بعثة الاتحاد الأوروبي في دمشق تدعو لإطلاق سراح ناشطين «بشكل عاجل»

فرنسا: 210 آلاف معتقل و65 ألف مفقود وآلاف القتلى والجرحى ضحايا القمع في سوريا

سوريون في مظاهرة بدرعا عقب قصف المدينة (أ.ب)
TT

دعت بعثة المفوضية الأوروبية في دمشق السلطات السورية، أمس، إلى الإفراج «بشكل عاجل» عن الناشط مازن درويش وزملائه الذين تم اعتقالهم في 16 فبراير (شباط) الماضي، معربة عن «قلقها البالغ» على سلامة المعتقلين.. بينما كشفت الخارجية الفرنسية عن أرقام ضخمة تبين المستوى غير المسبوق الذي وصلت إليه عمليات القمع والعنف المستمرة منذ ما يزيد على العام.

وذكرت بعثة المفوضية الأوروبية، أمس، في بيان «محلي»، قالت إنها أصدرته «بالاتفاق مع رؤساء بعثات دول الاتحاد الأوروبي»، أن الاتحاد يدعو إلى «إطلاق المدافعين عن حقوق الإنسان الثمانية على وجه عاجل، كما يدعو إلى احترام حرية المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل القيام بعملهم».

وأدان الاتحاد الأوروبي في البيان «استمرار اعتقال رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، السيد مازن درويش، من دون تهم، إلى جانب سبعة آخرين من المدافعين عن حقوق الإنسان».. والمعتقلون السبعة، بالإضافة إلى درويش، هم: هاني زيتاني، وعبد الرحمن حمادة، وحسين غرير، ومنصور العمري، وجوان فرسو، وايهم غزول، وبسام الأحمد.

وأشار البيان، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن المعتقلين لا يزالون «رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، من دون إمكانية التواصل مع الأصدقاء والزملاء وأفراد العائلات أو المحامين»، وأنهم «لم يتهموا بأي جرم رسمي ولم يمثلوا أمام القضاء».. وأعربت البعثة باسم الاتحاد عن «قلقها البالغ على سلامة المعتقلين، لا سيما التقارير المتعلقة بتدهور الوضع الصحي للسيد درويش».

كانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، قد طالبت بـ«الإفراج الفوري» عن مازن درويش ورزان غزاوي وناشطين حقوقيين آخرين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية في مكتب درويش في دمشق في 16 فبراير الماضي.. وأفرجت السلطات السورية بتاريخ 20 فبراير عن الناشطات، لكنها أبقت على الناشطين محتجزين، بحسب أحد الحقوقيين.

ونددت فرنسا، في منتصف فبراير، بتوقيف مازن درويش و15 شخصا من الذين يتعاملون معه حين كانوا في مقر منظمته غير الحكومية، وطالبت السلطات بالإفراج عنه، مشيرة إلى أن «حياته معرضة للخطر».

ومازن درويش، وهو من مواليد 1974، صحافي وعضو في الاتحاد الدولي للصحافيين ومؤسس ورئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، كما يشغل منصب نائب رئيس المعهد الدولي للتعاون والمساندة في بروكسل، وعضو في المكتب الدولي لمنظمة «مراسلين بلا حدود».. كان المركز الذي يديره في دمشق يقوم بنشاطاته من دون ترخيص، وذلك بعد أن أغلقته السلطات قبل 4 سنوات.

في سياق ذي صلة، قالت الخارجية الفرنسية، أمس، إنها توصلت إلى أرقام ضخمة من ضحايا القمع والعنف في سوريا، تبين المستوى غير المسبوق الذي وصلت إليه تلك العمليات المستمرة منذ ما يزيد على العام، موضحة أنها استقت أرقامها من مصادر كثيرة، من بينها الأمم المتحدة والهيئة العليا للاجئين والصليب الأحمر الدولي، وأنها «تتقاسم» هذه الأرقام مع الجهات المعنية في نيويورك وجنيف وبروكسل.

وبحسب الناطق باسم الخارجية، برنار فاليرو، فإن عدد الضحايا تجاوز 10 آلاف قتيل و75 ألف جريح، بينما فقد ما لا يقل عن 65 ألف شخص. أما الرقم المخيف فيتناول عدد المعتقلين الذين بلغوا 210 آلاف شخص، ويمثل الإفراج عنهم إحدى نقاط خطة أنان التي تتضمن ستة بنود. وتفيد الأرقام الفرنسية بأن عدد المهجرين إلى بلدان الجوار وصل إلى 50 ألف شخص موزعين بشكل رئيسي على لبنان وتركيا والأردن.

من جهة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستساعد في تمويل مبادرة جديدة لتدريب محققين سوريين على توثيق الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان، وذلك سعيا لضمان محاسبة المسؤولين في حملة القمع المستمرة منذ عام ضد المناهضين للنظام السوري.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، مساء أول من أمس، أن الولايات المتحدة ستقدم مبلغا أوليا بقيمة 1.25 مليون دولار لـ«مركز تجميع المعلومات حول المحاسبة في سوريا»، والذي أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مؤتمر إسطنبول الذي عقد خلال اليومين الماضيين.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الأميركية، أن الولايات المتحدة «تقترب خطوة من الاعتراف بأن مرتكبي هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا يجب أن يحاسبوا، وأن الشعب السوري سيقود الطريق».

وقال البيان، إن مركز تجميع المعلومات حول المحاسبة في سوريا سيحتفظ بأدلة عن الانتهاكات، وسيقدم التدريب للمحققين والمحامين وجماعات حقوق الإنسان التي تحقق في الانتهاكات المفترضة.

وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند على أن مهمة المركز ستقوم على توثيق الجرائم التي ارتكبها نظام بشار الأسد، وأيضا عناصر المعارضة. وصرحت نولاند أمام صحافيين، بأن «الهدف من المركز هو تلقي معلومات حول كل أنواع الفظائع أيا كان الجانب الذي ارتكبها». وسيشمل المركز «وحدة ادعاء» للعمل على القضايا المستقبلية التي يمكن أن تنظر أمام المحاكم السورية أو الدولية أو أي محاكم أخرى. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إنها ستعمل مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان وعدد من الدول. وأعلنت بريطانيا الأسبوع الماضي عن تقديم مبلغ إضافي للمعارضة السورية قدره نصف مليون جنيه إسترليني (نحو 800 ألف دولار)، لاستخدام جزء منه في مساعدة النشطاء على تسجيل الانتهاكات.