نتنياهو يدعم مغتصبي بيت في الخليل ويمنع تنفيذ قرار محكمة بإخلائه

المستوطنون يقدمون أوراقا تدل على أنهم اشتروا البيت من سمسار فلسطيني جنّده ضابط مخابرات إسرائيلي

جنديان إسرائيليان يحرسان المنزل الذي استولى عليه المستوطنون في الخليل، أمس (أ.ف.ب)
TT

تحدى وزراء اليمين الإسرائيلي الحاكم ومعهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قرار محكمة العدل العليا القاضي بإخلاء بيت فلسطيني استولى عليه المستوطنون في قلب مدينة الخليل، على مقربة من الحرم الإبراهيمي. وجمد نتنياهو القرار الذي اتخذته قيادة الجيش بإخلاء البيت، «تفاديا لأضرار أمنية». وقام بعض وزرائه بزيارة تضامنية للمستوطنين المتطرفين. وراحوا يهاجمون وزير الدفاع إيهود باراك، ويتهمونه بالعداء للمستوطنين عموما وللاستيطان في الخليل بوجه خاص.

وكانت مجموعة من المستوطنين قد استولت على البيت المذكور، مساء الخميس الماضي، عشية إحياء الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأرض وانطلاق مسيرة القدس العالمية. وبدا واضحا أنهم اختاروا هذا التوقيت، من أجل تفجير الأوضاع في المنطقة وقطع الطريق على كل من يسعى إلى استئناف المفاوضات السلمية، علما بأن الإدارة الأميركية كانت قد أبلغت في مطلع الأسبوع الماضي أنها تنوي إرسال مندوب عنها لحث الطرفين على العودة إلى طاولة المفاوضات.

وادعى هؤلاء المستوطنون أنهم اشتروا البيت الفلسطيني المذكور، وفق عقد بيع وشراء رسمي لا غبار عليه. ولكن الفلسطينيين من جهتهم، نفوا هذا الادعاء وقالوا إنه في حال وجود عقد، فإن شيئا ما سيكون فيه مزيفا حتما، لأن البيت ما زال بملكية فلسطينية. وتوجه أحد المسجلين من أصحاب البيت وحركة «سلام الآن» الإسرائيلية إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية بدعوى لإبطال هذه الصفقة وإخلاء المستوطنين من البيت. واستجابت المحكمة للطلب، خصوصا أن الجيش وافق على الإخلاء وقال أمام القاضي إن الاستيلاء على البيت يهدد بانفجار صدامات مع الفلسطينيين. وأمرت بإخلاء المبنى إلى حين تتضح الصورة ومدى مصداقية الوثائق التي يحملها المستوطنون ومقارنتها بالوثائق الفلسطينية. وإثر ذلك، أعلنت وزارة الدفاع في الساعة الثالثة من بعد ظهر أمس، مهلة أخيرة أمام المستوطنين لإخلاء البيت بإرادتهم، وإلا فإن قوات الجيش ستقوم بإخلائهم بالقوة.

ولكن المستوطنين مارسوا ضغوطا واسعة على نتنياهو ووزرائه، ليمنعوا الإخلاء، مؤكدين أن لديهم وثائق تؤكد حقهم في البيت وأن الفلسطينيين «لن يفجروا الأوضاع الأمنية، فهم يعرفون الحقيقة». وعرضوا على السلطات المختصة، أمس، وثائق لتثبيت ملكيتهم للبيت. وحسب الأوراق التي عرضت على النيابة العسكرية، فإن الملك كان مسجلا على اسم فلسطينيين، ورثه أحدهما لفلسطيني يدعى حسني التميمي وأن التميمي باع الملك لـ «رجل الخفاء» التابع للمستوطنين الذي يدعى محمد أبو شهلة، وهو باعه بدوره لشركة «العايدون» الإسرائيلية الاستيطانية. وقالت مصادر فلسطينية في الخليل، إن أبو شهلة هو غزاوي بالأصل وعمل في أجهزة الأمن الفلسطينية وهكذا وصل إلى الضفة الغربية، وأنه قام في السنوات الأخيرة بإبرام الكثير من الصفقات وأنه معتقل الآن في أحد سجون السلطة. وأضافت أن أبو شهلة توسط بين المستوطنين وأصحاب البيت، قبل أن يشتريه ويبيعه لشركة «العايدون» التي باعته بدورها للمستوطنين.

ويتبين أن البيت، حسب أوراق المستوطنين، بيع بأضعاف سعره الحقيقي، لأن أسعار البيوت في هذا الحي انهارت في حينه بسبب وقوعه في مكان تحظر فيه قوات الاحتلال مرور السيارات الفلسطينية، الأمر الذي دعا الكثير من أصحاب البيوت هناك لهجرها وحفز المستوطنين بالمقابل على الاستيلاء عليها.

ونجح المستوطنون في تجنيد الكثير من الوزراء، بينهم نتنياهو نفسه الذي اتصل بباراك، بصفته مسؤولا مباشرا عن المناطق المحتلة، وطلب منه «تأجيل» عملية الإخلاء المقررة أمس، حتى التدقيق في وثائق المستوطنين. وتوجه وزير الداخلية الإسرائيلي، إيلي يشاي، إلى نتنياهو، طالبا أن يصدر تعليماته إلى الأجهزة الأمنية أن «تتعقل» قبل اتخاذ أي إجراء. وتوجه وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، إلى الخليل للإعراب عن تضامنه. وهاجمت جيلا جملئيل، نائبة وزير في ديوان رئيس الوزراء، باراك شخصيا بدعوى أنه معاد للاستيطان في الخليل. واتهمته بإحراج الحكومة مع جمهورها. وأيد وزيرا المعارف جدعون ساعر، والإعلام يولي أدلشتاين، الاستيلاء على البيت الفلسطيني، وداعيا باراك لإلغاء أمر الإخلاء.

ولكن وزارة الدفاع أوضحت أنها اتخذت قراراتها لإخلاء البيت في الخليل بناء على توصيات قيادة الجيش. ونقلت صحيفة «هآرتس»، أمس، على لسان ضباط في الجيش قولهم إن اقتحام البيت هو استفزاز سياسي مقصود. وإن السياسيين يمارسون ضغوطا غير عادية على الجيش.