مصريون يتخوفون من مفاجآت تزيد المصاعب الأمنية والاقتصادية في البلاد

الجدل السياسي والديني حول مرشحي الرئاسة يصيب البعض بالضجر

TT

خسر الاختصاصي الاجتماعي «وائل» وظيفته في المؤسسة التي عمل فيها لعقدين، والآن يعمل كسائق سيارة أجرة (تاكسي) في شوارع القاهرة المزدحمة، وفقد ملايين المصريين وظائفهم في قطاعي السياحة والصناعة وغيرهما، وأعلنت الحكومة أخيرا أن البلاد فقدت 80% من الاحتياطي الاستراتيجي من النقد الأجنبي.

ويقول الاختصاصي وائل، الذي تخرج في جامعة القاهرة منذ 20 عاما، إن السبب في انقلاب حياته يرجع للاحتجاجات المليونية التي ضربت عموم مصر العام الماضي، وخلافا لما يفعله قطاع من المصريين، لم يستخدم وائل كلمة «ثورة 25 يناير (كانون الثاني)» في حديثه طوال ساعة عبر طرق وجسور ومنحنيات. وعلى غير ما هو شائع، ليس لدى وائل أي خوف من تولي الإسلاميين رئاسة الدولة، لماذا؟ لأنه يعتقد أنهم، ببساطة، أقل قدرة على مناطحة مؤسسة الجيش القوية، وأقل قدرة على تحمل مسؤولية الحكم.. «نحن نحتاج رجلا لقيادة دولة لا مدرسة». ومنذ حاز الإسلاميون على الأغلبية في البرلمان، والأزمات تعصف بالبلاد من نقص في البنزين والسولار والغاز، إضافة إلى تزايد نسبة البطالة وتوقف الأعمال في الكثير من المجالات، وفوق هذا كله الانفلات الأمني.

ويقول شبان حائرون من ائتلاف الثورة بجنوب القاهرة، بينهم إسلاميون ويساريون: «لا نشعر بأن البرلمان غير أي شيء.. مجرد كلام وكلام دون فعل». ويتهم نواب إسلاميون الحكومة بأنها تتعمد هذا الأمر لإظهار فشل البرلمان.. ولا يملك البرلمان، وفقا للإعلان الدستوري الذي وضعه الجيش، إقالة الحكومة أو تعيين حكومة جديدة، مشيرين إلى أن استمرار الخصومة بين النواب والوزراء المحميين من المجلس العسكري يزيد التوتر في البلاد. ويريد الشبان الذين أشعلوا الثورة ضد مبارك مردودا لثورتهم، مثلهم مثل ملايين المصريين. ويضيف البسيط: نريد التخلص من الجدل الذي لا ينتهي عمن يمكن أن يتولى دفة البلاد.

ويقول علي عبد الله، صاحب شركة استيراد وتصدير في ضاحية الزمالك عضو في حزب المصريين الأحرار، إن الانقسامات بين الإسلاميين واستغراقهم في التفاسير الدينية عمن يصلح وعمن لا يصلح، أصبحت لا تحتمل.. «نحن لا نبحث عن تفاسير فقهية، نحن نريد الاستقرار وعودة الأعمال». واضطر الرجل لتسريح عدد من العاملين لديه، وهو أمر قام به أيضا أصحاب مصانع وشركات وفنادق. ولم يكن غالبية المصريين يهتمون بمسألة انتخاب رئيس من بينهم لإدارة شؤون البلاد. نظام اختيار رئيس لمصر ظل منذ ظهور الجيش على المسرح السياسي عام 1952 يسير بآلية الاستفتاء، على مرشح واحد بـ«نعم» أو«لا».

وأول من وضع تقليد الانتخابات الرئاسية من بين أكثر من مرشح هو مبارك نفسه من خلال تعديل دستوري مفاجئ في عام 2005.

وعلى غير المعتاد، أصبح المصريون يتابعون كل واردة وشاردة في الفضاء السياسي الآخذ في الاتساع. وأعربت قيادات سياسية عن تخوفهم من مادة في الإعلان الدستوري الذي وضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد منذ العام الماضي، وهي المادة رقم 28 التي تحصن قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من أي طعن. ويتخوف مرشحون للرئاسة من هذه المادة التي وصفها عمرو موسى المرشح الرئاسي، بأنها «من مواريث العهد الماضي».

وفي متجره المطل على ميدان طلعت حرب وسط العاصمة، يوضح سعيد أسعد، البالغ من العمر 37 عاما، أنه أصبح يصاب بالفزع من كثرة الجدل حول مواقع التواصل الاجتماعي حول مستقبل مصر. ويقول سعيد: «الأمر أشبه بأن هناك بيتا يوشك على السقوط، بينما أحدهم يسأل عن موعد وجبة الغداء.. هذا استفزاز، المفروض إنقاذ البيت أولا».