جنود من الخلية النائمة في قوات الأمن الأفغانية يقتلون زملاءهم في العمل

أول تعاون لأحدهم مع طالبان أعطاهم الضوء الأخضر لقتل والده

جنود في قوات الأمن الأفغاني أثناء تغيير وردية للحراسة قرب مطار هيرات (أ.ف.ب)
TT

قبل أن يقتل جندي الشرطة الأفغاني، أسد الله، ثمانية من زملائه وأحد المدنيين صباح يوم الجمعة، ظل لسنوات مقاتلا ضمن صفوف طالبان، يتنقل عبر الحدود الباكستانية مع مجموعات من المتمردين.

لكن أول تعاون له مع طالبان كان الشيء الذي اعتبره جيرانه العمل الأكثر شناعة، عندما أعطى طالبان الضوء الأخضر لقتل والده إحسان الله.

أشار المسؤولون الأفغان والغربيون إلى أنهم اكتشفوا هذه التفاصيل خلال التحقيقات مع عائلة مجند الشرطة الجديد وعميل طالبان النائم الذي وضع المخدر لزملائه وأطلق عليهم الرصاص في الرأس أثناء نومهم. ويعتبر الحادث واحدا من أكثر الأعمال دموية لقتل زملاء العمل خلال سنوات الحرب العشر، ويأتي ضمن موجة من حوادث قام بها جنود وضباط في الشرطة والجيش بإطلاق الرصاص على زملائهم الأميركيين والأفغان، فمنذ يناير (كانون الثاني) قتل 16 جنديا من قوات «الناتو» من قبل جنود في الجيش والشرطة الأفغانية، مما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بنفس الفترة من الأعوام السابقة.

تسببت هذه الهجمات في إثارة القلق بين الجنود الذين يخوضون الحرب في أفغانستان، وزادت المخاوف بشأن السهولة التي يتمكن من خلالها المتمردون من اختراق القوات الأمنية الأفغانية. لكن طريق أسد الله إلى هجوم يوم الجمعة الأكثر خيانة من كل الحوادث الأخرى، يحكي قصة قدرة طالبان على تحويل أفراد القبيلة الواحدة ضد بعضهم البعض، وتحريض الأب على ابنه. وقبل أربع سنوات تقريبا، بدأت طالبان التخطيط لقتل إحسان الله، والد أسد الله، المسؤول الحكومي والزعيم الديني لمنطقة ياياخيل شرق إقليم باكتيا. إحسان الله، الذي يحب مثل ابنه والكثير من الأفغان، استخدام اسمه الأول فقط، كان يعارض الجهاد في خطبه الدينية، وقد جعلته معارضته العلنية لطالبان في إقليم يغص بالمتمردين هدفا واضحا، بحسب حاج محمد، حاكم الإقليم، الذي قال إنه مقرب من العائلة.

ويروي أحد المسؤولين أنه قبل أن تنفذ طالبان خطة الاغتيال، التقى مقاتلوها مع أسد الله البالغ من العمر 18 عاما آنذاك، والذي شاركهم وجهة النظر بالحديث عن أهمية هزيمة القوات الأميركية والأفغانية والتمرد ضد سياسات والده. ويعتبر السكان المحليون أسد الله عضوا في طالبان منذ سنوات مراهقته الأولى. فعندما أعلمه المتمردون بخططهم لقتل والده، أبدى أسد الله موافقته دون تردد، بحسب مسؤول أميركي تلقى تقريرا عن الحادث من القوات الأمنية الأفغانية وأفراد في الاستخبارات. وأضاف محمد: «قلنا لأسد الله إن والده شهيد، لكنه رفض قبول ذلك، وقال إن والده كان حقيرا، ولا يمكنني أن أقول سوى أنه كان خائنا».

عوضت حكومة أفغانستان العائلة بإرسال أسد الله إلى السعودية - التعويض الشائع لأقارب الموظفين الحكوميين الذين يتعرضون للاغتيال والجنود الذين يقتلون في المعارك. وبعد عودته من الحج بوقت قليل، تحول أسد الله إلى متمرد بالمعنى الكامل وقضى أسابيع في كويتا ووانا، اللتين تعتبران ملاذات آمنة لطالبان في باكستان، بحسب مسؤولين أمنيين أفغان. وحارب لثلاث سنوات واختفى لفترة طويلة قبل العود لفترة وجيزة للإقامة مع أشقائه الخمسة. وقد اعتقل اثنان من إخوته للتحقيق معهما بعد هجوم يوم الجمعة. ويقول عبد الغني باكتين عضو المجلس المحلي: «نشأ ليكون قائدا محليا في طالبان. وقام بتنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية والأفغانية».

قبل ثلاثة أشهر، عاود أسد الله الظهور وأخبر زعماء القرية، اثنان منهم على الأقل كانوا أقاربه، أنه انشق عن طالبان وأنه مستعد للدفاع عن قبيلته ضد المتمردين. وقال مسؤول في الاستخبارات الأفغانية إن أسد الله نجح في المشاركة في برنامج الحكومة لإعادة دمج مقاتلي طالبان السابقين في المجتمع بفضل دعم المسؤولين المحليين. أحد هؤلاء المسؤولين هو محمد رمضان، قائد الشرطة، الذي تبين في ما بعد أنه واثنين كانوا من ضحايا أسد الله وقال الحاج محمد: «قال لي أنا نادم، لن أفعل ذلك مرة أخرى، لقد تعبت من القتال. لكن البعض كانوا متشككين».

فيقول باكتين: «كنت أعلم طوال الوقت أنه عدو للأفغان والمسلمين».

لكن ثلاثة من زعماء القرية أيدوا مصداقية أسد الله، وهو ما يلبي مطلب الشرطة المحلية الأفغانية ويسمح له بالانضمام إلى قوات الشرطة.

الشرطة المحلية الأفغانية هي القوات الأمنية المحلية التي تعين مجنديها للعمل في مسقط رأسهم باستخدام الاتصالات العائلية والقبلية لتمثل جبهة موحدة ضد التمرد. وهي قوة يصفها الجيش الأميركي بأنها ضرورية. وبدعم من الولايات المتحدة يتوقع أن يتضاعف عدد هذه القوة إلى ثلاثة أضعاف من 10.000 إلى 30.000 خلال العامين القادمين.

ويقول جنرال البحرية، جون آلن، قائد «الناتو» البارز في أفغانستان أمام الكونغرس الشهر الماضي: «تشكل الشرطة المحلية الأفغانية تهديدا لطالبان بسبب عامل مهم، هذا العامل المهم في مكافحة الإرهاب هو العامل البشري، وأن هذه القوة الأمنية تحول دون انضمام العنصر البشري إلى طالبان».

لكن تجنيد مواطنين محليين في مناطق مثل ياياخيل، التي لا يزال يهيمن عليها التمرد تمثل أحد أكبر التحديات أمام البرنامج.

فيقول دولت خان زردان، مسؤول الشرطة في باكتيكا: «غالبية الأفراد في ياياخيل كانوا يرتبطون بعلاقات مع طالبان في الماضي». وعادة ما يجد أفراد الشرطة المحلية الأفغانية أنفسهم مجبرين على التأكد مما إذا كان المتمردون السابقون مثل أسد الله صادقين في تحولهم أم أنهم ببساطة يتحينون الفرصة للهجوم على القوات الأميركية والأفغانية. فقبل أربعة أيام من هجوم أسد الله، أطلق جندي في القوة النار على جندي أميركي في إقليم باكتيكا.

ويشير المسؤولون إلى أن أسد الله تلقى تدريبا لمدة 20 يوما في الشرطة المحلية الأفغانية، التي يتوقع على الأرجح أنها كانت من أميركيين وأفغان على حد سواء. ثم انتقل إلى موقع صغير مع أكثر من عشرين جنديا. وتحول بعد سنوات من القتال ضد القوات الأمنية إلى واحد منهم في ثكنة مع أربعة ضباط شرطة آخرين. وانتظر أسد الله قرابة شهر حتى واتته الفرصة لتنفيذ مخططه.

في صباح يوم الجمعة، بعد أن أغرق وجبة زملائه بالحبوب المنومة، التقط أسد الله سلاحه الآلي وقتل أربعة رجال في إحدى الثكنات وخمسة في أخرى. كان أحد القتلى مواطنا مدنيا تصادف وجوده في القاعدة في ذلك اليوم. وفر أسد الله في شاحنة للشرطة مع اثنين من شركائه و10 بنادق و25 مخزن طلقات بندقية. وخلال ساعات من الهجوم واختفاء أسد الله، اجتمع المجلس المحلي لتحديد العقوبة على الأسرة، وقد صوت أعضاؤه لصالح تدمير الممتلكات التي تخص إخوة أسد الله وعمه وجده، ولذا سارع القرويون إلى إضرام النار فيها. وقال باكتين: «أرادت القبيلة أن تبعث برسالة بأن هذا النوع من عمليات القتل غير مقبول».

في الوقت ذاته، عملت قوات «الناتو» والأفغانية على تعقب أسد الله. وقد أشار المسؤولون يوم الجمعة إلى أنهم حددوا مكانه. وبعد سلسلة من أعمال الخيانة والثأر الملتوية، بدأوا التخطيط للانتقام النهائي. وقال علي شاه حميدزاي، قائد الشرطة المحلية الأفغانية: «نحن نعلم مكانه وسوف نقتله».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»