مصادر برلمانية: «العسكري» يسعى لتوريط الإسلاميين في صدام مع المجتمع

بعد الإخفاق في حل أزمة «تأسيسية الدستور» والصراع الدائر مع جماعة الإخوان

TT

تعقد الجمعية التأسيسية، التي شكلها البرلمان المصري لوضع الدستور الجديد للبلاد، ثاني اجتماعاتها اليوم (الأربعاء) برئاسة الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب، من أجل الشروع في آليات صياغة دستور جديد يحل محل دستور عام 1971 الذي أسقطته ثورة «25 يناير».

وبينما فشلت كل الحلول المطروحة حتى الآن لإثناء قوى ليبرالية ومدنية وكذلك الأزهر الشريف والكنيسة عن قرارهم الانسحاب من الجمعية التي اعتبروها «باطلة وغير ممثلة لجميع فئات الشعب»، قالت مصادر برلمانية مصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم)، يرفض التدخل في الأزمة من أجل توريط أنصار التيار الإسلامي (الإخوان والسلفيون)، في صدام مجتمعي مع جميع القوى الأخرى ومن ثم إثبات فشلهم.

وتغلب على الجمعية التأسيسية للدستور، التي تتشكل من 100 عضو صبغة «إسلامية» واضحة، بعد انسحاب نحو 30 عضوا ينتمون إلى تيارات مدنية وليبرالية، إضافة إلى ممثلي الأزهر والكنيسة، بسبب سيطرة تيار الإسلام السياسي عليها، والتي تصل إلى نحو 70 في المائة من أعضائها، وفشلت كل الجهود حتى الآن في عدولهم عن قرار الانسحاب والعودة إلى الجمعية.

وقرر مجمع البحوث الإسلامية في اجتماعه الطارئ، أمس، الذي عقد برئاسة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، التمسك بقراره السابق الخاص بعدم المشاركة في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. وأكد مستشار شيخ الأزهر محمود عزب عدم رضا الأزهر عن تمثيله كجهة أثبتت أنها بيت الأمة، كما أن الجمعية التأسيسية الحالية لا تمثل كل أطياف الأمة، موضحا أن مجمع البحوث ناقش جميع المقترحات التي قدمها حزب الحرية والعدالة للأزهر للعودة إلى الجمعية، لكنها غير كافية.

ومن جهتها، قالت مصادر برلمانية مصرية إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم) يرفض التدخل ووضع حلول جذرية في الأزمات الحالية التي تمر بها البلاد، وآخرها المتعلقة بتأسيسية الدستور، من أجل توريط أنصار التيار الإسلامي، الذين يمتلكون الأغلبية البرلمانية، في صدام مجتمعي مع جميع القوى الأخرى، ومن ثم يظهرون لدى الشارع المصري ولدى المجتمع في موقف غير القادر على العمل وفقا لمتطلبات المرحلة الانتقالية.

وتسيطر الأحزاب الإسلامية، ممثلة في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك حزب النور السلفي، على نحو ثلثي البرلمان المصري بمجلسيه (الشعب والشورى)، كما تسعى إلى تشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومة كمال الجنزوري، لكن المجلس العسكري، رفض ذلك، مؤكدا أنه ما زال يتولى قيادة السلطة التنفيذية التي يحق لها تشكيل الحكومة.

ومنذ أيام أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عزمها تقديم نائب المرشد العام للجماعة المهندس خيرت الشاطر للترشح لرئاسة الجمهورية، ما أثار مخاوف من سعي الجماعة للسيطرة على كل سلطات الدولة. وقال مراقبون إن ترشح الشاطر يأتي في إطار صراع محموم بين المجلس العسكري والإخوان على السلطة في المرحلة المقبلة بعد انتهاء ما سمي «شهر العسل» بينهما.

وقال النائب عن حزب الكرامة (القومي) سعد عبود، إن المجلس العسكري يرفض التدخل في أزمة الدستور مفضلا الصدام الحاصل حاليا، من أجل أن يقلم أظافر القوى الإسلامية، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس العسكري لم يتمكن من إدارة الأمور بشكل جيد، ويحاول حاليا الإثبات للجميع أن الإخوان والقوى الإسلامية الأخرى فشلت في لمّ الشمل». وأكد عبود أن كلا من جماعة الإخوان المسلمين والعسكر يسعى لتأمين وضعه في الدستور الجديد والحصول على أكبر قدر من المكاسب، بصرف النظر عن أن الشعب يدفع الثمن.

وتوقع عبود أن يتخذ غدا قرار حاسم في الجمعية التأسيسية عبر العودة إلى البرلمان مرة أخرى لبحث تشكيل الجمعية التأسيسية، وقال «من الواضح أن الأمور لا تسري في اتجاه التوافق».

من جهته، قال النائب المستقل الدكتور عمرو حمزاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس العسكري طرف في المعادلة السياسية المصرية وله مصالح يسعى إلى حمايتها، كما أنه يشعر مثل الجميع أن هناك طرفا من الأطراف المنتخبة (الإسلاميين) يحاول الهيمنة على الحياة السياسية بالكامل».

وأوضح حمزاوي أن «المسألة تدار بحساب المصالح ورؤية المجلس العسكري للأفضل له، لكن في النهاية هناك محددات على حركتهم (العسكر) فهم لا يملكون الانقلاب على اللعبة الديمقراطية مثل تأجيل الانتخابات الرئاسية مثلا».

وكشف حمزاوي عن لقاءات ومفاوضات دارت خلال الأيام الماضية بين الأعضاء المنسحبين من الجمعية التأسيسية للدستور مع عدد من الأعضاء غير المنسحبين للتوصل إلى حلول لكنها لم تصل إلى نتيجة مرضية.