تونس: المؤسسة العسكرية تنفي نيتها التدخل في الشأن السياسي

عدد المجندين طوعا تضاعف 5 مرات بعد «الثورة»

TT

نفى الجنرال رشيد عمار، قائد أركان الجيوش التونسية، نية التدخل في الشأن السياسي في البلاد بعد ترويج أخبار عن قرب تدخل الجيش لمواجهة التيار السلفي. وانتقد الجنرال عمار من يروج تلك الأخبار، معتبرا إياها مزاعم يراد من ورائها إدخال البلاد في حالة من الفوضى والاقتتال الداخلي، وأن الجيش التونسي لن يسمح بحدوث ذلك، مشيرا إلى أن من يريد حصول ذلك فهو واهم.

وفند الجنرال عمار كل الأخبار التي تسربت نهاية الأسبوع الماضي، بعد لقاء جرى بينه وبين علي العريض، وزير الداخلية، وسهام بادي، وزيرة المرأة، عن وجود نية للتصدي للسلفيين وإيقافهم عند حدهم. ونسبت التصريحات للجنرال عمار قوله باللغة الفرنسية «في القريب العاجل سأصفر نهاية الفسحة»، إلا أن الجنرال عمار تدخل مؤخرا في برنامج تلفزيوني ليفند هذه التصريحات المزعومة، وقال: إن «ما راج عن قراره التصدي للتيار السلفي هو عار عن الصحة تماما». وأضاف موضحا: «الجيش التونسي لا يتدخل في الشؤون السياسية للبلاد»، وأرجع الأمور إلى الحكومة المنتخبة من قبل الشعب فهي، على حد قوله، المدعوة إلى إدارة الشؤون العامة للبلاد.

وكان راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، قد أشار في لقاء صحافي عقد بمقر الحركة إلى أن فئة من التونسيين أصبحت تنادي بتدخل الجنرال عمار في الشؤون السياسية، مشيرا إلى أن الجيش حمى الثورة في أصعب فتراتها، ولم يحدث أن تدخل في الشأن السياسي.

وقرأت تصريحات الغنوشي على أساس وجود نوايا من قبل الأقلية المعارضة للاستنجاد بالمؤسسة العسكرية التونسية إذا ما أصرت حركة النهضة على اعتماد الشريعة كمصدر وحيد وأساسي للتشريع عند صياغة الدستور الجديد، وهو ما قد يعيد نفس السيناريو الذي حدث مع تجربة وصول الإسلاميين إلى الحكم وانقلاب الجيش على الشرعية بعد الإفصاح عن نوايا تطبيق الشريعة دون مراعاة لواقع البلاد.

ولم يحدث في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية أن تدخلت مباشرة في الشأن السياسي. وينسب للجنرال عمار شخصيا دوره الحيوي في إنجاح الثورة التونسية بإعطائه الأمر إلى القوات العسكرية بعدم إطلاق النار على المحتجين. وقد خيره الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بين إطلاق النار أو الاستقالة فاختار الحل الثاني. وهو ما جعل بن علي يتخذ قرارا عاجلا بإبعاده، وتعيين الجنرال أحمد شبير، قائد الاستخبارات العسكرية التونسية مكانه. إلا أن الجنرال عمار عاد إلى الساحة بعد قرابة 10 أيام من الاختفاء، وتحدث إلى المتظاهرين يوم 24 يناير (كانون الثاني) 2011 في ساحة القصبة حيث مقر رئاسة الحكومة. وكان فرحات الراجحي، وزير الداخلية في حكومة الباجي قائد السبسي قد فجر في مايو (أيار) الماضي مفاجأة من العيار الثقيل خلال مقابلة مع صحافيين قال فيها إن الجنرال عمار سيقود انقلابا عسكريا في حال فوز حركة النهضة الإسلامية بانتخابات المجلس التأسيسي التي كان مقررا آنذاك تنظيمها في 24 يوليو (تموز) 2011.

واعتبر الراجحي أن تعيين الجنرال عمار رئيسا لأركان الجيوش التونسية يعتبر «استعدادا لانقلاب عسكري سيقوم به إذا وصلت حركة النهضة للسلطة». إلا أن الأحداث التي تلت الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس التأسيسي ليوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) من نفس السنة فندت تصريحات الراجحي، ولم يتدخل الجيش بعد فوز حركة النهضة بالمركز الأول في الاقتراع.

على صعيد اخرر، أعلن مصدر بوزارة الدفاع التونسية أمس أن عدد الشبان التونسيين الذين تقدموا «طوعا» لأداء الخدمة العسكرية خلال عام 2011 تضاعف 5 مرات مقارنة بالسنوات الأخيرة ليبلغ 16 ألف مجند.

وقال العميد مختار بن نصر، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع، لوكالة الأنباء الألمانية، قبل الثورة (التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي): «كان يتقدم إلى التجنيد ما بين 2400 و3200 شاب سنويا وخلال 2011 ارتفع العدد بشكل كبير ليبلغ 16 ألفا». وأضاف أن «التجنيد في تونس يتم على 4 دفعات الأولى في شهر مارس (آذار)، والثانية في يونيو (حزيران)، والثالثة في سبتمبر (أيلول)، والرابعة والأخيرة في ديسمبر (كانون الأول). وذكر أن القانون التونسي يلزم كل شاب يبلغ سن العشرين بأداء الخدمة العسكرية التي تتواصل 12 شهرا. ويبلغ نحو 70 ألف تونسي سن العشرين سنويا إلا أن أعدادا قليلة منهم تتقدم طواعية إلى التجنيد.

ويقول مهتمون بالشأن التونسي إن الجيش أصبح يحظى بسمعة «ممتازة» بالبلاد منذ أن رفضت قياداته تطبيق تعليمات الرئيس التونسي المخلوع بقمع المحتجين الذين خرجوا بمظاهرات بمختلف أنحاء البلاد مطالبين بتنحيه عن الحكم.