعد سيطرتهم على 3 مدن في الشمال

TT

يجتمع رؤساء دول غرب أفريقيا في دكار لاتخاذ قرار حول إجراءات طارئة لمواجهة تدهور الوضع في مالي، التي تواجه تقدم متمردي الطوارق الذين سيطروا على كل شمال البلاد منذ الانقلاب العسكري في 22 مارس (آذار).

وتعقد القمة على هامش حفل تنصيب الرئيس السنغالي الجديد ماكي سال الذي سيحضره نحو 15 رئيس دولة أفريقيّا، وكذلك وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه. وأعلن جوبيه في دكار أن «الوضع يتدهور سريعا» في مالي، لكن فرنسا «لن تتدخل عسكريا» في هذه الدولة.

وقال جوبيه إن «الوضع خطير، لهذا السبب طلبت من رعايانا الذين وجودهم ليس ضروريا هناك مغادرة البلاد». وأضاف «يمكننا المساعدة على الصعيد اللوجيستي أو التدريب، لكن من غير الوارد نشر جنود فرنسيين على أراضي مالي». من جهة أخرى، قالت الخارجية الفرنسية إنها قد تلجأ إلى مجلس الأمن الدولي لتأمين «الاحتياجات» المحتملة لمجموعة غرب أفريقيا من أجل تسوية الأزمة في مالي. وصرح نائب المتحدث باسم الوزارة رومان نادال، بأن «فرنسا تدعم جهود المجموعة التي كلفت الرئيس (بليز) كومباوري (بوركينا فاسو) القيام بوساطة، وستلجأ إلى مجلس الأمن مع شركائها الأفارقة لدعم هذه التحركات».

وتابع أنه «في مواجهة التحركات المسلحة في شمال البلاد، تدعو فرنسا مجددا إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات من أجل إيجاد حل سياسي، وتحذر الذين يقومون بها من عواقب أفعالهم».

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية أعلنت على موقعها الإلكتروني أن فرنسا تنصح رعاياها «الذين لا يعتبر وجودهم ضروريا» في مالي بمغادرة البلاد «مؤقتا». وجاء في البلاغ الجديد الموجه لنحو خمسة آلاف فرنسي في مالي «نظرا لعدم استقرار الوضع الأمني السائد حاليا في البلاد ولا سيما في باماكو، ينصح إلى مواطنينا الذين ليس وجودهم ضروريا بمغادرة البلاد مؤقتا». وأضافت الوزارة «ننصح بتجنب أي زيارة إلى مالي حتى إشعار جديد».

وتنعقد القمة بعد أربعة أيام على قمة 29 مارس (آذار) في أبيدجان التي أمهلت العسكريين الذين أطاحوا بالرئيس المالي أمادو توماني توريه حتى إعادة النظام الدستوري تحت طائلة فرض «حظر دبلوماسي ومالي يؤدي إلى عزلة الانقلابيين بشكل إضافي». وقال الحسن وتارا، رئيس ساحل العاج والرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، في دكار «نحن قلقون إزاء الوضع في غاو وتومبوكتو» المدينتين في شمال مالي اللتين سقطتا في نهاية الأسبوع في أيدي متمردي الطوارق والمجموعات المسلحة الإسلامية.

وأضاف «نحن متمسكون بوحدة أراضي مالي. وسنستخدم كل الإمكانات لوقف هذا التمرد ولكي تستعيد مالي كل أراضيها». وتابع «إنه واجب لكل المنطقة». وكان المجلس العسكري وعد الأحد بالعودة إلى سلطة مدنية وانتقال نحو انتخابات في موعد لم يحدد. ووعد «بالالتزام رسميا» بإعادة فورية لدستور فبراير (شباط) 1992 وكذلك المؤسسات الجمهورية التي تم حلها خلال الانقلاب. لكنه لا ينوي ترك السلطة مباشرة وإنما يرغب «في إفساح المجال أمام انتقال بظروف جيدة» إلى حين تنظيم انتخابات. وتعيد هجمات الطوارق على ثلاث مدن في شمال شرقي مالي وتأكيدهم أنهم سيستهدفون بلدات أخرى، تسليط الضوء على سعي هؤلاء الرحل إلى الاعتراف بهم في مناطق صحراوية مهددة بالجفاف و«القاعدة». والطوارق هم سكان الصحراء ويتحدرون من جذور أمازيغية وينتمون إلى عدد من القبائل ويقدر عددهم بنحو 1.5 ملايين شخص موزعين بين النيجر ومالي والجزائر وليبيا وبوركينا فاسو.

وفي مالي، تعتبر منطقة أزواد (من الغرب إلى الشمال) التي ينشط فيها أيضا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مهدهم.

والطوارق هم الشعب الأفريقي الوحيد، إلى جانب الإثيوبيين، الذين يملكون كتابتهم الخاصة ويتميزون بوضع غطاء رأس ولثام أزرق. وقاد الطوارق تجارة القوافل ورعي قطعان كبيرة في النصف الأول من القرن، حيث أبدوا معاداتهم للاستعمار، لكنهم أصبحوا تدريجيا الأكثر فقرا في منطقتي الساحل والصحراء اللتين عانتا موجات جفاف متتالية. كما رفضوا ارتياد المدارس في أثناء الاستعمار، مما أضعف موقفهم في أثناء حملات الاستقلال.

وأفنت مجاعات 1973 - 1974 و1984 - 1985 قطعانهم، بينما نزح آلاف الشبان الطوارق إلى المدن أو هاجروا إلى الجزائر وليبيا، حيث أدخل معمر القذافي عدة آلاف منهم إلى جيشه.

بعد عقد من الزمن، اضطر عدد من هؤلاء نتيجة تدهور الاقتصاد الليبي للعودة إلى ديارهم، وأحيانا أجبروا وانضموا إلى الحركات المطالبة بالحكم الذاتي والتنمية في مواجهة السلطات المركزية المالية والنيجيرية.